أثمن ما عُنيت بحفظه!!

الرئيسية » بصائر تربوية » أثمن ما عُنيت بحفظه!!
الوقت

إنَّ قضية وقت الفراغ من أهم قضايا الإنسانية عامَّة والأسرة المسلمة خاصة في هذا العصر، الذي تقضى فيه الحوائج والمتطلبات بشكل سريع جداً، ممَّا أدى إلى وجود وقت فراغ كبير في حياة الكثير من الناس وخاصة النساء، لكنَّ الإسلام لأنه ليس كأيّ دين وعقيدة وشريعة لم يهمل هذا الأمر، بل تعرَّض له ومن خلال التعاليم الإسلامية الرائعة، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ)).

الوقت هو الحياة
الدكتور زياد مقداد أستاذ الفقه في الجامعة الإسلامية بغزة أكَّد لــ"بصائر" على أهمية الوقت بقوله:" إنَّ الوقت هو الحياة، بل هو وعاء لكلِّ الإنجازات، ولأهميته أقسم به القران في أكثر من موقف فكان القسم بالعصر والفجر. مضيفاً أنَّ الرَّسول صلَّى الله عليه وسلّم أشار في أكثر من حديث شريف إلى أهمية الوقت في الإسلام وضرورة اغتنامه".

وأوضح أنَّ المرأة المسلمة تستطيع أن تنظم حياتها اليومية، وتحدِّد ساعات خاصة للمطالعة في الكتب القيمة والبحث في أمور تفيد بيتها وأولادها؛ مثل موضوع الإسعافات الأولية لتفادي المخاطر الصحية التي تتعرض لها داخل البيت، بالإضافة إلى الاهتمام بالأمور التربوية التي تفيد الأولاد مع تنمية العقيدة فيهم منذ نعومة أظفارهم.

واستشهد مقداد بقول الرَّسول صلى الله عليه وسلم : ((اغتنم خمساً قبلَ خمسٍ اغتنم حياتَكَ قبلَ موتِكَ وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ وشبابَكَ قبلَ هَرَمِكَ وغِنَاكَ قبلَ فقرِكَ وفراغَكَ قبلَ شغلِكَ)).

ونوَّه إلى أنَّ الوقت له أهمية كبيرة في منظور الشريعة الإسلامية سواء كان ذلك بالنسبة للرِّجال أو النساء. مضيفاً أنَّ المرأة المسلمة أحوج من غيرها إلى استثمار وقت فراغها بما ينفع دينها وأمتها.

محذورات يجب تركها

وشدَّد مقداد على ضرورة توجيه المرأة نحو واجباتها وذلك بتأدية واجبات بيتها وأولادها الأمر الذي سيشغلها ويقلل من أوقات فراغها، منوّهاً إلى أنَّ أكثر النساء اللواتي يعانين من كثرة أوقات فراغهن هن اللواتي لا يؤدين واجباتهن تجاه بيتهن وأولادهن.

وقال:"إنَّ المرأة المسلمة ينبغي أن لا تهدر وقتها في مشاهدة الأفلام والبرامج الماجنة التي تضيع الأوقات والساعات الطويلة هباءً منثوراً".

وحذّر النساء المسلمات من القيل والقال الأمر الذي تختص فيه الكثير من النساء؛ حيث يتداولن الخوض في أعراض الناس وفي الغيبة والنميمة.

كيفية استثمار وقت الفراغ
وذكر مقداد أنه يمكن للمسلمات أن يشغلن أوقات فراغهن بالاستثمار الجيِّد للبرامج التي تبث عبر التلفاز والراديو؛ كالدروس الدينية وبرامج العلماء. مضيفاً أنه يمكن أيضاً أن يكثرن من التسبيح وقراءة القران كون ذلك خفيفاً على اللسان ثقيلاً في الميزان.

وأوضح أنه يمكن للمرأة إشغال وقت فراغها بتدريس أبنائها ومراجعة دروسهم، أو القيام ببعض الأعمال الرِّياضية في حدود المسموح، بالإضافة إلى بعض الأعمال التكميلية كتزيين البيت الذي يضيف نوعاً من أنواع السعادة والمحبة. مبيّناً أنَّ عائشة رضي الله عنها كانت تتسابق مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في بعض الأوقات.

أسباب إهدار وقت الفراغ
وبيَّن مقداد أنَّ بعض النساء يهدرن وقت فراغهن نتيجة عدم الوعي بقيمة الوقت وقلة الجرعة الدينية والوعي الديني وضعف الإيمان بالإضافة إلى قلة الوعي بالأحكام الدينية، مؤكّداً على ضرورة أن يكون هناك توعية إعلامية بأهمية الوقت واستثماره، وخصوصاً فئة النساء المتزوجات.

وأشار إلى أنَّ عدم المتابعة من الزَّوج أو الأب له دور في إهدار وقت الفراغ، ((فالكل راعٍ ومسؤول عن رعيته)). مبيّناً أنَّه يجب متابعة تصرفات الرَّعية لأنه إذا تركت دون متابعة ستنحرف عن الطريق المستقيم.

وتابع بالقول:" إنَّ المرأة هي نصف المجتمع وإذا لم تستثمر أوقاتها بالعمل النافع لن يكون الضرر عليها فقط، بل سيتوسع ليشمل المجتمع كله".

((اغتنم خمساً قبلَ خمسٍ اغتنم حياتَكَ قبلَ موتِكَ وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ وشبابَكَ قبلَ هَرَمِكَ وغِنَاكَ قبلَ فقرِكَ وفراغَكَ قبلَ شغلِكَ)).

معرفة الأزمنة الفاضلة تحفظ أوقات الفراغ
ومن ناحيته، قال الدكتور بسام العف أستاذ الفقه المقارن في الجامعة الإسلامية بغزة وعضو رابطة علماء فلسطين :" إنَّ موضوع الفراغ في حياة المرأة المسلمة حديث ذو أهمية قصوى، لأنَّ المرأة هي أكثر من تعاني من قلة ما تشغل به نفسها في أوقات فراغها، وهذا قد يؤدّي بها إلى شغل نفسها بالباطل؛ مستدلا بقول الإمام الشافعي : " إن لم تشغل نفسك بالحق، شغلتك بالباطل".

وأضاف أنَّه بإمكان المرأة المسلمة أن تحفظ وقتها من الضياع بأن تعرف الأزمنة الفاضلة مثل عظمة يوم الجمعة، وأن لا تعتبره يوم عطلة فقط، بل تستشعر مدى أهمية هذا اليوم في حياة كل مؤمن ومؤمنة، ومن ثمَّ تخص هذا اليوم ببرنامج زمني استثنائي.

واستكمل العف حديثه بالقول:" ينبغي على المرأة المسلمة أن تدرك أهمية صيام يوم الإثنين والخميس والأيام البيض، وغيرها من الأزمنة الخيرة؛ كما عليها أن لا تفوتها قراءة القرآن الكريم نظراً وحفظاً، وقراءة السنة النبوية الطاهرة، وحفظ الأحاديث وتعليمها للأبناء أو الصديقات والأخوات بغية تثبيت ما حفظته وترسيخه في ذهنها، كما عليها أن لا تكتفي بهذه الخطوات التعليمية، بل يمكنها الاطلاع على بعض كتب الفقه أثناء وقت فراغها".

وأشار إلى أنَّ بعض النساء تعرف من يوم الجمعة أنَّه يوم عطلة ونوم ونزهة وتمشية على البحر، ولا تعرف أنه يوم ذكر، وصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ودعاء من بعد العصر إلى المغرب؛ لأنَّ فيه ساعة الاستجابة، ويومَ قراءة سورة الكهف.

وأوضح أنَّه يمكن للمرأة المسلمة أن تحفظ وقتها من العبث باختيار جليسة صالحة تذكرها بالخير إن نسيت، وتصلح لها أمرها إن أخطأت، وتساعدها على البر والإحسان حتى تكون هذه الجليسة مثل حامل المسك، كما أنَّها تعين على جعل كل أمور الحياة أجراً وثواباً، وهذا تستفيد منه المرأة المسلمة أيّما استفادة، على حدِّ تعبيره.

ضرورة اغتنام الوقت
وشدَّد على ضرورة أن تخصص المرأة جزءاً من وقتها للدَّعوة إلى الله عزّ وجل حسب طاقتها وجهدها وعلمها، فأينما حلّت وارتحلت، يجب أن تذكر الآخرين بالله وتستشعر حضوره ومراقبته، وتستحضر خشيته والخوف منه، وتدعو إليه بالتي هي أحسن، فلعلَّ كلمة صادقة تخرج من صميم قلبها تصل إلى قلب فتاة أو امرأة عاصية، حسب العف.

ونوَّه إلى أنَّه يجب على المرأة أن تكون جادة فعَّالة صادقة تعمل لا تسوف؛ لأنَّ التسويف يضيع عمرها ويشغلها بالأمور التافهة التي لا تنفعها في الدنيا ولا في الآخرة.

وذكر العف أنَّ الخوف من الله تعالى، واستشعار عظمته، والعلم بأنه خلقها للعبادة، وسائلها عن كل دقيقة من دقائق عمرها، وسيحاسبها على كل لحظة تقضيها في غير مرضات ربها، إذا استشعرت هذا كله وشعرت به أدَّى إلى أن تغتنم الوقت ولا تضيع منه دقيقة واحدة إلاَّ فيما يعود عليها بالنفع في الدِّين أو في الدنيا والآخرة.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …