الشرود الذهني مشكلة يشكو منها كثير من الناس، وهي تزداد كلما تقدم العمر وكثرت مشكلات الحياة، وهي مشكلة تعطل أفضل قوى الإنسان التي يتميز بها على سائر المخلوقات وهي العقل والفكر، وعند السعي لمعالجة هذه المشكلة لا بد من البحث عن أسبابها:
أولاً: بعض أسباب الشرود الذهني:
1- وجود مشكلة ملحة خارج العمل، وقد تكون هذه المشكلة عائلية- مالية- معيشية– اجتماعية- عاطفية.. إلخ.
2- توقع حدوث أمر مخيف والانشغال به.
3- المعاناة من مشكلة صحية.
4- وقوع أمر يؤدي إلى الفرح الشديد.
5- يكون في محيط العمل وبيئته ما يشغل الفكر ويؤدي لعدم الارتياح، مثل شدة الضوضاء فيما حول مكان العمل، أو الشعور بالجوع أو الظمأ الشديدين، أو عدم الارتياح لبعض زملاء العمل.
ثانيًا: علاج مشكلة الشرود الذهني أثناء ممارسة عمل من الأعمال:
إن بناء القدرة على التركيز الذهني والعقلي يحتاج إلى تمرين هادئ وطويل، لكنه صارم ودقيق كما يفعل الإنسان عند بناء وتقوية عضلاته، بحيث يستطيع بعد ذلك تركيز قواه الذهنية وحصر تفكيره العقلي في أي وقت أراد، وفي أي موضوع أيضًا.
إن التركيز الذهني هو تعريض الذهن زمنًا كافيًّا لمؤثر أو جملة مؤثرات كي تنطبع عليه انطباعًا واضحًا على أن يغلق الإنسان ذهنه دون كافة المؤثرات الأخرى، والمؤثرات هي المعلومات التي يتم استيعابها من خلال إحدى الحواس الخمس: البصر، السمع، الذوق، الحس، الشم ، ثم يتم معالجتها على ضوء ما سبقها في الذهن من معلومات وخبرات وتجارب وما يؤمن به الإنسان من مبادئ وقيم.
وإن اكتساب صفة التركيز الذهني تعود على الإنسان بأعظم الفوائد في حياته، يقول أحد علماء النفس المشهورين: ليست العبقرية أكثر من تركيز الذهن، وقال آخر: إن حصر الاهتمام هو أول مقومات العبقرية.
ثالثًا: بعض الأفكار والخطوات التي تساعد على استبعاد الشرود الذهني ومن ثم بناء القدرة الذاتية على التركيز وهي:
1- حاول استبعاد كل ما يشتت فكرك ويشغل ذهنك من الواقع المادي المحيط بك، مما ورد ذكره في الأسباب قبل قليل .
2- عود نفسك على أن تعيش لحظتك، وأن تحصر نفسك فيما أنت فيه فقط، وأنس أو تناس كل ما عداه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أصبح آمنًا في سربه معافى في بدنه جمع له قوت يومه وليلته فكأنما جمعت له الدنيا بحذافيرها".
3- إذا كنت تشعر بالإجهاد فتوقف عن العمل بعض الوقت، وخذ لحظات من الاسترخاء في مكان جيد التهوية، وحبذا لو استلقيت على ظهرك وأغمضت عينيك وأوقفت تفكيرك وأخذت نفسًا عميقًا عدة مرات ثم عد لعملك بعد ذلك.
4- إذا كنت تشعر بالخمول، فجدد التهوية في موقعك، وتحرك قليلاً من مكانك، ومارس بعض التمارين الرياضية الخفيفة لبضع دقائق .
5- أعط نفسك قدرًا كافيًا من الراحة قبل بدء التفكير وممارسة العمل .
6- لا تبدأ التفكير في المسائل المهمة بعد تناول الطعام مباشرة، ولا أثناء الجوع الشديد والظمأ المفرط.
7- بادر لعلاج ما تعاني منه من مشكلات صحية، وإذا كنت تعاني من شيء منها فلا تبالغ في أمره ولا تعطيه من تفكيرك أكبر من حجمه.
رابعًا: تمارين تقوية التركيز الذهني:
أ- قم بعملية حصر للقضايا التي تحتاج منك إلى تفكير، ورتبها حسب أهميتها أو استعجالها، واحتفظ بذلك مكتوبًا في ورقة لديك .
ب- عندما تصبح معتدل المزاج مرتاح البال في مكان مريح بعيدًا عن الضوضاء والإزعاج استخرج ورقتك وتناول أول قضية فيها بالتفكير.
ت- استعرض القضية الأولى من جميع جوانبها، وركّز قواك الذهنية فيها وكأنك غائب عن كل ما عداها في الوجود لبضع دقائق، وحاول الإجابة على الأسئلة الآتية عن القضية موضوع التفكير (لماذا، متى، أين، كيف، من، مع) :-لماذا هذا العمل الذي أريد القيام به؟، ومتى الوقت المناسب له؟، وأين سيكون؟، وكيف ينفذ؟، من يقوم بالعمل؟، مع من؟).
ث- حدد ما توصلت إليه في نقاط مختصرة، وسجل ذلك على الورق أولاً بأول.
ج- ألق نظرة على ما كتبت، ثم أغمض عينيك، وحاول استذكار ما كتبت.
ح- أعد عملية النظر والاستذكار عدة مرات على فترات زمنية مختلفة، وأضف ما قد تتوصل إليه من جديد إلى ما سبق وأن خلصت إليه.
خ- استخرج ما كتب بعد كل فترة زمنية انظر فيه، وحاول إلقاءه على غيرك، واطلب منهم تزويدك بملحوظاتهم إن كانوا قادرين على ذلك.
د- انتقل إلى قضية أخرى، وتعامل معها كما تعاملت مع غيرها.
ذ- وأخيرًا لا تنس أن تحول أفكارك إلى عمل.