مضت أربعةٌ وستون عاماً على طرد الشعب الفلسطيني من أرضه، جرَّب خلالها شعبنا صنوفاً عِدَّة من أساليب العمل لاستعادة حقوقه. فقد جرَّب العمل الفدائي في أوائل الخمسينيات، وفي أواخر الستينيات وحتى مطلع الثمانينيات، وفي العقد الأول من القرن الحالي. وجرَّب الانتفاضة بوسائلها المتعددة. وجرَّب العمل السياسي والدبلوماسي. وجرَّب الانقياد للأنظمة العربية المهترئة.
وقد تبين لنا، من خلال البحث والاستقصاء، أن أسهم القضية الفلسطينية ترتفع، ويعلو شأنها في الساحة الدولية كلما استخدمنا الكفاح المسلح. وأن الاستيطان اليهودي في أرضنا ينحسر، وينكمش، ويتوقف كلما مارسنا الكفاح المسلح. تبين لنا أن أسهم القضية الفلسطينية ترتفع ويعلو شأنها كلما استخدمنا الكفاح المسلح، وكذلك فإن الهجرة اليهودية تتراجع، والاستيطان ينكمش، والعدو يصبح أكثر ارتباكاً كلما مارسناه. وأن الهجرة اليهودية إلى بلادنا تتراجع معدلاتها كلما مارسنا الكفاح المسلح. وأن العدو يصبح أكثر ارتباكاً، وأقل أمناً، وأسوأ حالاً كلما مارسنا الكفاح المسلح.
لقد استُخدمت مقولة: "الكفاح المسلح يزرع، والعمل السياسي يحصد" في غير محلها. فإن الحصاد لا يأتي قبل استواء الزرع على عوده. ولا يستوي الزرع بدون رعاية وسقاية وطول عناية. ومَن استعجل الحصاد قبل أوانه؛ لم يحصد إلا الحسرة والندم.
وتلك مقولة ناقضت أحد أهم مبادئ العمل الفدائي التي تبنتها حركات فلسطينية تنتمي لمنظمة التحرير، وهو مبدأ "حرب التحرير الشعبية طويلة الأمد". لقد استعجلت منظمة التحرير الحصاد السياسي، وأسقطت – بالممارسة – حرب التحرير الشعبية طويلة الأمد، فانخرطت في العمل السياسي والدبلوماسي منذ ثلاثة عقود على الأقل، تمدد خلالها الاستيطان اليهودي، وزاد عدد المستوطنين المحتلين، وحصلت (إسرائيل) على اعتراف من البعض بكيانها وبحقها في الوجود والعيش بأمان. واستُبدل "التحرير" – الذي هو جزء من اسم المنظمة وفصائلها – بالمفاوضات حتى الموت. فعن أي زرع يتكلمون، وأي حصاد سيحصدون!
إن طريق العودة إلى فلسطين تتمثل فيما يلي:
1- فلسطين أرض مقدسة، وتحريرها واجب شرعي لا يصلح إلا بِنيَّة صادقة مع الله، والاتكال عليه، وطلب النصر منه وحده، وإصلاح نفوسنا بما يؤهلنا لاستحقاق نصره سبحانه. ثم الأخذ بالأسباب.
الجهاد (الكفاح المسلح) هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين. وعلى القوى الفلسطينية مجتمعة أن تضع خطتها الإستراتيجية المبنية على الجهاد لتحقيق التحرير.
2- الجهاد (الكفاح المسلح) هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين. وعلى القوى الفلسطينية مجتمعة أن تضع خطتها الإستراتيجية المبنية على الجهاد لتحقيق التحرير.
3- الشعب الفلسطيني وقواه الحية هو رأس الحربة في مواجهة الاحتلال. وعلى الأمة العربية والإسلامية دعمه بكل طاقتها في سبيل ذلك، لأن فلسطين أرض مقدسة لكل المسلمين وليس للفلسطينيين وحدهم. وفي ضوء هذا المفهوم، يتم تحديد المهام وتوزيع الأدوار بين الفلسطينيين وإخوانهم من العرب والمسلمين.
4- وحدة الشعب الفلسطيني واجبة لتحقيق النصر. ويجب أن تتوحد الجهود خلف الخطة الإستراتيجية التي يتم الاتفاق عليها. ومَن تقاعس وانخذل بعد ذلك فإنما تقاعسه على نفسه. قال تعالى: " لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (التوبة 47).
5- توظِّف الخطة الإستراتيجية كل إمكانات الشعب الفلسطيني، كلٌ في مجاله، سواء في الاقتصاد والسياسة والإعلام والعمل الدبلوماسي والعلوم المختلفة والفن والرياضة، وسواء الرجل والمرأة والطفل. وهكذا يلتف الشعب حول كفاحه المسلح فيحميه ويقدم له الرجال والمال ويغطيه بالإعلام ويربي عليه الأجيال ويطبِّب جرحاه ويوفر كل حاجياته.
إن ما ينقص شعبنا هو صدق النية مع الله، والتوكل عليه، والتوحُّد خلف أهدافه العليا، ووضع الخطط الإستراتيجية للعودة وللقدس وللأسرى وللتحرير، والتفاف الجماهير حول هذه الخطة. وفقط! وإنا إن شاء الله عائدون .
المصدر: صحفية فلسطين