يقوم الكثير من الآباء من باب العاطفة الزائدة وحبّ التدليل بتأنيث أبنائهم الصبيان، وذلك بجعلهم يقومون بإطالة شعورهم كالفتيات، ولبس ما يعرف "بالسنسال" وتعليمهم الميوعة في الكلام بالإضافة إلى قيامهم بالعديد من الأفعال التي لا تتناسب مع جنسهم البشري وتعدُّ شاذة حسب عُرْف المجتمعات، الأمر الذي يترك أثراً سلبياً كبيراً على المجتمع وعلى الطفل الذي تمَّ تأنيثه، لأنَّ تلك الطباع ستصاحبه طيلة حياته كونه اعتاد على تصرفات معينة منذ صغره، فما الذي يدفع الآباء إلى تأنيث أبنائهم الصبيان؟ وكيف ينظر الشرع لمن يقوم بذلك الفعل؟
دوافع تأنيث الصبيان
الدكتور ماهر السوسي عميد كلية الشريعة والقانون وأستاذ الفقه المقارن بالجامعة الإسلامية بغزة قال لـ"بصائر":" إنَّ الذي يدفع الآباء إلى تأنيث أبنائهم الصبيان هو الجهل في تربية كل جنس بما يتناسب معه ومع طبيعته".
وأضاف أنَّ العاطفة الزائدة وحب التدليل والجهل بالآثار الناتجة عن العاطفة المبالغ فيها وحب تقليد الآخرين مع اعتقاد الآباء والأمهات أنَّ هذا الفعل يدلّ على الرقي والانفتاح والتقدّم من الدَّوافع الرئيسة لتأنيث الآباء لأبنائهم.
وذكر السوسي أنَّ الله سبحانه وتعالى عندما خلق البشر أراد لهم أن يكونوا جنسين متوازيين ولم يفعل ذلك عبثا، مع الإيمان بأنَّ الله كان قادراً على خلق البشر جنسا واحدا لكن له حكمته في ذلك، مستدلا بقوله تعالى ((أحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون)).
وتابع بالقول: " إنَّ الله أراد لكل واحد من الجنسين أن يكون له دوره المميّز في الحياة ليستطيع أن يقوم من خلال ما منحه الله من خصائص جسمية وعقلية بأداء وظائفه البشرية لتكون الحياة متكاملة".
التأنيث اعتراض على أمر الله
واستشهد السوسي بقول الرسول صلى الله عليه وسلم (كلٌ ميسر لما خلق له) أي أن الله يزود الإنسان بالإمكانيات التي تيسر له أداء الوظيفة التي أراد الله أن يؤديها، حيث أراد الذكر أن يكون ذكراً وليس مخنثا، مستدلاً بقول رسولنا الكريم : (لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء).
واستكمل حديثه بالقول:" إنَّ النبيَّ قد منع أن يتشبه كل واحد من الجنسين بالآخر وتحدث عن المخنثين والمرأة المسترجلة ونهاهم عن ذلك، لأنَّ تغيير الجنس يعني العجز عن القيام بالوظائف التي خلقه من أجلها، موضحاً أن تغيير الجنس يغير التوازن البشري والبيئي". إنَّ الحياة تبنى على الذكورة والأنوثة، فيجب أن يعدّ كل إنسان لما جبل عليه، فالرجل يبقى رجلاً والأنثى تبقى أنثى، لأنَّ الحياة لا تستقيم إلاَّ بذلك، وإذا غيَّرنا طبيعتنا فسنكون من الذين ظلموا أنفسهم
وشدَّد السوسي على أنَّ الله خلق الكون بما فيه خلقا متوازنا ((إنا كل شيء خلقناه بقدر))، "والتأنيث يعني الاعتراض على أمر الله، لأنه سبحانه قدر لفلان أن يكون ذكراً أو أنثى وتلك إرادته".
آثار تأنيث الصبيان
وأشار إلى أنَّ الرِّجال هم عماد المجتمع وجنوده وهم من يتحمَّلون المشاق كونهم يمتازون بالخشونة وصلابة العضلات وقوة العزيمة، وان المرأة تمتاز بالنعومة والعاطفة الجياشة وتلك كلها صفات أريد لها ذلك حتى تربي المرأة الإنسان النفسوي والذكر ليتحمل المصاعب.
وبيَّن السوسي أنَّ الإنسان المعتاد على أن يكون كالإناث منذ صغره لن يستطيع أن يواجه مشكلة في حياته، لأنه جبان ويخشى مواجهة الحياة وسيكون رخواً غير قادر على حمل السلاح ومواجهة الصعاب.
وذكر أنَّ تأنيث الصبيان له نتائج سلبية تعود على الآباء في كبرهم، فعندما يصبح الأب كهلاً يحتاج للرعاية والحماية ويحتاج لأبنائه لن يجدهم في خدمته لأنهم ربوا تربية أنثى لا تقدر على حماية نفسها.
موقف الشرع
وأكَّد السوسي على أنَّ الآباء الذين يقومون بتأنيث أبنائهم الصبيان آثمون وعصاة لله سبحانه وتعالى، ويجب عليهم أن يتحمّلوا وزرهم أمام الله. مضيفاً أنهم ملعونون لأنَّهم ارتكبوا الفعل الذي يقتضي اللعن.
ونوَّه إلى أنَّ الأب الذي يفعل ذلك يعدُّ صاحب معول يدمر به المجتمع، وهو أمر محرَّم في الإسلام ومخالف لكل النصوص الشرعية التي تؤدّي إلى قوَّة المجتمع، (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، متسائلاً : كيف يمكن لمجتمع من المخنثين أن يعتصموا بحبل الله؟
وبدوره، قال المختص الاجتماعي الدكتور درداح الشاعر:" إن رغبة الأب أو الأم في أن يكون لديهم طفلا أنثى في حالة أن رزقوا بالبنين تدفعهم لتأنيث أحد أبنائهم، ممَّا يؤثر تأثيراً سلبياً على الطفل وهويته.
وأضاف أنَّ بعض الثقافات الغربية تساوي بين الذكر والأنثى في كلِّ شيء، الأمر الذي يدفع بعض الأمهات للإعجاب بذلك الأسلوب التربوي وتبدي افتتانا به لتنشئ طفلاً ذكراً يحمل الصفات الأنثوية.
التأنيث يعيق التوافق الاجتماعي
وأشار الشاعر إلى أنَّ كلَّ جنس له خصائصه العامَّة التي فطره الله عليها، ويجب على كل جنس أن يعامل بما أعدّ له، لأنَّ الطفل عندما يعتاد على تربية معيّنة يصعب عليه تغييرها، على حدِّ وصفه.
وشدَّد على أنَّ تأنيث الصبيان هو مفهوم خاطئ، لأنَّ الطفل يعتاد عليه ويصاحبه وهو كبير، ممَّا يعيق عملية التوافق. مبيّناً أنَّه في حالة أن تزوج الشاب الذي اعتاد على تأنيثه منذ صغره من امرأة سيتعامل معها بذات الطريقة التي تتعامل بها، وستنشأ مشاكل اجتماعية لا تحمد عقباها، حسب الشاعر.
وأكَّد على أنَّ الصبي الذي تمَّ تأنيثه لن ينزعج إذا نعت بالأنوثة لأنَّه أعد على ذلك، ولن يشعر بمشكلة نفسية. مبيّناً أنَّ النمط التربوي هو من يحكم التفكير.
واستدرك الشاعر بقوله:" لكن إذا نعت أيّ شاب اعتاد الرجولة بصفة الأنوثة سيثور وينتقم ممَّن نعته بذلك".
العلاج
وقال:" من الممكن علاج المشكلة وتغيير الطباع الأنثوية إلى الذكورية عن طريق تصحيح المفهوم الخاطئ، بدمج الشخص عن طريق مشاركته في الأعمال التي يقوم بها جنسه، والأدوار التي تتصف بالذكورة مثلا".
وختم الشاعر حديثه بالقول:" إنَّ الحياة تبنى على الذكورة والأنوثة، فيجب أن يعدّ كل إنسان لما جبل عليه، فالرجل يبقى رجلاً والأنثى تبقى أنثى، لأنَّ الحياة لا تستقيم إلاَّ بذلك، وإذا غيَّرنا طبيعتنا فسنكون من الذين ظلموا أنفسهم".