كشف التقرير الاستراتيجي الصَّادر عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار) عن قلق الكيان الصهيوني من التحولات الجارية في العالم العربي، وخصوصاً بعد النجاحات التي حققتها الحركات الإسلامية في الانتخابات التونسية، والمصرية والمغربية، وبوادر ارتفاع قوتها في ليبيا، ممَّا يؤكّد أنَّ سياسة الجدار الحديدي المبنية على أنَّ العرب هم تهديد جذري لن يتغير.
وشدَّد التقرير على أنَّ للثورات العربية أثر خاص على دولة الاحتلال، حيث أعادت نفض خارطة التحالفات الإقليمية، فقد خسرت دولة الاحتلال نظام مبارك في مصر، وبهذا تخسر دولة الاحتلال آخر حلفائها بعد خسارتها نظام الشاه في إيران أولاً، وتركيا ثانياً. وأصبحت اليوم دولة من غير حليف إقليمي مهم. فإلى جانب قلق دولة الاحتلال من أن تتحوَّل المنطقة إلى تهديد استراتيجي لها، بعد أن كانت منطقة مستقرة أمنياً، خصوصاً بعد صعود التيار الإسلامي في مصر، وما ظهر من تغيّر للنظرة من قبل المصريين لدولة الاحتلال، فإنَّ دولة الاحتلال تخشى بعد خسارتها مبارك( الزعيم المتفهم) أن تتحوَّل إلى دولة معادية تدريجياً وأن يتم إلغاء اتفاقية كامب ديفيد، وهو ما يعني عملياً أن تعود إلى الظروف الأمنية التي سادت قبل حرب 1967.
أمَّا فيما يتعلق بالوضع في سوريا، فإنَّ التحليلات الصهيونية تتفاوت في قراءة مستقبل سوريا سواء سقط نظام الأسد، أو نجح في البقاء، إلاَّ أنَّها تتخوف، من تحول جبهة سوريا إلى مصدر للخطر الأمني عبر دخولها في حالة من الفوضى أو الحرب الأهلية، ممَّا يعني أنَّ سوريا – حتى ولو بقي النظام- ستتحوَّل إلى دولة ضعيفة بنيوياً واستراتيجياً، ولا يستبعد حينها من تقسيم البلاد إلى مناطق لنفوذ جماعات منشقة أو مسلحة، ممَّا يعني إمكانية دخول منظمات "جهادية" تحوّل جبهة الجولان إلى جبهة نشطة.
المشهد العام لدولة الاحتلال
أشار التقرير بناء على معطيات دائرة الإحصاء المركزية إلى أنَّ عدد سكان دولة الاحتلال بلغ في نهاية عام 2011 حوالي 7,836 مليون نسمة يشكل العرب ما نسبته 20,5%. في حين يشكل اليهود الأشكناز ( ذو الأصول الأوروبية والأمريكية) 2,2 مليون نسمة، أي ما نسبته 36% من تعداد اليهود. وقد سجل العرب المسلمون أعلى معدل للنمو السكاني حيث وصل إلى 2,7% فيما كانت نسبة نمو اليهود 1,7%.
التحولات الداخلية ..تشهد دولة الاحتلال تحولات داخلية بنيوية تتحول معها إلى دولة أكثر يمينية مما سبق، فيما تتراجع قوى العلمانية واليسارية
تشهد دولة الاحتلال تحولات داخلية بنيوية تتحول معها إلى دولة أكثر يمينية مما سبق، فيما تتراجع قوى العلمانية واليسارية، في حين كانت حركة الاحتجاج في داخل دولة الاحتلال، والتي رفعت شعارات العدالة الاجتماعية قد كشفت عن الصراعات الداخلية التي تتنازع دولة الاحتلال، بين قطب يحاول استرداد قيم (الصهيونية الاشتراكية القديمة) التي مثلها سابقاً حزب العمل وأحزاب اليسار، وبين قطب يحاول إعادة إنتاج (صهيونية جديدة) يمينية نيو-ليبرالية قومية ويهودية، يمثلها تحالف يشاي- ليبرمان – نتنياهو.
ويعدُّ عام 2011 عاماً شاهداً على الكثير من التحوّلات اليمينية في دولة الاحتلال، منها الهجوم على المحكمة العليا لكبح توجهاتها الليبرالية، وعلى المنظمات اليسارية، وعلى وسائل الإعلام والصحفيين، وعلى التيارات الأكاديمية النقدية، بالإضافة إلى تصعيد الهجوم على المواطنين الفلسطينيين سواء من خلال سن قوانين أخرى، أم من خلال اتخاذ إجراءات ترمي إلى تضييق الخناق على حقوقهم ووجودهم كما هو الحال في منطقة النقب.
الفلسطينيون داخل دولة الاحتلال
أشار التقرير إلى أنَّ العام 2011 قد شهد استمراراً في انتهاج سياسات التضييق وتشديد الخناق على الفلسطينيين القاطنين داخل دولة الاحتلال، وتجلّى ذلك في القوانين التي تم سنها أو تقديمها للكنسيت، وفي انتهاج سياسات استهدافية من جهة أخرى، ومن الأمثلة على هذه الأمور، قانون منع إحياء ذكرى النكبة الفلسطينية، وقانون لجان القبول، والذي يشترط على كل من يسعى للانتقال إلى بلدة صغيرة في منطقتي النقب والجليل الحصول على موافقة من لجان قبول تتألف من سكان المدينة وعضو في الوكالة اليهودية أو المنظمة الصهيونية العالمية. إضافة إلى قانون المواطنة، الذي يتيح سحب المواطنة ممَّن أدينوا بمخالفات (إرهابية) وبالتجسس والمساس بسيادة الدولة.
بإمكانكم تحميل ملخص التقرير من خلال الرابط التالي
http://www.madarcenter.org/files/strategic-report2012.pdf