دعت دراسة علمية إلى أهمية إخضاع جميع المرشحين الذين ينوون التقدّم إلى منصب رئيس دولة أو إلى منصب رئاسة وزراء في دول الربيع العربي إلى فحص نفسي؛ وذلك لإثبات قوَّة ضميره الأخلاقي وقدرته على تحمّل المسؤولية وسلامته من النزعات العدوانية.
وكانت الدراسة المقدّمة من رئيس الجمعية النفسية العراقية، د. قاسم الصالح، والتي تمَّ عرضها على هامش المؤتمر الدولي الثامن لجمعية أطباء الأمراض النفسية الذي عقد في عمان الاسبوع الماضي، قد أكّدت على أنَّ هناك إجماعاً بين الأطباء النفسيين والمختصين على أن من بين الحكام العرب من هو مصاب بخلل نفسي يشبه إلى حد كبير الحالة المعروفة باسم (الديلوجن)، وهو تحول "الأوهام في نظره لتصبح حقيقة لا يجوز الجدل او مجرد اخضاعها للنقاش".
وشرح الدكتور صالح الذي قدم محاضرة خلال المؤتمر عن هذه الدراسة بأنَّ حالة "الديلوجن" - التي عانى منها بعض الزعماء- انعكست سلباً على سلوكه اتجاه افراد شعبه، بحيث تمثلت بحالة من الوهم تتحول في نظره الى حقيقة مطلقة، الأمر الذي شكل نتائج كارثية عندما حاول عينة من الجماهير التغيير.
خلصت الدراسة على وجوب إجراء فحص نفسي لكلِّ مرشح يتقدَّم لرئاسة الدولة أو رئاسة الحكومة؛ لضمان قوَّة ضميره الأخلاقي، وتمتعه بقدرات عقلية عالية، والتمكن من مواجهة الضغوط والأزمات
وأضاف الصالح الذي يعمل رئيساً لقسم علم النفس في جامعة أربيل شمال العراق "أن المصيبة في عالمنا العربي والعالم الثالث – بأنَّ الطغاة تصنعهم الشعوب- بمعنى لكل طاغية يجد من الحاشية من يغطي على سلوكه، مشيراً إلى أنَّ مصيبة الحاكم العربي أنه " يريد من المستشارين والوزراء أن يقولوا له ما يريد أن يسمع".
واستنتجت الدراسة التي استمرت قرابة العام على ضرورة أن يكون للأطباء النفسيين والمختصين النفسيين دور في تحليل ثورات الربيع العربي من منطلق اختصاصهم.
وخلصت الدراسة على وجوب إجراء فحص نفسي لكلِّ مرشح يتقدَّم لرئاسة الدولة أو رئاسة الحكومة؛ لضمان قوَّة ضميره الأخلاقي، وتمتعه بقدرات عقلية عالية، والتمكن من مواجهة الضغوط والأزمات، وتحمل وطأة الإخفاقات والفشل، والمحافظة على الاستقرار الانفعالي والوجداني، وتحمل المسؤولية، والنظرة الواقعية إلى تحديات الحياة، والانفتاح الذهني على الإنسانية، والأهم من ذلك التأكد من سلامته من النزعات العدوانية.
وأكَّدت الدراسة على أنَّ تحقيق هذه الأهداف يحتاج إلى أن تتولى البرلمانات العربية وضع هذه التوصية بصيغة قانونية ملزمة في دساتير بلدانها، وأن تحدّد أيضاً بأن الطب النفسي هو القادر على تحليل هذه الأمور بموضوعية، وهذا يتطلب أن يكون هناك مستشاران بدرجة دكتوراه وبمرتبة أستاذ؛ أحدهما طبيب نفسي والآخر علم نفس في مكاتب كل من رئاسة الدولة ورئاسة الوزراء ورئاسة البرلمان في البلدان العربية التي تحررت، وأن يكون هناك مستشارون مستقلون سياسياً.
كما وأوصت الدراسة على مساهمة المختصين النفسيين في البلدان العربية في توعية المجتمع بعوامل التغير.
المصدر: صحيفة السبيل الأردنية
التعليق:
لا يوجد ضير من تشريع القوانين التي تحقق المصلحة للأمَّة، والاستفادة من جميع المختصين والعلماء في كافة المجالات، في سبيل تولية الأكفاء للمناصب الحساسة والرفيعة، وتنظيم إدارتهم لمسؤولياتهم، منعاً للظلم والاستبداد.
1- ممَّا لاشك فيه، أنَّ تولّي المناصب القيادية داخل الدولة، تحتاج إلى مؤهلات عالية، فلا يصلح لها أيّ شخص؛ وذلك لما يتعلق بها من واجبات وتكاليف، وما يترتب على عدم كفاءة المسؤول من ظلم وفساد كبير داخل الدولة.
2- ليس اشتراط أن يكون الرئيس أو أيّ صاحب منصب حسَّاس مؤهلاً نفسياً، بالشيء المبتدع، فقد اشترط الفقهاء في الإمام وهو أعلى منصب في الدولة، أن يكون سليم الحواس والأعضاء، بمعنى أن يكون سليماً من العيوب التي تؤثر على العقل والتفكير والرأي والعمل، وبلا شك، فإنَّ الأمراض النفسية تتناقض مع اشتراط هذا الشرط.
3- لا يوجد ضير من تشريع القوانين التي تحقق المصلحة للأمَّة، والاستفادة من جميع المختصين والعلماء في كافة المجالات، في سبيل تولية الأكفاء للمناصب الحساسة والرفيعة، وتنظيم إدارتهم لمسؤولياتهم، منعاً للظلم والاستبداد.