أكَّد العلاَّمة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أنَّ القرآن الكريم جعل الطاعة لأولى الأمر، ولم يقل: لولي الأمر؛ في إشارة إلى أنَّ الطاعة لا تكن لفرد، وإنما لجماعة أو مجموعة، بما يؤكَّد أنه لا يصح للفرد أن يحكم منفرداً.
مشيراً خلال استضافته في برنامج " الشريعة والحياة " الذي أذاعته فضائية الجزيرة الأسبوع الماضي أنَّ أولي الأمر هم أصحاب الشأن ممَّن في أيديهم الحل والعقد ، كما أنَّ العلماء أصحاب الاجتهاد هم أيضاً من أولي الأمر.
وأضاف كما أنَّه على مسلم ومسلمة و كلِّ فرد في المجتمع الإسلامي في الأمَّة الإسلامية واجب يسمّيه الإسلام التواصي بالحق والتواصي بالصَّبر، و التواصي بالمرحمة
لافتاً إلى أنَّه إذا انتشرت هذه الثقافة بين الناس، فلن نجد أناساً ينفردون بالحكم، ويحكمون على الآخرين، ويعزلونهم عن الحياة ويعتبرونهم وكأنَّهم ليسوا بشراً
وعن شكل العلاقة بين الحاكم والعالم في آداب السياسة الشرعية، قال القرضاوي : إنَّ العالم مهمته أن يرشد الحاكم، و يدله على الأمر إذا اختلف في أمر، فالعالم أدرى من الحاكم خصوصاً في عصرنا.
مشيراً إلى أنَّ الحاكم يأتيه باستمرار قضايا تحتاج إلى معرفة حكم الشرع ، ومن ثمَّ لا بد أن يكون علماء الشرع قريبين من أهل الحكم . وأضاف إنَّما إذا كان الحاكم بعيداً عن العالم سيقول ما يشتهي، وينحرف عن الصَّواب .
واقترح القرضاوي أن يكون لدى الدولة التي تحتكم إلى الشريعة الإسلامية مرجعية إسلامية في المجلس التشريعي ، يرجع إليها حتى لا يكون في قوانينها مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية، على أن يجمع هؤلاء العلماء بين معرفة الشرع على حقيقته ومعرفة الحياة على حقيقتها.
وشدَّد القرضاوي على أنَّ العالم الحقيقي هو الذي يقول الحق، ولا يبالي ما يصيبه بعد ذلك، فلا يخاف في الله لومة لائم الله سبحانه وتعالى قال:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ}[المائدة: 54] موضحاً أنَّ الجهاد في سبيل الله ليس كلّه حمل السيف لتقف ضد الكفار المعادين للإسلام، فهناك جهادٌ آخر " أفضل جهادٍ كلمةُ حقٍ عند سلطانٍ جائر ".
يجب أن تكون شخصية العالم مستقلة، فهو فوق الحاكم، وفوق الرئيس فهو الذي يرجع إليه حتى يؤخذ قوله في القرارات والأحكام بحيث لا تناقض مع الشرع،
وأكَّد القرضاوي على أنَّه لا يمكن للعالم أن يعطي الحرية لأحد قبل أن يكون هو حرٌّ . وقال : إذا لم يكن هو حرّ كيف يعطي الحرية لغيره! فالعبد لا يستطيع أن يعطي العبد وما ملكت يداه لسيده، فهو لا يملك شيئاً، فكيف يعطي غيره وهو محروم، لا بد أن يكون هو فعلاً إنسان حرٌّ في نفسه شاعر بأنَّه حرٌّ، فيستطيع أن يعطي الحرية لغيره، ويعلّم غيره الحرية، وهذا ما جاء به الإسلام وقرَّره وحققه.
مؤكّداً على ضرورة أن تكون شخصية العالم مستقلة، فهو فوق الحاكم، وفوق الرئيس فهو الذي يرجع إليه حتى يؤخذ قوله في القرارات والأحكام بحيث لا تناقض مع الشرع، و الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام أمرنا أن نرجع إلى العلماء
لافتاً إلى أهمية ألاَّ يكون العلماء موظفين لدى الحاكم، بل من يعمل بالمؤسسات الحكومية عليه أن يتقاضى راتبه من الدولة، وعلى الشعب أن يحمي العلماء من بطش الحكام، فلا يتركوا العلماء للحكَّام يهينهم و يصغرون من شأنهم ويصبحون أضحوكة للناس.