ثانوية “العلوم الشرعية”.. حاضنة لتربية جيل مقاوم

الرئيسية » بصائر تربوية » ثانوية “العلوم الشرعية”.. حاضنة لتربية جيل مقاوم
alt

دعا الله سبحانه وتعالى إلى ضرورة الاهتمام بالعلم الشرعي، وجَعَلَه في مرتبة متساوية مع الجهاد في سبيله، حين قال:{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}. (التوبة: 122).
فالعلم الشرعي هو قوام الحياة والضابط لغيره من العلوم الإنسانية والعلمية الأخرى، ومن تفقه في دينه كان خير الناس عند الله بدليل حديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حين قال:  ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)). (صحيح البخاري).
هذا الأمر دفع وزارة التربية والتعليم العالي في قطاع غزة إلى استحداث فرع " العلوم الشرعية"، ليضاف لفروع المرحلة الثانوية إلى جانب الفرع العلمي والأدبي والتجاري، من أجل تربية النشء المسلم، وإعداد القادة والدُّعاة الذين يصلون بالقضية الفلسطينية إلى النصر والتمكين بما يحملون في جعبتهم من قواعد قرآنية وقيم ومبادئ إسلامية نافعة لكلِّ زمان ومكان.

استحداث الفرع الشرعي

الدكتور زياد ثابت الوكيل المساعد لوزير التربية والتعليم قال لـ"بصائر": إنَّ السبب الذي دفعنا لاستحداث فرع العلوم الشرعية في المرحلة الثانوية نتيجة ما وجدناه من إقبال كبير من الطلاب لدراسة المواد الشرعية، بالإضافة إلى أنَّ بعض التخصصات الجامعية تحتاج إلى أساس إسلامي جيّد بحكم أننا مسلمون بالأصل".

وأكَّد ثابت أنَّ المواد الدينية التي تدرس للطلاب ليست كافية، لذلك كان التفكير بإيجاد هذا الفرع الذي سوف يمكن الطلاب من دراسة دينهم وقواعده جيّداً . مشيراً إلى أنَّ الطالب اليوم لا يحمل المعلومات الكافية التي تمكنه من معرفة أصول الدين الإسلامي.

وأضاف أنَّ التخصصات المختلفة كالتجارة و الهندسة والعلوم، لديها متطلبات فقهية ودينية تتعلق بالثقافة الإسلامية تحتم على الطالب دراستها، وإذا لم يكن لديه القدر الكافي من الأساس الشرعي لن يستطيع استيعاب تلك المواد التي يتخصص في دراستها، على حدِّ تعبيره.

المناهج الموجودة

ولفت ثابت إلى أنَّ المناهج الموجودة تحتاج إلى إعادة النظر فيها، وإدخال طور التجديد عليها، كمواد اللغة العربية التي تتضمن بعض الآيات القرآنية والأحاديث، التي تحتاج إلى تدعيم من خلال وضع أصول فقهية لتدريسها جيّداً، مبيّناً أنَّ قدرة فهم الطالب واستيعابه للمناهج ستصبح أفضل من ذي قبل.

وأردف ثابت بالقول: "إنَّ تجديد تلك المناهج يحتاج إلى توافق ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة، الأمر الذي استطاعت الوزارة الحصول عليه، منوّهاً إلى أنَّه يجرى الآن تطبيق العلوم الشرعية على مدارس الأوقاف في قطاع غزة، وإعادة النظر في كل مناهج المراحل الأساسية والثانوية، لتتيح للطالب العادي الإلمام بكافة المواد الشرعية والإنسانية معاً".

وذكر ثابت أنَّ تلك المناهج جاهزة وهي قيد الطباعة، وسيبدأ تدريسها منذ العام الدراسي الجديد، وسيتم إعطاؤها للصف الحادي عشر، على حدِّ قوله.

مميّزات الفرع الشرعي

وأوضح ثابت أنَّ إضافة الفرع الشرعي سيحدث تعادلاً بين فرع العلوم الإنسانية والفرع العلمي؛ حين يتجه عدد كبير من الطلاب للفرع الشرعي على اعتبار أنَّه من أفضل التخصصات الموجودة.

وبيَّن أنَّ دراسة الفرع الشرعي سيخفّف من عبء كثرة المواد في الفروع الأخرى، لأنَّه سيتم تخفيف المواد في كلا الفرعين الإنساني والعلمي وإضافة مواد شرعية عليهم، مشيراً إلى أنَّ عدد الشُعب التي سيتم افتتاحها في الفرع الشرعي داخل المدارس يعتمد بالكلية على عدد الطلاب الملتحقين بهذا القسم، "وإن كان العدد محدوداً، فلن يتم فتح شعب إلاَّ على قدر أعداد للطلاب".

وحدَّد ثابت عدد المواد الدينية التي سوف تدرس وهي 4 مواد مقسمة على 12 حصة أسبوعياً، موضحاً أنَّ التعامل مع المواد من حيث انتقاء المدرسين وتخصصهم في الدين الإسلامي سيتم بحذر شديد، لأنَّه سينعكس إيجاباً نحو الإقبال على هذا الفرع.

لا مجال للتردّد بالالتحاق

وحول مدى تردد بعض الطلاب في الالتحاق بهذا الفرع رأى ثابت أنَّ التردّد غير موجود ولا مجال له، لأنَّ إيجابيات هذا الفرع واضحة، ولا مجال للشك فيها على كافة الأصعدة سواء في المرحلة الجامعية أو الحياة الواقعية للطلاب.

ونوَّه إلى أنَّه سيتم حذف بعض المواد الدينية الإجبارية في المرحلة الجامعية، الأمر الذي سيخفف من ثقل المواد الجامعية على الطالب، لأنَّه يكون قد درسها خلال المرحلة الثانوية، ولا داعي لإعادة دراستها من جديد، على حدّ تعبيره.

الجهات الداعمة

وأشار ثابت إلى وجود جهات داعمة وراعية لوزارة التربية والتعليم. مبيّناً أنَّ منها من يتعامل معهم بشروط لوجود الاحتلال الصهيوني، والآخر بغير شروط مسبقة، مستدلاً على ذلك بالمشروع الألماني الذي حاول إدخال مواد البناء لبناء مدارس جديدة، والذي أخذ الموافقة من إسرائيل حتى تم البناء.

وأضاف أنه سيتم بناء 15 مدرسة جديدة لاحقاً، لتخفيف الكم الهائل من أعداد الطلاب، والتخلص من نظام الفترتين "صباحية، مسائية"، مشيراً إلى أنَّ ذلك يحتاج إلى وقت كبير لإنجازه.

وختم ثابت حديثه بالقول:" يجب على الطلاب ألاّ يتردَّدوا في الالتحاق بالفرع الشرعي، لأنَّه معنيٌّ بإدخال الدين الإسلامي إلى القلوب، وتمكينه بمعرفة الإسلام بحق، موضحاً أنَّه سيجلب الخير للطالب، لأنَّه سيكون أكثر قوَّةً وإيماناً من الطالب الذي يرغب بالالتحاق في الفرع العلمي أو الإنساني".

خطوة في الاتجاه الصَّحيح

ومن جانبه، أكَّد الدكتور زياد مقداد أستاذ الفقه في الجامعة الإسلامية بغزة، على أهمية هذه الخطوة، مشيراً إلى أنَّها تمضي في الاتجاه الصحيح، وفي طريقها للتوعية الشرعية لأحكام الإسلام، وأنها تبدأ منذ الصبا والفترات الأولى من عمر الإنسان.

وقال:" إنَّ افتتاح هذا الفرع سيعمل على نشر الوعي الفقهي والديني، في سن مبكرة لدى أبنائنا وبناتنا، وخاصة أننا نجد في أوساط طلابنا في المرحلة الثانوية، جهل في كثير من الأحكام الشرعية التي ينبغي أن يكونوا على علم وإلمام بها".

وأشاد مقداد بهذه الخطوة. مبيّناً أنها تأتي جنبا إلى جنب مع العلوم الإنسانية والعلمية، لتزيد الوعي العلمي والديني، "وبالرَّغم من وجود صحوة دينية يشهدها أبناء هذا العصر، لكنَّها قاصرة على أطر معينة ممن يرتادون المساجد، وداخل الأسر المتدينة، التي تربي أولادها منذ الصغر على الالتزام، وما هو حلال وحرام".

وشدَّد مقداد على أنَّ العلوم الشرعية ستدرس منذ فترة البلوغ، وهي المرحلة الثانوية التي يكون فيها الطالب جاهزاً لتلقي كلّ ما يملى عليه من الدين؛ ويصبح مكلّفاً بتلك الأحكام لأنَّه لم يعد صغيراً، وإن جهل بهذه الأحكام وقع في الإثم والمعصية.

الشرع وما فيه من خير

وبيَّن مقداد من خلال معايشته للقسمين الإنساني والعلمي أنَّ بعض الطلاب الذين يدخلون أحد هذه الأفرع وهو رافض لها بحيث لا يقوى على صعوبة موادها وكثرتها، ليأتي قسم العلوم الشرعية من باب التخفيف على الطلاب وليجد مجالاً يتناسب مع رغباتهم وقدراتهم.

وقال مقداد:" إنَّ من أنهى الثانوية العامة ودخل الجامعة والتحق بكليات الشريعة وأصول الدين في السَّابق، لم يكن لديه أي خلفية سابقة عن أمور دينه، لكن عند افتتاح هذا القسم سيكون عند الطالب خلفية مسبقة من معلومات الشريعة الإسلامية، وبالتالي سوف يبدع في تخصصه"، حسب مقداد.

وأكَّد مقداد على أنَّ طلاب كلية الشريعة وأصول الدين كان لديهم نوع من الصدمة والمفاجأة، في أول مساقات الكلية، لأنَّهم لم يتعوّدوا على هذه العلوم ولم يدرسوها من قبل.

وأضاف أنَّ علوم الشريعة هي أصل العلوم ومن خلالها يتحقق رضا الله والخير للمجتمع، مستدلاً بقول الرَّسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم : ((من يرد الله به خير يفقهه في الدين)).

ودعا مقداد إلى الوقوف باهتمام حول افتتاح هذا الفرع سائلاً المولى عزّ وجل الخير لأصحاب هذه الفكرة.

واستطرد حديثه عن ابنته التي طلبت منه وهي في الصف الحادي عشر، الالتحاق بقسم العلوم الشرعية مباركاً إيَّاها لاتخاذها تلك الخطوة وناصحاً لها.

الارتقاء لأعلى المناصب

وتوقّع مقداد أن يشهد الفرع الشرعي إقبالاً كبيراً . مشيراً إلى أنَّه قبل عشرات السنوات لم يكن هناك إقبال كبير على دراسة علوم الدين، لكنَّه اليوم أصبح من يدرسها يرتقي لأعلى المناصب، لأنَّ الله جعل فيها الخير، "فكثيرا ممن درسوا الشَّرع أصبحوا من النخبة وصناع القرار والرأي".

ووجَّه مقداد رسالته إلى الطلاب، الذي يترددون في الانتماء إلى قسم العلوم الشرعية بالثقة بأنَّ الله لن يضرّهم وسينفعهم به بإذن الله . مؤكّداً عدم ممانعته من دراسة أيّ قسم من الأقسام الأخرى، لأنَّ كلاهم فيه الخير في الدنيا والآخرة.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

33 خطأً ترتكبه الأمهات في حق أنفسهن وأبنائهن (1-2)

تبذل الأم قصارى جهدها لتكون أحسن الأمهات على الإطلاق، وهذا أمر غير منطقي، ويجعلها ترتكب …