الاستشارة: السَّلام عليكم ورحمة الله.. أنا شاب ملتزم أدرس في إحدى الجامعات، بمجرّد دخولي للجامعة انخرطت في المجال الدَّعوة إلى الله، لكن هذا الأمر لم يعجب أهلي إطلاقاً، وشنّوا عليَّ الكثير من الهجمات، ومارسوا علينا الضغوط بعد الضغوط . حاولنا اجتناب الصِّدام معهم في معظم الأحيان. حاولت أن أعمل للدَّعوة لكن بدون علم الأهل حتى لا يقع صدام بيني وبينهم. لكن أقرباء لي اتصلوا بأبي، وقالوا له: إنَّ ابنك يوزِّع كتباً دعوية في الجامعة، وإن ابنك يبقى في المسجد، والآن يصرّون على حلق لحيتي وعدم القيام بأّيّ نشاط للدَّعوة في الجامعة. وفقط الاهتمام بدراستي، وأنا الآن في حيرة من أمري، من جهة مستحيل أن أستجيب لضغوطهم لكنني بدأت أفكر بترك المنزل ولو بشكل مؤقت. هل هذا يعد عقوق للوالدين أم لا؟
وصلت لطريق مسدود معهم للأسف، ولا مجال إلى اتخاذ قرار حاسم؛ إمَّا ديني ودعوتي، أو أهلي.. ماذا تنصحوني أن أعمل؟ وبارك الله فيكم.
الرَّد : الدكتور جمال ماضي*
ليس الأمر بهذه المفارقة: إما ديني ودعوتي أو أهلي، فدينك ودعوتك فيهما الحلّ وهما الدواء لما تعانيه مع أهلك! وحرصك على برّ الوالدين يحمد لك، وهذا أمر إيجابي في الشباب الصَّالحين، لا يجعلهم أبداً في حيرة من أمرهم، وعليك بما متعك الله به من استقامة وحذر من عقوق الوالدين أن تواجه ولا تهرب فتزيد الأمر تعقيداً، فتركك للمنزل ليس حلاً، بل إنَّه يزيد الأمر تعقيداً لأنَّه يصنع مشكلة جديدة لم تكن في الحسبان، والحل في يديك بممارسة الدَّعوة معهما بالحب والحسني وتطمينهم بأنَّ ما تفعله هو نتاج تربيتهم الصَّالحة لك، ولهما الأجر العظيم، خاصة الوالد لا تجعل أفعالك أسراراً بل عرفه بالدَّعوة وأصحابك، وزد من القرب منه، لأنَّ كلَّما تقربت إليه تقربت منه دعوتك، وانشط في مذاكرتك وتفوق فالدَّاعية الحق لابد أن يكون دائماً الأوَّل، وبادر بأداء دورك في المنزل، ولا تقصر فكل تقصير هو اتهام لدعوتك، وهكذا تكون الدَّعوة حلاً لكل ما تعانيه، لأنَّ تأييد الله لك وتوفيقه سيكون حليفك، فيضع الله لك القبول في قلب والديك، فتفوز بالدعوة والوالدين معاً.
-----------------------------
*المستشار الدعوي والتربوي لبصائر