الواجبات المدرسية تعطى للطلاب كي تعزِّز من تعلمهم اليومي، وتطبيقاً للمفاهيم التي تعلّموها خلال يومهم الدراسي المنصرم، فإذا تقاعس الطالب عن حلِّ الواجبات أو لم يقم بحلها بمفرده ينتفي هدف هذه الواجبات.
وعلى الآباء والأمهات التأكّد من إنجاز هذه العملية وإتمامها على أكمل وجه لتتم الفائدة منها.
وفي الوقت ذاته يجب أن تتم مساعدة الطالب على إنجاز الواجب المدرسي بشكل صحيح؛ لأنَّ الهدف ليس حلّها فقط، بل يشترط أن تكون تلك الحلول صحيحة، لأنَّه يترتَّب عليها إعطاء المفاهيم والمبادئ التي سوف يسير عليها الطالب في المستقبل..
أسباب الإهمال ..
الدكتور فؤاد العاجز أستاذ الإدارة التربوية والتربية المقارنة في الجامعة الإسلامية بغزة، ونائب عميد البحث العلمي أوضح لـ "بصائر" أبرز الأسباب التي تدفع الطلاب إلى إهمال واجباتهم قائلاً :"إنَّ الواجبات المدرسية التي تعطى للطلاب تكون فوق طاقتهم الفكرية والبدنية، كما أنَّ عدم وجود التنوع الكافي لوضع الأسئلة في الواجبات المدرسية هو بالأساس الذي يجعل الطالب ضعيفاً، ولا يقدر على حلّ الواجب، فيشعر بالتثاقل عندما يستذكر واجبه المنزلي".
وأضاف أنَّ عدم متابعة بعض الأساتذة هي التي تجعل الطالب متكاسلاً عن حلِّ واجباته، "لأنَّ المدرس فقط يقوم بسؤالهم يومياً: هل أديتم الواجب، فإذا كان أحد الطلاب لم يؤده يقوم بضربه وإهانته أمام زملائه وينتهي الموضوع، وكل ذلك يجعل من الطالب نموذجاً سلباً في أداء واجباته، فيشعر بداخله بنوع من التمرّد سواء على المدرسة أو المعلم، حسب العاجز.
هدف الواجب المنزلي
ولفت العاجز إلى أنَّ هدف الواجبات المنزلية التي تعطى للطلاب تكمن في عمل نوع من التواصل مابين المدرسة والبيت، ليبقى عقل الطالب دائما متيقظا، ولا يغفل أو يهمل دراسته، بالإضافة إلى عمل نوع من الترابط بينه وبين المدرسة، لأنَّ عقل الطالب إذا بقي مبرمجاً على نوع من الإهمال ولو شيء بسيط للمواد التعليمية سيكون نتائجه وخيمة، لأنَّ العقل جبله الله على النسيان ووجود التواصل هو في غاية الأهمية، على حدِّ تعبيره.
أسباب التأخر الدراسي
وحول سبب تراجع المستوى الدراسي لدى الكثير من الطلاب بعد اجتياز المرحلة الابتدائية قال العاجز :" إنَّ المعلم هو السبب الأوَّل في ذلك، فنجد المعلم في المرحلة الابتدائية يشعر بنوع من الانتماء للمدرسة ويكون اهتمامه بالطالب جيّداً، لأنَّه يكون متواصلاً معهم على اعتبار أنَّهم ما زالوا صغاراً ويحتاجون إلى رعاية، فيقوم بمتابعتهم سواء في حلِّ الواجب أو في الامتحانات.
وتابع بالقول :"لكن في المراحل الأخرى؛ كالإعدادية والثانوية لا نجد هذا النوع من الاهتمام، مبيّناً أنَّ الأسرة لها دور مهم في تأخر الطالب في تلك المراحل، "فنجد الآباء مهتمين بأولادهم وهم صغار وإن كبروا يقل هذا الاهتمام فينعكس سلباً على الطالب لأنَّه لا يزال يحتاج إلى رعاية واهتمام، بالإضافة إلى أنَّ بعض الأسر تركّز اهتمامها على الابن البكر وتهمل الآخرين، على حدِّ وصفه". نقص دافعية الطالب للتعلم، وعدم وجود أهداف واضحة عنده، بالإضافة إلى نقص التعزيزات المعنوية والمادية تعدُّ سبباً رئيساً في فشله.
ووجَّه العاجز نصيحة للأسرة، قال فيها :" إنَّ الأسرة يتوجب عليها أن يكون لها دور كبير في رعاية الطالب وان تكون على قدر من المسؤولية، فالمتابعة واجبة عليهم، وسؤال الأم عن ابنها خلال العام الدراسي شيء ضروري، يجعل الطالب شعلة من النشاط والحيوية، كما يجب قيامها بمساعدة أبنائها في حل الواجبات إن صعب عليهم شيء، كما يجب على الأم أن لا تقوم بضرب أبنائها إن أخطؤوا، بل تنصحهم بأسلوب هادئ".
وأكَّد العاجز على ضرورة أن يمتنع المعلمون عن إعطاء الطلاب التمارين الصعبة والتي لا تناسب قدراتهم وكأنَّها من باب "التعجيز". مبيّناً أنَّ الطالب الضعيف لن يستطيع أن يقوم بحلِّ الواجب إن لم يعرف طريقة الإجابة عن الأسئلة؟، "فمراعاة مستويات الطلاب أمر لابد منه، ولا مانع من إعطاء أنواع من الواجبات وإعطاء "الخيار" للطالب بإمكانية حلّها إن استطاع، حسب العاجز.
نقص الدافعية للتعلم سبب الفشل
ومن ناحية أخرى، أرجعت الدكتورة فتحية اللولو أستاذة التربية في الجامعة الإسلامية بغزة أسباب إهمال بعض الطلاب لواجباتهم الدراسية إلى عدم قدرة الطالب على الحل، نتيجة عدم فهمه الجيّد للدرس أثناء شرحه، منوّهة إلى أنَّ نقص دافعية الطالب للتعلم، وعدم وجود أهداف واضحة عنده، بالإضافة إلى نقص التعزيزات المعنوية والمادية تعدُّ سبباً رئيساً في فشله.
واستكملت حديثها بالقول:" بالتالي سيكون الأثر بالغاً على نفسية الطالب، بحيث إنَّه إن قام بحلِّ واجبه أم لا، فالنتيجة ستكون واحدة حسب اعتقاد الطالب، كما أنَّ استخدام أسلوب الترهيب سيخلق عقدة نفسية عنده، فيصبح الطالب منطوياً على نفسه ويشعر بنوع من التهميش العاطفي".
وبيَّنت اللولو أنَّ عملية التركيز على المفاهيم والمبادئ المهمة التي تكسب الطالب الحيوية والنشاط أثناء عمل الواجب تجعله يقوم به على أكمل وجه، لأنه سيشعر بأهميتها وأنها سوف تنمي قدراته، لسهولة حلها وسرعة استيعابها نتيجة مساعدة من حوله، وبالتالي ستساعده على عملية الانتقال من الإطار النظري للمدرسة إلى الإطار الحيوي والعملي الذي يشعره بمكانته ونجاحه.
وأضافت أنَّ كلَّ ذلك يعطي الطالب جرأة ودفعة نفسية بعدم الخجل من المعلم، لأنَّه قام بانجاز الواجب الذي أعطي له، ويكون مفتخرا بنفسه.
وذكرت اللولو أنَّ عملية النسخ التي تعطى للطالب مهمة خلال المرحلة الابتدائية، كونها تساعده على تعلّم مهارات الكتابة وضبط الإيقاعات والحركات على الورق. مشدّدة على ضرورة الابتعاد عن الأسئلة الطويلة المملة.
مشاكل الأسرة
وأوضحت اللولو أنَّ تراجع المستوى الدراسي عند بعض الطلاب يعود إلى صعوبة المساقات، حيث إنَّ الأم تتابع ابنها خطوة بخطوة، لكنَّها تصدم بتعقيد في بعض المواد الدراسية، ممَّا يدفعها لإهمال تدريس ابنها وتكون النتيجة فشل الطالب، مشيرة إلى أنَّ فشل العلاقة الزوجية بين الآباء تعد من أخطر المشاكل التي تساهم في التأخر الدراسي.
وأردفت قائلة:" فالطالب نتيجة وجود مشاكل أسرية داخل بيته يكون لا هم له سوى التفكير بأمه وأبيه وماذا سيفعل وكيف يحلّ مشاكلهم، كما أنَّ الخوف النفسي للطالب ينتج عن مأساة حقيقية تدفعه للإهمال والتسيب".
طرق العلاج
وبالنسبة لكيفية علاج مشكلة إهمال الطلاب لواجباتهم المدرسية، أكَّدت اللولو على أهمية وجود أسرة مترابطة سعيدة بعيدا عن المشاجرات الزوجية، "لأن ذلك ينعكس على الأبناء، فالاستقرار يجعل منهم نماذج يحتذى بها سواء في المدرسة أو الشارع، بالإضافة إلى توجيهم إلى حياة تعليمية أفضل وتشجيعهم على الدّراسة والقيام بالواجبات المتصلة بها".
وأضافت أنَّه يجب على الوالدين التعرّف على المشكلة وأبعادها وظواهرها، والإلمام بأسبابها عند أبنائهم، وإقامة علاقة وطيدة بين الطالب ومعلميه، وتنمية بصيرة الطالب بعواقب إهمال الواجب، بالإضافة إلى توجيه رسالة للطلاب بأنَّهم بناة المستقبل فلا يبخلوا على أنفسهم وأوطانهم بجدهم واجتهادهم.
وأشارت اللولو إلى أنَّ الواجبات المدرسية تختلف في درجة صعوبتها وأنَّه في بعض الأحيان يكون من الضروري مساعدة الأولاد في إنجازها وإعادة توضيحها، لكي يشعر الطفل بأنَّ العائلة متضامنة معه من أجل إنجاز واجباته المدرسية؛ ممَّا يقوي الروابط الإيجابية عند الطفل سواء مع عائلته أو مع الدراسة بشكل عام.