يعدُّ القائد جزءاً من الدَّعوة، ولا دعوةَ بغير قيادة، وعلى قدر الثقة المتبادلة بين القائد والجنود تكون قوَّة نظام الجماعة، وإحكام خططها، ونجاحها في الوصول إلى غايتها، وتغلبها على ما يعترضها من عقبات.
وكغيرها من الجماعات الإنسانية، تمرّ الحركات الإسلامية، بفترات "صعود"، تكون إحدى أهم سماته حالة الانسجام الرائع بين الجنود والقيادة، بفضل ثقة الطرفين شبه الكاملة ببعضهما البعض.
وتمرّ عليها كذلك فترات "هبوط"، يكون كذلك أحد أهم خصائصها اهتزاز ثقة القاعدة بالقيادة، وهو الأمر الذي يتسبَّب بضعف الجسد التنظيمي والدَّعوي للجماعة، ويدفع أحياناً بالأعضاء نحو الإحباط والتفكير الجاد في مغادرة صفوف الحركة.
فلماذا يعتمد مبدأ الثقة كأساس وضرورة لا بد منها داخل الحركات الإسلامية، وأين تكمن أهمية توفر عنصر الثقة لدى الأفراد بقيادتهم داخل الحركات؟ وكيف يتعامل قادة الحركات الإسلامية مع المواقف المتصادمة التي تصدر من الأفراد المنتمين للحركة؟ وما هو الأثر الذي يمكن أن يتركه تراجع ثقة الأفراد بحركتهم وقيادتهم؟
بناء أيَّ تنظيم حركي ناهض يستلزم توفر الثقة بين أفراد الصَّف بعضهم البعض وبين القيادة والقواعد
هذه الأسئلة وغيرها أجاب عنها، المفكر الإسلامي الدكتور محمد شهاب، عضو المجلس التشريعي الفلسطيني، عن محافظة شمال غزة، خلال الحوار مع موقع "بصائر" .
أهمية الثقة
يوضح الدكتور شهاب أنَّ بناء أيَّ تنظيم حركي ناهض يستلزم توفر الثقة بين أفراد الصَّف بعضهم البعض وبين القيادة والقواعد، مضيفاً أنَّه لأهمية الثقة وضرورة توافرها جعلها الإمام الشهيد حسن البنا ركناً من أركان البيعة العشرة، ليحافظ عليها كلّ أخ وفاءً لبيعته وعهده مع الله، ولا يعرّضها للاهتزاز أو الفقدان".
ونوَّه إلى أنَّ ذلك لا يقل خطورة عن النكث في ركن الجهاد أو الطاعة أو غيره، مبيّناً أنَّ الثقة من ركائز الدَّعوة، وأحد مصادر قوَّة البناء النفسي والتنظيمي للصَّف المسلم، ومن ثمار الأخوة الصَّادقة والحب في الله.
وأوضح شهاب أنَّه بقدر الثقة المتبادلة بين الأفراد تكون قوَّة الصف، وبقدر ثقة الصف في قيادته تكون قوَّة الجماعة.
وقال: "ما أحوجنا بعامة وفي هذه الأيام بخاصة إلى أن نعرض أنفسنا على هذا الركن وما فيه من إشارات ومعان، وأنَّ سير الأخ على طريق الدَّعوة وعمله للإسلام في ظل الجماعة يعدُّ القضية المصيرية بالنسبة له، حيث يقدّم كلَّ شيء يملكه في دنياه ليبني مستقبله الأخروي".
وتابع بالقول:" لابد أن تتوفر الثقة التامة والاطمئنان الكامل وبصفة دائمة إلى سلامة الطريق وإلى الجماعة التي يعمل من خلالها الفرد لأداء واجب الإسلام وإلي قيادته وإخوانه، كي ينطلق في عمله دون تردّد، ويسمع ويطيع لقيادته في غير معصية ودون تباطؤ، ويتعاون مع إخوانه ويلتحم معهم في الصَّف كالبنيان المرصوص، بل يلزم أن يثق بنفسه أيضًا أنَّه قادر بعون الله على مواصلة السير وتخطّي العقبات دون تقاعس أو قعود، على حدِّ تعبيره".
وشدَّد على أنَّ الجماعة بحاجة إلى ركن "الثقة"، لأنَّها مقبلة على مرحلة جديدة من عمرها العريق والطويل، مرحلة تتعدّد فيها المحكّات، وتتنوع فيها الميادين والمجالات، وبالتالي ستتعدَّد حالات التقييم والنقد البنَّاء وغير البنَّاء لأداء الجماعة أفراداً ومؤسسات، وسيكون الشأن الإخواني محل حوارات ومناقشات في الداخل والخارج، على حدِّ وصفه.
يتوجَّب على الجماعة أن تعتني أكثر بالبناء الداخلي إلى جانب تربية الصف على مهارات العمل مع المجتمع، من خلال التربية والتكوين على ثوابت الجماعة
وأكَّد شهاب أنَّه يتوجَّب على الجماعة أن تعتني أكثر بالبناء الداخلي إلى جانب تربية الصف على مهارات العمل مع المجتمع، من خلال التربية والتكوين على ثوابت الجماعة، فضلاً عن بناء وتربية الأفراد على الثقة في المنهج والطريق، والثقة في القيادة، والثقة بين عموم الإخوان.
وقال:" إنَّ الثقة في الحركات الإسلامية تنبع عن إيمان عميق بصدق المنهج ووجود ثقة كاملة في كفاءة وأمانة القيادة مرجعها الحب المتجرّد والأخوة المخلصة".
الثقة على الكفاءة؟
وحول قضية المفاضلة بين مبدئي "الثقة"، و"الكفاءة" داخل الحركات الإسلامية، أوضح الدكتور شهاب أنَّ مبدأ الثقة يعدُّ "أساساً وضرورة لا بد منها داخل الحركات الإسلامية ويقدَّم على مبدأ الكفاءة الأمر الذي لا يمكن إنكار حدوثه، والنظر إليه نظرة سلبية دائماً ولا إيجابية دائما؛ فالمسألة لها اعتبارات كثيرة تبعاً للظروف والأشخاص والأمكنة".
وأضاف موضحاً هذه الجزئية:" قد يكون مقبولاً في التنظيم تقديم الثقة الأقل كفاءة على الكفء غير الموثوق به، على أن يوظّف هذا الثقة كفاءات الأفراد ويوجهها لما فيه خير الدعوة، لا أن يكبتها ويهملها، ولو كان الاختيار يتم بالانتخاب – وهو الأصل وما يجب أن يكون – فلا بد أن يحترم الجميع إرادة الناخبين واختيارهم، وألا يلتفوا على النتائج ما داموا ارتضوا الاقتراع حكماً، وعلى الجميع أن يجبروا قصور الأفراد ويعينوا من اختاروهم لقيادتهم، حسب شهاب.
وأوضح أنَّه لو كان الاختيار يتم – لظروف ما – بالتعيين، فالأمر يعتمد في بدايته على حجم ثقة الأفراد فيمن يقومون بالتولية، وتنتقل هذه الثقة تلقائياً إلى المختارين، ومع مرور الأيام وخبرة المواقف تتأكد هذه الثقة أو تهتز.
المواقف المتصادمة
وأشار شهاب إلى أنَّ قادة الحركات الإسلامية يتعاملون مع المواقف المتصادمة التي تصدر من الأفراد المنتمين للحركة أولاً بإخلاص النية لله عزّ وجل، ووضع مصلحة الدَّعوة - الإسلام- في الاعتبار الأوَّل والتعالي على الثارات الشخصية ومطالب النفس وترك الانتقام لها.
وشدَّد على أنه يجب أن يكون الدَّاعية على يقين بأن الفكرة التي يعمل من أجلها والحركة التي تمثلها تلك الفكرة ليست ملكاً لأحد، وليس لأحد أن يحتكر وصاية عليها، بل الكل شركاء في العمل والمصير.
ما أحوجنا بعامة وفي هذه الأيام بخاصة إلى أن نعرض أنفسنا على هذا الركن وما فيه من إشارات ومعان، وأنَّ سير الأخ على طريق الدَّعوة وعمله للإسلام في ظل الجماعة يعدُّ القضية المصيرية بالنسبة له
وتابع بالقول "يجب أن يعتقد الدَّاعية أن رأيه صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيره خطأ يحتمل الصَّواب، ولا مانع أن يفترض مبدئياً في نفسه الخطأ وفي قيادته الصَّواب، إذا كان الأمر متعلقا بمسألة اجتهادية لم يرد فيها نصٌّ شرعي".
وأضاف مستدركا: "لكن له أن يستفهم ويناقش حسب ما تتاح الفرصة للنقاش، مع التزام الآداب والأخلاق في النقد والحوار، وعدم تجاوز الحدود في القول والعمل، والالتزام بلوائح الحركة التي يعمل الداعية من خلالها، وعدم خرقها".
وعدم الخجل من طرح أية فكرة، وإخراج كلّ ما يحيك في الصَّدر أولاً بأول، مع التمسك بالصَّبر وعدم اليأس، والدأب المستمر في عرض الأفكار ووجهات النظر التي يقتنع الداعية بصحتها".
واسترسل في حديثه قائلاً:" كما يجب طلب التصعيد إلى الجهات الأعلى فالأعلى، والحوار المباشر معها، إن عجزت تلك القيادات الوسطى أو المباشرة عن الاستيعاب والحل، ويستمر الحوار والنقاش حتى يقتنع أحدُ الطرفين برأي الآخر، أو يصلا معاً لحلِّ ثالث.
وأضاف:"أظن أنَّ نوعية المشكلات التي تحتاج لهذه المستويات المتتابعة من التصعيد قليلة جداً، وأنَّ غالبيتها يتم التوصل إلى حلول لها في مستويات دنيا، حسب شهاب".
وأضاف شهاب أنه إذا وصل الأمر لطريق مسدود؛ فيجب ألاّ يحبط الداعية وييأس من فوره، ويقرّر متعجلاً ترك الحركة واعتزال العمل، بل يصبر ويحاول الثبات في مكانه قدر الاستطاعة، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، ولا يكون مسعِّرا للفتنة بين إخوانه، ولا مصدراً لتعكير الصفو وإحداث الشقاقات، ولكن يسعى للتغيير بالطرق الشرعية التي تسمح بها لوائح الحركة.
إذا وصل الأمر لطريق مسدود؛ فيجب ألاّ يحبط الداعية وييأس من فوره، ويقرّر متعجلاً ترك الحركة واعتزال العمل، بل يصبر ويحاول الثبات في مكانه قدر الاستطاعة
ونوَّه شهاب إلى أنَّه إذا فقد الداعية الأمل في الانسجام مع محيطه؛ فليرتحل إلى محيط آخر أو مجال آخر من مجالات وأنشطة الدَّعوة والحركة، ولن يعدم مكاناً أو مجالاً يوظّف فيه إمكاناته وقدراته.
معايير الثقة
وبيَّن شهاب أنَّ الثقة هي حقيقة مستقرة في أعماق النفس، لكن لها دلائل وشواهد على وجودها، حددها الإمام البنا وهي (الحب – التقدير – الاحترام – الطاعة) وهي شواهد متبادلة بين القائد والجندي.
وشدَّد على أنَّ الثقة بالقيادة هي كلّ شيء في نجاح الدعوات، "ولهذا يجب أن يسأل الأخ الصَّادق نفسه هذه الأسئلة ليتعرّف على مدى ثقته بقيادته، وهي هل تعرَّف إلى قائده من قبل ودرس ظروف حياته؟
وهل اطمأن إلى كفايته وإخلاصه؟ وهل هو مستعد لاعتبار الأوامر التي تصدر إليه من القيادة في غير معصية طبعاً قاطعةً لا مجال فيها للجدل ولا للتردّد ولا للانتقاص ولا للتحوير مع إبداء النصيحة والتنبيه إلى الصواب؟
وهل هو مستعد لأن يفترض في نفسه الخطأ وفي القيادة الصواب إذا تعارض ما أمر به مع ما تعلم في المسائل الاجتهادية التي لم يرد فيها نص شرعي؟
وهل هو مستعد لوضع ظروفه الحيوية تحت تصرّف الدَّعوة؟ وهل تملك القيادة في نظره حق الترجيح بين مصلحته الخاصة ومصلحة الدعوة العامة؟".
وأوضح أنَّه بالإجابة على تلك الأسئلة يستطيع الأخ الصَّادق أن يطمئن إلى مدى صلته بالقائد، وثقته به، والقلوب بيد الله يصرفها كيف يشاء {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
عوامل تعزيز الثقة
وأكَّد شهاب أنَّ أهم أسباب رسوخ الثقة يكمن في التركيز على ممارسة الشورى مع أهلها في كلِّ مستوى من مستويات مجالس الشورى، وسعة صدر القائد أو الأمير للمخالفين والنزول عند رأي الأغلبية، والتواصل المستمر والمباشر بين القيادات والقاعدة لتوضيح المواقف ومعالجة القضايا أولاً بأول.
الثقة في القيادة أساس نجاح الدعوات، وأنَّ خلخلة هذا الركن في النفوس هدف ومطمع يسعى إلى تحقيقه أعداء الأمَّة بكل قوة
وأضاف أنَّه يجب على كلِّ أخ في الصف فرداً أو مسئولاً أن يجتهد في المحافظة على الثقة، وأن يجتهد في أن يكون إيجابياً دوماً في تعزيز الثقة بكل وسيلة وعلى رأسها ما ذكره الإمام حسن البنا آنفاً، وأن يحذر من أيّ شيء يخدشها أو ينال منها أو يؤدّي إلى اهتزازها أو نزعها".
وأردف: على الأخ أن يفكر ويجتهد طويلاً كيف يكسب الثقة ولا يفقدها من بين هذه المتناقضات (الإخلاص والرياء)،(التفاؤل والتشاؤم)، (الاحترام والاحتقار)، (الغيبة وحفظ العرض)، وغير ذلك.
وبالنسبة للمسؤول قال: إنَّه يجب عليه أن يديم الصلة بإخوانه ليبيّن لهم الأمور أو المواقف ويوضح لهم ما يبهم عليهم منها، وأن يبدع في وسائل التواصل والقرب منهم حتى لا يدع مجالاً أو ثغرة لشياطين الإنس والجن من المشككين أن تنال من وحدة الصف والموقف، ولا ينتظر وقوع التشكيك والبلبلة ليقوم بواجب البيان والتوضيح، بل يستبق الفتنة قبل أن تطل بقرنها، فيحصّن العقول والقلوب والصفوف مما قد يلقيه أو يثيره المشككون ليكون الصف في حصانة.
مطالب من "الأفراد"
على صعيد الأفراد أوضح أنَّه يجب عليهم ألا يتناقلوا أو يتأثروا بما يثيره المشكّكون وألاّ يُستدرجوا في مهاترات معهم، وأن يتقوا الله في إخوانهم وقيادتهم، ويحسنوا الظن بهم، ويتذكروا فضلهم وسبقهم وجهادهم وبلاءهم وولاءهم وحسن قيادتهم من قبل وحرصهم عليهم.
وأشار إلى أنَّه إذا حاك في صدر أحد الإخوان شيءٌ فعليه أن يسارع بالتبيّن، وألاّ ينقل ما سمعه وسط الصفوف فيحقق بذلك غرض المشككين.
على الأفراد ألا يتناقلوا أو يتأثروا بما يثيره المشكّكون وألاّ يُستدرجوا في مهاترات معهم، وأن يتقوا الله في إخوانهم وقيادتهم، ويحسنوا الظن بهم
وقال: "لنعلم أنَّه مهما دحضنا اتهاماً ممَّا يثيره المشكّكون وأوضحنا بطلانه؛ لا نتصوّر أنَّ الأمر سينتهي عند ذلك الحد، ولكن ما أسهل عليهم أن يختلقوا اتهامات أخرى باطلة لا أصل لها ليحقّقوا هدفهم بأن يشغلونا بها وينشغل الناس بها عن أهدافنا الأصيلة".
وحذّر من أن يُستدرج البعض إلى مهاترات المبطلين، "ولطالما كان عدم الرد هو خير رد عليهم، وأن نستمر في العمل وبذل الجهد فيما يحقق أهدافنا".
وأضاف إنه إذا أصيب فرد من الصف بمرض من أمراض القلوب؛ كحب الزعامة والشهرة، وراح يثير الشكوك والشبهات حول القيادة أو بعضها، أو يسيء تفسير بعض المواقف دون تبيّن أو دليل، كوسيلة لكسب موقف أو مبرر للخروج أو لكسب أنصار يلتفون حوله، أو يخالف ما أقرته الجماعة في أمر من الأمور، فلنحذر ذلك، ولنعلم أنَّه لو كان صادقاً يريد الخير والرشاد لتحرك في الطريق السليم والقنوات الصَّحيحة لعلاج ما يراه من خطأ.
أثر تراجع ثقة الأفراد بحركتهم
وأكَّد على أنَّ الثقة في القيادة أساس نجاح الدعوات، وأنَّ خلخلة هذا الركن في النفوس هدف ومطمع يسعى إلى تحقيقه أعداء الأمَّة بكل قوة، "وبالتأكيد سيكون أخطر ما يمكن أن يفعل، وهو ما نسميه بالثقوب الجانبية، المتمثلة بالغيبة والنميمة والقيل والقال، وسيكون تباطؤ في الانقياد للقيادة، والتشكيك فيها، وفي أهليتها".
وأضاف شهاب أنَّه سيكون انفصام بين القاعدة والقيادة وسيلحظ ضعف حقيقي في مسيرة الحركة، وسيؤثر ذلك على عدم الجاهزية في مبدأ السَّمع والطَّاعة، لأنَّ الصَّف الداخلي لن يكون مرصوصاً، وستصبح المجموعات في معصية وسخط من الله.
الثقة من وحي القرآن والسنة
واستدل شهاب ببعض المشاهد التي رسخ فيها مبدأ الثقة من وحي القرآن الكريم، قائلاً: " إنَّ خروج النبي (ص) من مكة متخفياً مطارداً وقوى الكفر تطلق وراءه خيرة أبنائها، والمخاطر تحدق به من كل جانب والدعوة بأسرها مهدّدة بالفناء والزوال ولا مكان للاختباء، لم يجد النبي (ص) سوى غار مهجور العنكبوت ينسج خيطه على بابه ليتوارى فيه هو وصاحبه عن الأنظار.
د.محمد شهاب
يسكن بلدة جباليا-فلسطين، وهو أب لتسعة أبناء استشهد أكبرهم.
- حاصل على بكالوريوس صيدلة من جامعة القاهرة عام 1980م، وعضو جماعة الإخوان المسلمين منذ عام 1973م، وهو أبرز أعضاء التنظيم العسكري السري لجماعة الإخوان 1982م.
واعتقل عام 1984م برفقة مؤسس الجماعة الشيخ الشهيد أحمد ياسين والشهيد د. إبراهيم المقادمة والشهيد القائد صلاح شحادة، وحكم عليه آنذاك بالسجن عشر سنوات، وهو أحد رموز وقادة حركة حماس خاصة في مجال الدعوة والتربية .
وعندما وصلت أقدامهم إلى باب الغار حبس أبو بكر رضي الله عنه أنفاسه خوفاً على النبوَّة والدَّعوة قائلاً: (يا رسول الله، لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا)، فجاءه الرَّد الحاسم الواثق: (يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما)، ويوثق القرآن الكريم ذلك : {إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ...}.
أمَّا من السنة النبوية قال شهاب :" يتأصل موقف الثقة في حادثة الإفك والتي نالت من عرض أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ويبدو أنَّ الصف المؤمن تأثر بالفعل بوقع الشائعة، وتناقلت الخبر ألسنة بعض الصحابة وما يهمنا هنا هو الحوار الذي دار بين أبي أيوب الأنصاري وزوجته؛ إذ قالت لزوجها: أما تسمع ما يقول الناس في عائشة؟
قال: نعم، وذلك الكذب، أكنت فاعلة ذلك يا أم أيوب ؟ قالت : لا والله، ما كنت لأفعله . فقال : وعائشة والله خير منك . ليتنزل قرآناً يتلى {لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً} ليوضح المعيار الدَّقيق في التعامل مع الإشاعة وهو ثقة الأخ في إخوانه ثقته في نفسه وثقته في كفاءتهم وحرصهم على دينهم".