فلتان لسان الطفل … ظاهرة تحتاج حذر

الرئيسية » بصائر تربوية » فلتان لسان الطفل … ظاهرة تحتاج حذر
alt

ماذا لو كانت براءة الأطفال مصحوبة بما يعكّر صفوها، ويلوّث صفحتها، بالألفاظ السيّئة والبذيئة التي تخرج من أفواههم الصَّغيرة، فهم يتراشقون بها وكأنَّها شيء عادي، وهم لا يدركون معاني ما يتلفظون به من كلمات.

فمن أين اكتسب أبناؤنا تلك الألفاظ؟ وما هو أثر الأهل في تقويم لسان أبنائهم ؟ وهل للإعلام دور في ذلك؟

أسباب فلتان لسانهم
الدكتور درداح الشاعر أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة الأقصى في غزة قال لـ"بصائر:" إنَّ أسباب تلفظ الطفل بالألفاظ النابية يعود إلى افتقاره إلى الكلام المهذب، فعندما يكون غاضباً لأيّ سبب، فإنَّه يتلفظ بتلك الألفاظ البذيئة، بالإضافة إلى تقليد البيئة المحيطة به، فيتعلم استخدام هذه الكلمات من الأشخاص الذين حوله.
ضعف اهتمام الأسرة بما يتفوّه به الطفل، بل وأحياناً يقومون بتشجيعه، أو الضحك من كلامه، الأمر الذي يجعله يستمر على هذا الكلام حتى ينال استحسان الكبار ورضاهم.
وأشار الشاعر إلى أنَّ ضعف اهتمام الأسرة بما يتفوّه به الطفل، بل وأحياناً يقومون بتشجيعه، أو الضحك من كلامه، الأمر الذي يجعله يستمر على هذا الكلام حتى ينال استحسان الكبار ورضاهم.

ولفت الشاعر إلى أنَّ استخدام الطفل للكلمات البذيئة يهدف إلى لفت انتباه والديه، وعندما يستخدم تلك الكلمات لأوَّل مرَّة دون أن يعرف معناها، ثمَّ يجد أنَّه لفت انتباههم بالفعل، فإنَّه يعمل على تكرار تلك الكلمات مرَّة تلو الأخرى، حسب الشاعر.

وسيلة للتعبير عن الغضب
وأضاف الشاعر أنَّ استخدام الطفل للألفاظ البذيئة يمكن أن يكون وسيلة للتعبير عن غضبه، فعندما يشعر الطفل بالغضب نتيجة لعدم العدل بينه وبين إخوته، أو عندما لا يقدر على إنجاز ما طلبه منه والديه من فروض، فإنَّه يعبِّر عن إحباطه وغضبه باستخدام كلمات بذيئة، خاصة وإن كان يعلم أنَّ تلك الكلمات تغضب والديه، على حدِّ تعبيره.

وبيَّن الشاعر أنَّه يجب ترك مساحة للطفل ليعبِّر عن شعوره بالألم والغضب. مضيفاً أنَّ ميله لاستخدام كلمات الشتم ليعبِّر عن مشاعره السلبية سوف يقلّ تدريجياً، حسب الشاعر.

محاولة تقليد الآخرين
وأكَّد الشاعر أنَّ الحقيقة التي لا ينبغي تجاهلها أنَّ الألفاظ اللغوية لدى الطفل يكتسبها فقط من خلال محاولته تقليد الغير؛ لذلك كان لزاماً على الوالدين مراقبة عملية احتكاك الطفل مع غيره، ابتداء بعلاقاته الإنسانية واللغة المتداولة بين من يختلطون بالأسرة عمومًا وبالطفل خصوصاً، ومراقبة البرامج الإعلامية التي يستمع إليها ويتابعها، والأهم من ذلك اللغة المستعملة من قبل الوالدين تجاه أبنائهما وفيما بينهما.

إجراءات الوقاية
ونوَّه الخبير التربوي إلى أنَّه يجب اتخاذ عدة إجراءات لوقاية أطفالنا من فلتان لسانهم، ويكون ذلك بالقدوة الحسنة، "فغالباً ما يتعلم الأولاد اللغة غير المرغوبة من خلال ملاحظتهم لآبائهم .
يجب ترك مساحة للطفل ليعبِّر عن شعوره بالألم والغضب. كما أن ميله لاستخدام كلمات الشتم ليعبِّر عن مشاعره السلبية سوف يقلّ تدريجياً
وبين أنَّه يمكن للآباء أن يقوموا بتكوين قاموس طيب عند طفلهم، وذلك بربط الطفل منذ نعومة أظافره بالله "سبحانه وتعالى" وتربيته تربية إسلامية صحيحة، وملء قاموسه اللغوي بالألفاظ الطيّبة من القران والحديث".

وأكَّد الشاعر أنَّه يجب معالجة هذه المشكلة من خلال وسائل عدة يمكن أن يتخذها الآباء، وهي البحث عن معرفة مصدر الألفاظ السيّئة وإبعاده عنها، بالإضافة إلى القصص الممتعة التي تبيّن خطورة اللسان وآفاته، مع ضرب الأمثلة من الحياة على ذلك.

كما نوَّه إلى أنه يجب على الآباء تجاهل أبنائهم عند التلفظ بالكلمات السيئة وعدم الانزعاج منها كثيراً، لأنَّ التجاهل كفيل لإنهاء استخدام الكلمات البذيئة.

ورأى الشاعر أنَّه يتوجب على الوالدين استخدام أسلوب العقاب مع الأولاد عند استمرارهم باستخدام اللغة البذيئة، كإرساله إلى مكان منعزل في المنزل مدة معينة، مشيرا إلى عدم إغفال دور الحوافز التي لها سبب رئيسي في حل المشكلة.

تأثير رياض الأطفال
ومن جانبه، قال الاختصاصي الاجتماعي الدكتور وليد شبير:" إنَّ "الروضة" هي بمثابة المناخ البيئي الذي يحيط بالطفل داخل رياض الأطفال، سواء اشتمل على مواقف أو ظروف جيّدة أو غير ذلك، كما أن ذلك المناخ يؤثر على شخصية الطفل وسلوكه، فاللغة وغيرها محكومة بتنشئة الطفل بالبداية، ثمَّ بعد ذلك يأتي دوره بتقبل هذه البيئة أو النفور منها".

وأضاف شبير أنَّ البيئة التي تشعر الطفل بأنَّه مرفوض وغير مقبول من الآخرين، سواء داخل الأسرة أو غيرها، تؤدّي إلى خلق شخصية عدوانية ضد زملائه، والمجتمع فيما بعد، واللغة هي أصل الإنسان فهي تتأثر سريعاً بما حولها، لذلك يجب الحذر منها في التعامل مع الطفل.

وأكَّد شبير أنَّ استمرار الطفل بتداول الألفاظ البذيئة، سوف يضرّ به في المستقبل ثمَّ بعائلته ومجتمعه، فيجب محاربة هذه الآفة سريعا، لأنها إذا تغلغلت يصعب حلها، كونها ستتعمق لتصبح أكثر تعقيداً من ذي قبل.
البيئة التي تشعر الطفل بأنَّه مرفوض وغير مقبول من الآخرين، سواء داخل الأسرة أو غيرها، تؤدّي إلى خلق شخصية عدوانية ضد زملائه
دور وسائل الإعلام
وأكَّد شبير أنَّ لوسائل الإعلام دوراً كبيراً في التأثير على لغة الطفل، من خلال ما تعرّضه من أفلام الكرتون التي تشوه اللغة العربية وتجعلها لغة فظة وصعب التعامل معها، بالإضافة إلى بثّ قنوات معيّنة تساعد على نمو الألفاظ السيئة والبذيئة عند الطفل، وبعض برامج الأطفال التي تعزّز من استخدامها، وخلوها من اللغة العربية الفصيحة.

مرحلة المراهقة
وأوضح شبير أنَّ خطورة اللغة تكمن عند الشباب في مرحلة المراهقة، لأنَّ الطفل يخرج من مرحلة الطفولة إلى مرحلة أصعب منها، ينخرط خلالها الشاب مع رفاق السوء الذين يتلفظون بالكلمات القبيحة، فهو يتأثر بهم ويحاكيهم، ليثبت أنَّه رجل، وأنَّه لم يعد صغيراً، بالتالي هذه المرحلة من عمر الإنسان تكون حرجة، لأنَّها بداية تكوين شخصيته.

وختم شبير حديثه بالقول:" يجب على كلِّ فرد يحيط بالطفل أن يجعله محط اهتمام له وأن يجعله شغله الشاغل، لأنَّ الأطفال هم عماد المستقبل، ودعا كلاًّ من الآباء والمعلمين للأخذ بكافة الوسائل من أجل تعليم الأولاد الأخلاق والتربية الحميدة لإخراج جيل جديد يحمل لواء النصر".

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …