تهذيب مدارج السالكين – (الهروي– ابن القيّم – الرَّاشد)

الرئيسية » كتاب ومؤلف » تهذيب مدارج السالكين – (الهروي– ابن القيّم – الرَّاشد)
alt

{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} العبادة اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما يحبُّه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة. والاستعانة: الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة به في تحصيل ذلك، والمعنى نخصك بالعبادة ونخصك بالاستعانة، فلا نعبد غيرك، عهد بين العبد وربّه أن لا يعبده إلاَّ إيَّاه، وإيَّاك نستعين: عهد بين العبد وبين ربِّه أن لا يستعين بأحد غير الله.

وهما الكلمتان المقسومتان بين الرَّب وبين عبده نصفين، لله تعالى "إيَّاك نعبد" ، وللعبد "إياك نستعين". والعبادة تجمع بين أصلين : غاية الحب بغاية الذل والخضوع . والعرب تقول :طريق معبّد أي مذلل. والتعبد:التذلل والخضوع؛ فمن أحببته ولم تكن خاضعاً له، لم تكن عابداً له، ومن خضعت له بلا محبة، لم تكن عابداً له، حتى تكون محبّاً خاضعاً.

أمَّا الاستعانة تجمع بين أصلين: الثقة بالله والاعتماد عليه. فإنَّ العبد قد يثق بالواحد من الناس، ولا يعتمد عليه في أموره - مع ثقته به - لاستغنائه عنه. وقد يعتمد عليه- مع عدم ثقته به - لحاجته إليه، ولعدم من يقوم مقامه، فيحتاج إلى اعتماده عليه. مع أنَّه غير واثق به. والتوكل معنى يلتئم من أصلين: من الثقة والاعتماد، وهو حقيقة: "إياك نعبد وإيَّاك نستعين"، وهذان الأصلان، وهما التوكل والعبادة .
العبادة اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما يحبُّه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة. والاستعانة: الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة به في تحصيل ذلك
وفي ظلال هاتين الكلمتين ومن وحيهما كان كتاب (منازل السائرين) للإمام الهروي، وتصحيحاً لخطى السائرين على منهج السلف كان الشرح الموسوم بـ (مدارج السالكين في بيان منازل إياك نعبد وإياك نستعين) للإمام ابن قيم الجوزية، وإرشاداً للسائرين في هذا العصر وبلغته كان تهذيب مدارج السالكين للرَّاشد، فأصبح الكتاب باسم (تهذيب مدارج السالكين).

قصة الكتاب:

تبدأ قصة هذا الكتاب من الإمام أبي إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي الأنصاري الهروي المتوفى سنة481هـ، الذي ألَّف كتاب (منازل السائرين)، حيث قسَّم طريق سير المؤمن إلى الله تعالى إلى مائة منزلة، ألفه حين سأله جماعة من الراغبين في الوقوف على منازل السائرين إلى الحق من أهل هراة، فأجاب ورتَّب لهم فصولاً وأبواباً، فجعله مائة مقام مقسومة على عشرة أقسام كل منها يحتوي على عشر مقامات، لكنَّه وقع في بعض الأخطاء العقدية، واستفاض في كثير من المسائل، ثمَّ جاء بعده الإمام ابن قيم الجوزية  المتوفى سنة 571هـ ليشرح تلك المنازل شرحاً منقى ومصفى من تلك الأخطاء، ليقدِّمها في صورة مشرقة ناصعة تحافظ على صفاء العقيدة ونقاء التوجيه التربوي.

قال محمَّد رشيد رضا في تفسيره المنار: (ومنْ كان من أهل العلم والفهم، وأَحَبَّ أن يستفيد من كلام خيار الصُّوفِيَّة في الحقائق مع التزام السُّنَّة وسِيرَة السَّلف في العبادة فعليه بكتاب (مَدَارِجِ السَّالِكِينَ) للمحَقِّق ابن القَيِّمِ شرح (مَنَازِلِ السَّائِرِينَ) لشيخ الإسلامِ الهَرَوِيِّ الأنصاري، فإنَّ فيه خلاصة معارف الصُّوفيَّة الّتي لا تخالفُ الكتاب والسُّنَّة مع الرَّدِّ على ما خالفهما).

مع المؤلفين:

alt
اشترك في هذا المؤلف القيم ثلاثة علماء أفذاذ ومربين متميّزين كان لهم الأثر  البالغ في الجيل الذي عايشوه، أمَّا الأول فهو الإمام الهروي رحمه الله عاش ما بين سنة 396هـ وسنة 481هـ، قال عنه الإمام الذهبي: (شيخ الإسلام الإمام القدوة، الحافظ الكبير، أبو إسماعيل، عبد الله بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن علي بن جعفر بن منصور بن مت الأنصاري الهروي، مصنِّف كتاب (ذم الكلام)، وشيخ خراسان من ذرية صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أبي أيوب الأنصاري).

أمَّا الثاني فهو الإمام ابن قيم الجوزية عاش ما بين سنة 691هـ وسنة 751هـ، كان بارعاً في جميع العلوم وفاق الأقران واشتهر في الآفاق وتبحَّر في معرفة مذاهب السَّلف، قال عنه الشوكاني في البدر الطالع : (العلامة الكبير المجتهد المطلق المصنف المشهور).

أمَّا ثالثهم فهو الإمام محمد أحمد الرّاشد، إنَّه الشيخ الداعية المجاهد المربي عبد المنعم صالح العلي العزي، هو الدَّاعية الذي قضى عمره في الدَّعوة إلى الله ونشر العلم النَّافع، وهو الأديب الكبير ذو البلاغة والأسلوب النَّادر المؤثر الذي يجمع بين الأدب والفقه والدَّعوة والتربية والاستشهاد بأقوال السَّلف والخلف مع إيحاءات جمالية تأخذ بلب العقول والقلوب.

معلومات الموضوع

الوسوم

  • العبادة
  • اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

    شاهد أيضاً

    تراث القدس.. سلوة النفس

    يعد هذا الكتاب القيّم تراثًا مقدسيًّا فلسطينيًّا مبسّطًا - إلى حد ما - ومجمّعًا بطريقة …