العوامل المساعدة على حفظ الصحابة للقرآن الكريم

الرئيسية » بصائر قرآنية » العوامل المساعدة على حفظ الصحابة للقرآن الكريم
alt

أكرم الله سبحانه أصحاب رسوله بأن اختارهم لصحبة رسوله صلى الله عليه وسلم، وحفظ كتابه، ونقل وحيه إلى من بعدهم، وقد برزت عوامل عديدة دفعت هؤلاء الأصحاب إلى حفظ القرآن الكريم واستظهاره، منها:

-    صفاء أذهانهم واتقاد قرائحهم وما امتازوا به من ذكاء فطري، وقدرة على الحفظ والاستظهار.

-    الخصائص البلاغية والمزايا البيانية للقرآن الكريم، والتي بهرت العرب وجعلتهم يُقبلون على سماع هذا القرآن وتلاوته بشوق.

-    أمية الصحابة، حيث لم يكن لهم وسيلة للمعرفة سوى الرجوع إلى القرآن الكريم وحفظه واستظهاره عن طريق الرسول صلى الله عليه وسلم.

-    استشعار الصحابة بما في تلاوة القرآن الكريم من طمأنينة للقلوب وراحة للنفوس، وسمو للأرواح، وأن هذا القرآن في تلاوته مناجاة للخالق المنعم سبحانه.

-    إيمان الصحابة  الذي جعلهم يهجرون الأهل والأوطان، ويؤثرون غربة الدار وفراق الأحبة، في سبيل نصرة هذا الدين العظيم، مما جعلهم يرون في القرآن منقذاً لهم من كل جهل وضلال، وهادياً لهم إلى كل خير.

-    تشجيع الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه على حفظ القرآن بأساليب متعددة، منها تفضيل المكثرين من الحفظ على غيرهم، وبيان الأجر العظيم لمن يحفظ مزيداً من الآيات القرآنية، والتحذير من نسيان القرآن بعد حفظه(1).
لقد كان الصحابة يتسابقون إلى حفظ القرآن واستظهاره، حتى هجروا من أجله نومهم وراحتهم، ولقد كان الرجل يمر  ببيوتهم في الليل، فيسمع فيها دويّاً كدويّ النحل بالقرآن، وكان القرآن سميرهم وأنيسهم في ليلهم ونهارهم، وحلهم وترحالهم.
لقد كان الصحابة يتسابقون إلى حفظ القرآن واستظهاره، حتى هجروا من أجله نومهم وراحتهم، ولقد كان الرجل يمر  ببيوتهم في الليل، فيسمع فيها دويّاً كدويّ النحل بالقرآن، وكان القرآن سميرهم وأنيسهم في ليلهم ونهارهم، وحلهم وترحالهم. وكانوا كلما دخل رجل جديد في الإسلام أقبلوا عليه يعلمونه القرآن ويقرؤونه ويفقهونه في دينه، وفي هذا يقول عبادة بن الصامت رضي الله عنه:" كان الرجل إذا هاجر دفعه النبي صلى الله عليه وسلم إلى رجل منا يعلمه القرآن، وكان يُسمع لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ضجة بتلاوة القرآن، حتى أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخفضوا أصواتهم لئلا يتغالطوا"(2).

لقد كان تشجيع الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابة على حفظ القرآن الكريم واستظهاره كفيلاً بأن يقبل الصحابة على التنافس في حفظه، فلا بد أن يكون العشرات من الصحابة قد حفظوا القرآن، غيباً عن ظهر قلب، وهذا يعني تواتر تلقي القرآن في طبقة الصحابة الكرام.

أما طبقة التابعين، فإن الحفاظ فيهم كانوا أكثر عدداً لأسباب منها:
1-    حرص الصحابة على تعليم القرآن لمن بعدهم، سواء أكانوا من أبنائهم أم من الداخلين الجدد في الإسلام.
2-    كثرة  الداخلين الجدد في الإسلام وحرص كثير منهم على تلقي القرآن وحفظه.
3-    توسع الفتوح الإسلامية ودخول كثير من البلاد تحت راية الإسلام.
4-    حرص دولة الإسلام على نشر القرآن وتبليغه للناس.

وقد تجلى ذلك في نشأة كثير من المدارس التي تُعلم القرآن الكريم وتفسيره وقراءته، خصوصاً في الأمصار الكبرى؛ كمكة المكرمة والمدينة المنورة والكوفة والبصرة ودمشق الشام.

وقد ظل شأن حفاظ القرآن في ازدياد، وعددهم في تكاثر، إلى يومنا هذا. وظلت قضية تلقي القرآن الكريم حفظاً عن ظهر قلب متسلسلةً بالأسانيد المتصلة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، يحرص عليها الحفاظ، ويؤكدون تلقيهم القرآن مشافهة عن شيوخهم المسندين، مع الحرص على علو الإسناد، والأخذ عن أكبر عدد ممكن من الشيوخ، زيادة في التحرير والإتقان، ومبالغة في الاحتياط للقرآن.

___________
الهوامش:
(1)  انظر: إتقان البرهان في علوم القرآن1/ 192-194.
(2)  انظر: مدخل إلى تفسير القرآن وعلومه ص109.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

alt

{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ}

ها هو شهر رمضان الفضيل قد انقضت أيامه ورحلت عنّا لياليه المباركات التي كانت مليئة …