معرفة الصَّحابة فن جليل

الرئيسية » بصائر نبوية » معرفة الصَّحابة فن جليل
alt

لا زلت أذكر سؤالاً وجّه لأحد الطلبة في المرحلة الجامعية حول إمكانية ذكر اسم من أصحاب الرسول صلَّى الله علية وسلّم، فكان الجواب: صلاح الدين الأيوبي محرّر الأقصى !!

إنَّ ممَّا يثير الغرابة براعة كثير من شباب اليوم في حفظ أسماء وألقاب النجوم في مختلف الفنون، بينما نجد أنَّ هناك تقصيراً في معرفة من حفظوا لدى ديننا وشريعتنا، وبلّغوها لنا دون تحريف أو تغيير عبر تاريخنا الإسلامي النَّاصع، وأولهم الصحابة رضوان الله عليهم، الذين وصفهم المولى تبارك وتعالى بقوله : {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}. (الفتح :29). وقال أيضاً:{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}. (الفتح :18).

لا شك أنَّ معرفة الصَّحابة رضوان الله عليهم وحفظ تواريخ ولادتهم ووفاتهم وشيئاً من سيرهم أمر ذو أهمية لا تقتصر على المعرفة العلمية فحسب، وإنّما تتعدّى إلى جوانب أخرى منها على وجه الخصوص التربوية.

إنَّ معرفة الصحابة علم من علوم الحديث النبوي الشريف المهمَّة، قال عنه الإمام النووي: (معرفة الصَّحابة رضي الله عنهم علم كبير، عظيم الفائدة، فيه يعرف المتصل من المرسل).
لا شك أنَّ معرفة الصَّحابة رضوان الله عليهم وحفظ تواريخ ولادتهم ووفاتهم وشيئاً من سيرهم أمر ذو أهمية لا تقتصر على المعرفة العلمية فحسب، وإنّما تتعدّى إلى جوانب أخرى منها على وجه الخصوص التربوية.
وقال ابن عبد البر في (الاستيعاب): (ولا خلاف علمته بين العلماء أنَّ الوقوف على معرفة أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم علم الخاصة وأرفع علم الخير، وبه ساد أهل السير، وما أهل دين من الأديان إلاَّ وعلماؤهم يعتنون بمعرفة أصحاب أنبيائهم، لأنَّهم الواسطة بينهم وبين نبيهم).

وقال طاهر الجزائري في كتابه (توجيه النظر إلى أصول الأثر):  (من تبحَّر في معرفة الصَّحابة فهو حافظ كامل الحفظ، فقد رأيت جماعة من مشايخنا يروون الحديث المرسل عن تابعي عن رسول الهد صلَّى الله عليه وسلّم فيتوهمونه صحابياً، وربّما رووا المسند عن صحابي فيتوهمونه تابعياً ).
قال طاهر الجزائري في كتابه (توجيه النظر إلى أصول الأثر):  (من تبحَّر في معرفة الصَّحابة فهو حافظ كامل الحفظ).
تعريف الصَّحابي : قال الإمام ابنُ كثير: (الصحابي: من رأى رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم في حال إسلام الراوي، وإن لم تطل صحبته له، وإن لم يرو عنه شيئاً. هذا قول جمهور العلماء، خلفاً وسلفاً). وقال الإمام البخاري في صحيحه:  (من صحب النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه).

بم تعرف صحبة الصحابي ؟

تعرف الصُّحبة بأحد أمور خمسة وهي:

1.التواتر: كأبي بكر الصّديق وعمر بن الخطاب، وبقية العشرة المبشرين بالجنة.

2.الشهرة : كضِمَام بن ثَعْلَبة، وعُكاشة بن مِحْصَن.

3.إخبار صحابي.

4.إخبار ثقة من التابعين.

5.إخبارُه عن نفسه إن كان عَدْلا، وكانت دعواه مُمْكنِة.

أكثرهم حديثاً: أبو هريرة (5374حديثاً)، ثمَّ ابن عمر (2630حديثاً)، وأنس بن مالك (2286حديثاً)، وعائشة أم المؤمنين (2210حديثاً)، وابن عباس (1660حديثاً)، وجابر بن عبد الله (1540حديثاً).

أعلمهم: عن مسروق قال: انتهى علم الصَّحابة إلى ستة: عمر، وعلي، وأبي، وزيد، أبي الدرداء، وابن مسعود. ثمَّ انتهى علم الستة إلى علي، وعبد الله، ومن الصحابة العبادلة، وهم ابن عمر، وابن عبَّاس، ابن الزبير، ابن عمر بن العاص، وليس ابن مسعود منهم، وكذا سائر من يسمّى عبد الله، وهم نحو مائتين وعشرين.

أفضلهم: أفضلهم على الإطلاق أبو بكر، ثمَّ عمر، ثمَّ عثمان، ثمَّ علي، هذا قول جمهور أهل السنة. قال أبو منصور البغدادي: أصحابنا مجموعون على أنَّ أفضلهم الخلفاء الأربعة، ثمَّ تمام العشرة، ثمَّ أهل بدر، ثمَّ أحد، ثمَّ بيعة الرضوان، وممَّن لهم مزية أهل العقبتين من الأنصار، والسَّابقون الأولون، وهم من صلَّى إلى القبلتين في قول ابن المسيب، وفي قول الشعبي أهل بيعة الرّضوان، وفي قول محمد بن كعب وعطاء أهل بدر.
قال أبو زرعة الرازي: (قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن مائة ألف وأربعة عشر ألفاً من الصَّحابة ممَّن روي عنه وسمع منه).
عدد الصَّحابة : ليس هناك إحصاء دقيق لعدد الصَّحابة، لكن هناك أقوال لأهل العلم يستفاد منها أنهم يزيدون علي مائة ألف صحابي . قال أبو زرعة الرازي: (قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن مائة ألف وأربعة عشر ألفاً من الصَّحابة ممَّن روي عنه وسمع منه).

آخرهم موتاً : هو الصَّحابي أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي، مات سنة 100هـ بمكة المكرمة، وقيل أكثر من ذلك ، ثمَّ آخرهم موتاً قبله أنس بن مالك توفي سنة 93هـ بالبصرة .

كتب في معرفة الصَّحابة:

قال زين الدين العراقي : (هذا علمٌ كبيرٌ قد ألّف الناس فيه كتباً كثيرة)، نذكر من أبرزها وأهمّها:
- الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لابن عبد البر، (ت:463هـ).
- أسد الغابة في معرفة الصَّحابة، لابن الأثير الجزري، (ت:630هـ).
- الإصابة في تمييز الصَّحابة، لابن حجر العسقلاني، (ت:853هـ).

مراجع للاستزادة :
- الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث، لابن كثير.
- التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير في أصول الحديث، للنووي.
- التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح، لزين الدين العراقي.
- تيسير مصطلح الحديث، لمحمود الطحان.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

alt

التحذير من علماء السُّوء !

عنوان هذا الموضوع هو اسم لكتاب ألفه الحافظ أبو الفتيان الدّهستاني، الرَّوَّاسيّ؛  عمر بن محمد …