أفلام الكرتون “سمٌّ في العسل”

الرئيسية » بصائر تربوية » أفلام الكرتون “سمٌّ في العسل”
alt

تلعب الرسوم المتحركة دوراً مهماً في تكوين شخصية الطفل، و رسم ملامحها، كما تحتل مكانة خاصة في أعماقه، لأنَّها تقدم له –في قالب جميل – كلّ ما تهفو إليه نفسه من عوالم ساحرة يحلم بها، أو قصص جذابة تدور أحداثها في أجواء من الخيال.

وتتجاوز أهمية أفلام الكرتون مسألة الترفيه في حياة الأطفال، فهي مسؤولة إلى حدّ بعيد عن تشكيل وعيهم وإدراكهم خاصة في السنوات المبكرة من عمر الطفل، لكنّها في الوقت ذاته متهمة بتزايد عنف الأطفال وعزلتهم اجتماعياً خاصة مع وجود الكثير من مشاهد العنف البعيدة عن قيم وعادات مجتمعاتنا.

موقف الآباء

أمجد حرز الله ( 50عاماً) قال:" إنَّ أفلام الكرتون مهما احتوت على مشكلات تربوية وعقائدية، لكنَّها تبقى أقلّ ضرراً من أن يجلس الأبناء أمام المسلسلات العربية والأجنبية الساقطة، والأغاني والكليبات الهابطة، ومهما كان ضررها فيمكن إصلاحه".

أمَّا ندى الخازندار( 28 عاماً) قالت:" إنَّ أفلام الكرتون شر لابد منه، فهي أصبحت منهج في حياة الأطفال ورغم أنَّها تعلمهم العنف في أحيان كثيرة إلاَّ أنَّها ضرورية لتنمية خيالهم بشرط مراقبة الأم ومتابعة كل ما يشاهده الطفل".

أهمية أفلام الكرتون

بدورها، قالت الدكتورة فتحية اللولو أستاذة التربية بالجامعة الإسلامية بغزة:" إنَّ أفلام الكرتون من أهم وسائل التثقيف للطفل عندما يتم مقارنتها بالوسائل الأخرى مثل الكتاب والكاسيت والوسائل التعليمية، لإمكانية تحقيقها لعنصر التشويق عند عرض أية فكرة، خصوصا الأفكار الخيالية، موضحةً أنَّ فيلماً كرتونياً واحداً لمدَّة ثلاثين دقيقة يساوي في أثره آلاف الكتب".

وأضافت اللولو أنَّه لابد من مواكبة العالم في جانب إنتاج أفلام الكرتون التي تواكب التطور المذهل في عالم تقنية المعلومات، مشدّدة على ضرورة التكاتف لإنتاج عمل ذي هدف واضح ومحدد مع ضمان استمرارية العمل حتى يتم جذب الطفل المسلم إلى المفاهيم الإسلامية الأصلية.

وأشارت اللولو إلى أنَّ كثيراً من الأهالي يقومون بتشفير قناتي "سبيس تون ووالت ديزني" لأبنائهم الذين يعتمدون عليهما كمصدر أساسي في مشاهدة أفلام الكرتون وغيرها، معتبرة أنَّ أفلام الكرتون رسالة حضارية وثقافية تحمل مضموناً معيناً يراد تبليغه، وتظهر فيه البصمات الحضارية الخاصة.

التأثير على شخصية الطفل

وبالنسبة لتأثير أفلام الكرتون على شخصية الطفل قالت اللولو:" إنَّ الأمر الثابت والذي ينبغي على المربي معرفته هو أنَّ الصور والأصوات تترتب في ذهن الإنسان بمواقف وتجارب الحياة، وبالحالة النفسية التي يكون فيها لحظة المشاهدة أو الاستماع، وهو ما يسمَّى في عالم البرمجة بالرابط أو الإرساء، وهو أمر طبيعي يحدث في كلِّ لحظة من لحظات حياتنا".

كما أكدت على أنَّ أفلام الكرتون تعمل على صياغة شخصية ونفسية الطفل، منوّهة إلى أنَّ الطفل بطبيعته مولع بالمحاكاة التي يعتمد عليها كثيراً في تعلمه، حيث أثبتت دراسات التعليم فاعليتها كطريقة في إكساب المهارات والاتجاهات.

وتابعت بالقول " كما أثبتت أفلام الكرتون القليلة التي انتهجت هذا المنهج نجاحاً باهراً لاعتمادها على الصَّوت والصورة والقصة وهي ثلاثة جوانب يحبها الطفل ولها أثرها في التربية والتعليم".

الرَّصيد الثقافي والوجداني

وقالت اللولو:" إنَّ أفلام الكرتون تعطي الطفل فرصة الاستمتاع بطفولته وتفتح مواهبه وتنسج علاقاته بالعالم، وتؤثر في وجدان الطفل، إلى الحد الذي يحقق حالة التماثل القصوى، لأن الصورة المصحوبة بالصوت في المراحل المبكرة للطفل تتجاوب مع الوعي الحسي والحركي لديه، وتحدث استجابات معينة في إدراكه، تساهم فيما بعد في تشكيل وعيه وتصوره للأشياء من حوله، لأنَّه يختزنها وتصبح رصيده الثقافي والوجداني والشعوري"، على حدّ تعبيرها.

واستدركت بقولها:" لكن الصور والرسوم ليست مستقلة عن الأبعاد الثقافية والهوية الحضارية، فالصورة في نهاية الأمر وسيلة تبليغ وأداة تواصل وجسر بين الطفل والرسالة المحمولة إليه".

أين تكمن المشكلة

وشدَّدت اللولو على أنَّ المشكلة ليست في أفلام الكرتون، ولا فيمَن صنعها، بل فيمن يعرضها على حالها كما جاءت من بلد المنشأ، لأن هذا العمل ونحوه لم يُوجِّهْه صانعوه لنا، ولكنّنا بسبب إفراطنا في الإيمان بنظرية المؤامرة نتصور أن العالم متوجه إلينا يريد أن يغزونا في الأخلاق، مضيفة أننا في حاجة إلى أن نوجد حلاً لمشكلة إعلام الطفل، وعلى رأس ذلك إيجاد الكرتون المحلي البديل. من واجب الوالدين المراقبة والنصح والمناقشة إذا ما لاحظوا أنَّ أبناءهم يشاهدون ما قد يؤثر على حياتهم وخصوصاً أنَّهم في مرحلة يكونون فيها قادرين على اكتساب الشيء بسهولة"

مرحلة البدء

من جانبه قال الدكتور أسامة حمدونة أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر في غزة:" إنَّ الطفل وهو في مرحلة البدء يتأثر تأثراً كبيراً بالعالم الخارجي وما حوله من أفكار وقيم، ويؤثر على طريقة تفكيره خصوصاً الأطفال التي تتراوح أعمارهم بين 1-3سنوات‏.

وأضاف أنَّ الطفل في ذلك السن يخزن كلّ ما يراه ويسمعه في ذاكرته، "فتلك الرسوم تؤثر على سلوكه وتصرفاته ممَّا يؤدِّي إلى ممارسة العنف مع زملائه كالضرب مثلاً‏ .

سيف ذو حدين

وأكَّد حمدونة على أنَّ الكرتون سيف ذو حدين. مبيّناً أنَّه كما يوجد لتلك الأفلام إيجابيات يوجد لها سلبيات، فمن أهم التأثيرات الإيجابية توسيع أفق التفكير عند الأطفال، وغرس القيم الإيجابية في نفوس الأطفال مثل قيم التعاون والصداقة والأمانة والأخوة، وتوضيح بعض المفاهيم التي يركز عليها الطفل في هذه المرحلة مثل الخير والشر والصِّدق والكذب.

وتنمي المعرفة والقدرة على الابتكار والتفكير، بالإضافة إلى أنَّها تساعد الطفل على اكتساب الصفات الإنسانية الجيدة وتنمي شخصيتهم.

 

سلبيات أفلام الكرتون

ولفت حمدونة إلى سلبيات أفلام الكرتون. مبيّناً أنَّها تتمثل في اكتساب الطفل بعض الصفات السيئة التي تترك آثار سلبية في نفسيته مثل القوة والجرأة وغيرها، وتجعل الأطفال يقلدون الشخصيات الكرتونية الغير حقيقية، وتؤثر على الطفل من حيث قيمه ومبادئه وثقافته السائدة، لأنَّ هناك بعض الأفلام التي لا تتناسب مع قيمنا وتقاليدنا وثقافتنا العربية .‏

ورأى حمدونة أن تأثير أفلام الكرتون على الطفل له عواقب سيئة من حيث تكوين شخصية الطفل، حيث إنَّه يتلقى الحدث من جانب واحد وليس له حق التعبير والمشاركة فيه بعكس إذا كان مع أطفال مثله، فهناك له الحق في الحركة والتعبير.

التأثير الاجتماعي

وبخصوص تأثير الرسوم المتحرّكة على نفسية الطفل والتأثير عليه اجتماعياً . قال حمدونة:" إنَّ الأفلام لها تأثير نفسي واجتماعي؛ حيث إنَّ بعض الأفلام التجارية تجعل من الطفل شخصا انعزاليا لا يحب الاختلاط ولا يهمّه سوى أن يشاهد أفلام الكرتون، كما تدفعه لان يقوم بتقليد بعض الحركات مؤكّداً خطورة ذلك على مستقبل الطفل.

واجب الآباء

وأوضح حمدونة أنَّه يجب على الآباء عدم الانشغال بالحياة على حساب أبنائهم، "فنحن تحت رحمة المحطات وما تبثه، ولكن من واجب الوالدين المراقبة والنصح والمناقشة إذا ما لاحظوا أنَّ أبناءهم يشاهدون ما قد يؤثر على حياتهم وخصوصاً أنَّهم في مرحلة يكونون فيها قادرين على اكتساب الشيء بسهولة"

معلومات الموضوع

الوسوم

  • أخلاق
  • الأطفال
  • اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

    شاهد أيضاً

    “بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

    كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …