“الفيس بوك” وتويتر” .. الدعوة بوسائل العصر

الرئيسية » بصائر تربوية » “الفيس بوك” وتويتر” .. الدعوة بوسائل العصر
alt

يوماً بعد يوم تزداد أهمية شبكات التواصل الاجتماعي؛ وعلى رأسها موقعي "فيس بوك وتويتر"، وخاصة في المجتمعات الإسلامية والعربية.

وقد تبدلت النظرة السلبية التي رافقت نشأة تلك المواقع، خاصة بعد استخدامها في ثورات الربيع العربي، فأصبحت النظرة إليها تحمّل بعض "الايجابية".

إلاَّ أنَّ الكثيرين ما زالوا ينظرون بريبة شديدة تجاه هذه المواقع، معتنقين نظرية "المؤامرة"، مشدّدين على أنَّ الغرب اخترع تلك المواقع من أجل تدمير النسيج الاجتماعي والثقافي الإسلامي والعربي.

في المقابل، يقول البعض: ليس بالإمكان التصدّي لزحف مواقع التواصل الاجتماعي، فكيف يمكن جعلها محضناً تربوياً بدلاً من أن تكون مصدراً للانحراف والفساد؟ وما هو دور الدعاة في ذلك؟

ماهية الشبكات

الخبير في الشؤون التكنولوجية المهندس والمدوّن خالد صافي قال لـ"بصائر":" إنَّ ما يعرف بالفيس بوك وتويتر عبارة عن مواقع وشبكات تختص بالتواصل الاجتماعي بين أنحاء العالم، حيث يكون محتواها من المشاركين أنفسهم، وليس من أصحاب الموقع، ويكون التفاعل بين كلّ شخص موجود له أصدقاء ومعارف، حيث يقوم بنشر صور ومعلومات وحقائق".

وأشار إلى أنَّ تلك المواقع تعدُّ أدوات للنشر والإعلام، حيث يغلب عليها وبالدرجة الأولى طابع التسلية في مجتمعنا، وبعد ذلك يأتي دور الثقافة، معتبراً أنَّ المجتمع الفلسطيني من أكثر المجتمعات تفاعلاً مع هذه التقنيات، وبالتالي هو يبحث عن أصدقاء له من الخارج والداخل ليكوّن معارف جديدة من أجل التزود بالمعلومات، والهروب من الواقع الذي يعيشه.

الملتزمين أكثر ارتياداً

ولفت إلى أنَّ الملتزمين" المتدينين" أصبحوا الأكثر ارتيادا لتلك المواقع، حيث وجدوا منها منفذا جديدا لنشر ثقافتهم الإسلامية وجعلها محضناً تربوياً . مشيراً إلى اهتمام كثير من الشيوخ، كأمثال  محمد العريفي وسلمان العودة، وعمرو خالد في إنشاء حسابات لهم ومدوّنات على تلك المواقع ليبثوا من خلالها إنتاجهم وأفكارهم، وكان ذلك فاتحة خير لهم، حتى أصبحت وسيلة لا غنى عنها بالنسبة لهم، حسب صافي.

وأردف بالقول:" إنَّ تلك التقنيات تكمن أهميتها في كونها سهلة الاستخدام، وفي متناول الجميع، بالإضافة إلى أنَّها غير مكلفة ولا يحتاج مرتادوها سوى الاتصال بشبكة انترنت، الأمر الذي أوجد أعداداً ضخمة من المقبلين عليها، حيث بلغ عددهم ما يقارب المليار نسمة أي سبع الكرة الأرضية".

دورها في تكوين رصيد تربوي

وأرجع صافي أهمية مواقع التواصل الاجتماعي التي ارتادها هذا الكم الهائل، إلى دورها في تكوين رصيد تربوي فعَّال داخل المجتمع،معتبراً أنَّه كلَّما زاد عدد الأصدقاء والمعارف كلَّما ساعد ذلك على نشر المفاهيم التربوية بشكل أوسع واشمل.

وتابع بالقول :" كلّما انخرط الشخص داخل صفحات الفيس بوك، كلما تراكم لديه مخزون ثقافي كبير، وتكوَّنت لديه شخصية قوية، وهذا يفيده في طريقة التعامل مع الناس، لأنَّ البشر بطبيعتهم لا يلتفون إلاَّ حول الشخص الإيجابي الفعَّال"، على حدّ تعبيره.

صاحب العطاء الأفضل

وقال صافي:" إنَّ صاحب العطاء الأكثر داخل كل موقع، والأفضل في تقديم نموذج في التربية والأخلاق الرَّفيعة، سيلحظ تزايد الإقبال على صفحته، لأنَّه عكس الايجابية التي تكمن داخل شخصيته وأظهرها من خلال مواضيعه التي طرحها، لأنَّ الكثير من الناس ترغب في إضافة الأشخاص الذين يحملون السمات التربوية التي يمكن أن ينتفعوا بها".

وأكَّد صافي على أنَّ الإنسان داخل تلك المواقع إذا اتسم أسلوبه بالسلبية والبعد عن المفاهيم والتعاليم التربوية، سيكون ذلك كفيلاً في تعزيز وتعميق الفجوات والسلبيات التي ستدخل قلب كلِّ إنسان، لتصيبه بالفشل والتقاعس عن خدمة دينه، وتبعده عن القيم والمبادئ التي تربّى عليها، لأنَّ كلَّ شخص داخل هذه الشبكات سيؤثر بالأخر.

سلبيات التقنيات الحديثة

وذكر صافي بعض السلبيات التي تواجه مواقع التواصل الاجتماعي أهمها؛ من الناحية القانونية، عدم الاهتمام بالحقوق الفكرية، " فبعض الناس مهمتهم فقط هو الأخذ من الآخرين وسرقة موادهم، ونشرها كأنها لهم، الأمر الذي يعدُّ من الجرائم التي ترتكب من قبل مرتادي الفيس بوك وتويتر".

وأضاف أنَّه من الناحية الأمنية، أسهب العالم العربي بالادّعاء بأنَّ هذه المواقع جاسوسية بالدَّرجة الأولى، وإن يمكن سرقة معلومات عن الآخرين وأرشفتها، وبالتالي يسهل الوصول لأيّ شخص. مشيراً إلى أنَّ شركة "الفيس بوك" لا تسمح على الإطلاق الاطلاع على أحوال أيّ شخص، إلاَّ عند الضرورة.

واستكمل صافي حديثه بالقول:" أمَّا من الناحية الدينية، فإنَّ كثير من مستخدمي التقنيات الحديثة، لا يعرفون المحاذير الدينية، فينخرطوا في مواضيع بعيدة عن مفاهيمنا الدينية، ويقوموا بالاطلاع على صور غير محتشمة، ومواضيع تخدش الحياء".

ونوَّه إلى أن هذه الأدوات جعلت من الناس آلات تحرّكها الأهواء والشهوات، حيث ذهبت بهم بعيداً عن المجتمعات التي يعيشون فيها، ودفعتهم نحو الانطوائية والعزلة، والعلاقات المحدودة، وقللت من زيارة الأرحام والتوادد بين الناس، لدرجة أن وصل الأمر للإعلان عن الأفراح وحفلات التخرّج، وغير ذلك من خلال تلك المواقع.

الجوانب الايجابية

وقال صافي:" إنَّ هذه المواقع لاشك أنَّها أثرت في المجتمع بشكل ايجابي أيضاً، بالرَّغم من امتلاكها للجوانب السلبية. مبيّناً أنَّ الآثار السلبية والإيجابية تعتمد على نوعية الشخص الذي يتعامل معها".

وأوضح أنَّها تعدُّ وسيلة للمعرفة، كما أنَّها توفّر الوقت بالنسبة للشركات في التسويق والدعاية والإعلان وتنظيم التجمعات، كما حدث في مظاهرات وثورات الشعوب ضد الحكام، وأفادت كثير في نواحي التخطيط والتنظيم والانتشار.

ولفت إلى أنَّها أسرع وأوفر وأقل مخاطر، وتوفر الجهد في البحث عن ما يحتاجونه من أشياء تلزمهم، كما أنَّها وسيلة لتوفير المال لبعض الأشخاص، حيث إنَّ مخاطرها قليلة في مسألة التسوق، لأنَّ الأشخاص يكونون غير معروفين، ويكون التنافس بينهم أسهل، حسب صافي.

سلاح ذو حدين

ومن جانبه، أكد الداعية الفلسطيني والمحاضر في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية الشيخ وائل الزرد على أنَّ هذه التقنيات الحديثة نشأت في الأصل لتبادل المعلومات بين الناس، معتبراً أنَّها سلاحٌ ذو حدين يمكن أن تنفع في الخير والشر معاً، وبحاجة إلى أن يتعامل معها الشخص بحذر شديد، لأنَّ الكثير من الناس وبعض الشركات تستغل هذه الشبكات في ارتكاب الفواحش والإيقاع بالآخرين، على الرَّغم من أنَّ لها رصيداً قوياً في بث للفوائد التي يمكن أن يستفيد منها المجتمع.

دور أبواق الفكر الغربي

وقال الزرد:" إنَّ العلمانيين والليبراليين دخلوا مواقع "الفيس بوك وتوتير" ليكونوا أبواقاً للفكر العلماني المنحرف، وأنشؤوا الكثير من الصفحات التي بثوا من خلالها أكاذيبهم وعقائدهم، التي يمكن أن تنتشر إلى مجتمعاتنا بسهولة، لأنَّ أكثر من يرتاد هذه الصفحات هم من جيل الشباب، الذي ينساق وراء الأهواء، ولا يكون لديه أي وعي لما يكمن وراء تلك المؤامرات ".

وعلَّق الزرد بقوله:" إنَّ الاكتفاء بمقابلة الأصدقاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يحرم الفرد من التواصل الحقيقي، وفوائده الصحية؛ حيث إنَّ الالتقاء "وجها لوجه" في الحقيقة يمنح الجسم فوائد عديدة لا نلمسها حين نكتفي بإرسال الرسائل عبر الفيس بوك وتويتر . مبيّناً أنَّ اللقاءات المباشرة تحفز الجسم على مزاولة وظائفه الطبيعية مثل إفراز هرمونات الاكسيتوسين؛ والتي تحفز الجسم على التفاعل عاطفيا مع مقابليه".

نشر القيم الفاضلة

ولفت الزرد إلى أنَّ "الفيس بوك وتوتير" يعدَّان من الوسائل الحديثة التي يجب الاستفادة منها في التعليم ونشر القيم الفاضلة ولا ينبغي منعها، والقول بأنَّها لا تصلح وغير مفيدة. موضحاً أنه يمكن استخدامها لنشر الآراء، بحيث إنَّه إذا كان المقصد من وراء نشر كلام معين أو رؤى معينة يختلف مع قيمنا الدينية، يأخذ حكم التحريم، أمَّا إذا كان مقصدها نشر أمور الدَّعوة والفكر والقيم وجب ذلك، "ولابد أن نتعاون مع الشباب في دعوتهم بالحكمة والموعظة الحسنة".

وأشار الزرد إلى أنَّ الإسلام يحترم أيَّ وسيلة للتواصل مع الناس . منوّهاً إلى أنَّ الفيس بوك والتوتير مثل السكين والتلفاز، فإذا استخدمت في الخير كانت مباحة وإذا استخدمت في الشر أصبحت غير مباحة.

وأكَّد على ضرورة أن يربى الإنسان أولاده ويروّض نفسه على استخدام هذه الأدوات الحضارية فيما ينفعه، حسب الزرد.

{youtube}dsR0DIyqjps{/youtube}

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
صحفية فلسطينية مقيمة في قطاع غزة، حاصلة على درجة البكالوريوس في الصحافة والاعلام من الجامعة الاسلامية بغزة عام 2011م، وكاتبة في موقع "بصائر" الإلكتروني، وصحيفة "الشباب" الصادرة شهرياً عن الكتلة الاسلامية في قطاع غزة. وعملت في العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية أبرزها صحيفة فلسطين، وصحيفة نور الاقتصادية، وصحيفة العربي الجديد.

شاهد أيضاً

ما دوري كمسلم في معركة طوفان الأقصى

نقف حيارى أمام الصمت العربي المريب اتجاه كل ما يحدث في غزة العزة، يقطعنا العجز …