نكبة فلسطين … حنين وأمل

الرئيسية » بصائر من واقعنا » نكبة فلسطين … حنين وأمل
alt

النكبة... كلمة لا يدرك معناها إلاَّ من ذاق مرارة كلِّ حرف من حروفها، وقتما تداخل في قلبه الخوف والأمل، حب الأرض وحب النفس والولد...

لا يدرك معناها إلا من خرج من أرضه تاركاً روحه   معها، سائراً على قدميه تشهد على تعبهما طرق   سوريا والأردن ولبنان...

أكثر من يدرك معناها  ذاك الشعب، شعب فلسطين   الأعزل، الذي ترك الأرض التي فيها زرع روحه   وسقاها بعرق جبينه فقط - لعدة أيام - حتى تنتهي   الحرب كما كانت تقول جدتي..

لكن هذه الأيام تكاثرت حتى أصبحت عقوداً لا سنين، وها نحن في هذه السنة نحيي الذكرى الرابعة والستين لتلك النكبة، ومفاتيح البيوت ما زالت في جيوب أجدادنا، والأمل مازال لم يتغيَّر، والهدف لا بدَّ أن نعود يوماً..

ما هي النكبة؟

حرب 1948م أو ما يسمَّى النكبة، هي الحرب التي حدثت في فلسطين وأدَّت إلى قيام الكيان الصهيوني الغاصب، أو ما يسمَّى بدولة "إسرائيل" ، وتهجير الفلسطينيين عن أرضهم، وتشريدهم في الأراضي العربية المجاورة؛ كسورية والأردن و لبنان.

يقول الشيخ رائد صلاح : إنَّ النكبة هي تطبيق لفلسفة عنصرية أوجدتها الفلسفة الصهيونية المعاصرة التي رفعت فيه شعار : نريد أرضاً بلا شعب لشعب بلا وطن .

وعلى ضوء هذه الفلسفة العنصرية، تمَّت إبادة شعب كامل كان له وطن، كما تمَّ تدمير قرابة 500 مدينة وقرية فلسطينية، بالإضافة لارتقاء عشرات الآلاف من الشهداء، وقد كانت هذه البداية للمشروع الصهيوني، الذي حاول وما يزال القضاء على معالم الحياة الدينية للفلسطينيين، إذ تمَّ هدم 1200 مسجد عام 1948م.

شرارة التقسيم

في 29 نوفمبر1947م، وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يوصي بتقسيم فلسطين إلى دولة يهودية ودولة فلسطينية، وبالتأكيد رحَّب الصهاينة بهذا المشروع، بينما رفضه العرب والفلسطينيون، حيث كانت القيادات الصهيونية قد شرعت بإعداد خطط عسكرية تفصيلية منذ مطلع عام 1945 توقعاً للمواجهة المقبلة، وفي اليوم التالي لقرار التقسيم بدأت الهاجاناه بدعوة جميع اليهود في فلسطين بين سن 17 و 25 عاماً إلى الخدمة العسكرية، وكان الغرض هو الاستحواذ على المناطق المعدة لإقامة الدولة اليهودية.

وكان أن تصاعدت حدّة القتال بعد هذا القرار، واجتمعت الدول العربية في القاهرة بين 8 و 17 ديسمبر 1947م، وأعلنت أنَّ تقسيم فلسطين غير قانوني، وشكَّلت جيش الإنقاذ بقيادة فوزي القاوقجي في بداية 1948م، إلا أنَّ الشعب الفلسطيني كان يواجه قوَّة أكبر منه بكثير، وقد أقرّت الجامعة العربية بزحف الجيوش العربية إلى فلسطين، ولكن اللجنة السياسية أكَّدت أنَّ الجيوش لن تدخل قبل انسحاب بريطانيا المزمع في 15 مايو 1948 من فلسطين..

انتهى الانتداب.. ليبدأ الاحتلال

كان الانتداب البريطاني على فلسطين ينتهي بنهاية يوم 14 مايو 1948، وفي اليوم التالي أعلن عن قيام الكيان الصهيوني، ليغدو في ساعات بعدها صاحب شرعية، وله الحق باستباحة حرمة المقدسات واغتصاب الأرض، ومحاربة شعب هو من أعرق الشعوب في عقر داره، وليتوسع على حساب الدول المحيطة مشكلاً أعظم خطر عليه.

ومباشرة بدأت الحرب بين الكيان المستحدث والمقاومة الفلسطينية من جهة، وبين الكيان و جيش الإنقاذ العربي من جهة أخرى، حيث تدفقت الجيوش العربية من مصر وسورية والعراق وإمارة شرق الأردن على فلسطين، و دخلت أوَّل وحدة من القوات النظامية المصرية حدود فلسطين، وكان أن نجحت القوات العربية في تحقيق انتصارات كبيرة.

واستمرت المعارك على هذا النحو حتى تدخلت القوى الدولية وفرضت عليها هدنة تتضمن حظر تزويد أي من أطراف الصراع بالأسلحة ومحاولة التوصل إلى تسوية سلمية.

وكانت الهدنة حتى تستطيع العصابات الصهيونية الحصول علي السلاح من بريطانيا والولايات المتحدة التي فرضت الهدنة لهذا من البداية، وعندما استؤنفت المعارك من جديد كان للصهاينة اليد العليا واتخذت المعارك مساراً مختلفاً وتعرضت القوات العربية لسلسلة من الهزائم واستطاعت العصابات الصهيونية المسلحة فرض سيطرتها على مساحات واسعة من أراضي فلسطين التاريخية.

حيث تمَّ اعتقال المجاهدين المتطوّعين من كتائب الإخوان المسلمين - الذي هبّوا لنجدة فلسطين من كل الأقطار - وإرجاعهم إلى المعتقلات في بلادهم بدلاً من تكريمهم لما قدَّموه من تضحيات في سبيل فلسطين، وارتكبت العصابات الصهيونية عشرات بل مئات المجازر في حق الشعب الفلسطيني قبل وأثناء هذه الحرب، وفي هذه المجازر قتل المئات بأشنع أنواع وصنوف القتل، ولم تراع حرمة امرأة أو براءة طفل أو ضعف شيخ، وهدَّمت مدن وقرى عن بكرة أبيها، وهجّر أهلها حتى لم يبق منهم أحد.

في الثالث من مارس عام 1949م، أعلن انتهاء الحرب بين الجيوش العربية والعصابات الصهيونية المسلحة في فلسطين، بعد قبول الدول العربية الهدنة الثانية، لكن في الوقت نفسه بعد قبول مجلس الأمن الدولي الكيان الصهيوني عضواً كاملاً في الأمم المتحدة.

وأصبحوا لاجئين..

أمَّا من هجّر من أرض فلسطين فهم أصحاب معاناة كبيرة تركوا أرضهم، وبيوتهم، وشجر زيتونهم، وخرجواalt حفاظاً على أنفسهم، ينتقلون من كرم إلى كرم، ومن قرية إلى  قرية، حتى انتهى بهم المطاف لاجئين في مخيمات اللجوء،  التي  يرزح بعضها تحت ظروف في غاية السوء، ولكن مازال  الجد يحكي لأحفاده قصة تلك الأرض المباركة، ويغرس في  نفوسهم أنَّ الأرض هي شرف الإنسان، ولا يحق لأيّ أحد أن  يتخلّى عن أي شبر منها، ومازالت الأجيال تتوارث مفاتيح  البيوت في فلسطين، لأنَّهم ما تخلوا يوماً عن إيمانهم بأنهم لا  بد عائدون، ليس كما خرجوا، وإنَّما بأعداد أكثر وقوة أكبر، وأنَّ الاحتلال لا بد زائل، وأن تلك الأرض مازالت تحنُّ إليهم كما يحنون لها..

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

أسوأ رمضان يمر على الأمة أم أسوأ أمة تمر على رمضان؟!

كلمة قالها أحد مسؤولي العمل الحكومي في قطاع غزة، في تقريره اليومي عن المأساة الإنسانية …