د. بديع: رمضان شهر الجهاد وتحرر الروح من قيود الجسد

الرئيسية » بصائر تربوية » د. بديع: رمضان شهر الجهاد وتحرر الروح من قيود الجسد
alt

أكد الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين أن شهر رمضان هذا العام يأتي وقد تحررت مصر كلها (وكل بلاد الربيع العربي) من قيود عهد بائدٍ ظالمٍ مستبد، عاث في الأرض فسادًا، وكتم أنفاس الشعوب، وكبّل الأجساد والأرواح والعقول، وكمَّم الأفواه، ونهب وبدَّد ومنع خيرات الأرض أن تصل إلى مستحقيها، وأعاق التقدم، ومنع الابتكار، ورجع بالبلاد إلى ذيل الأمم.. بعد أن كانت في طليعتها.

وقال فضيلة المرشد العام في رسالة له: " إن رمضان هو شهر الانطلاق والتحرر.. تحرر الروح من قيود الجسد ومتطلباته وشهواته.. تحرر النفس من قيود العادات والمألوفات.. تحرر وتطهر الإنسان من أوزار الذنوب والمعاصي التي أثقلت ظهره طيلة العام.

وأضاف "لقد تحررت البلاد.. وحُطِّمت القيود.. وأزاح الله بقوته وعزته وسلطانه تلك الطغمة الفاسدة المستبدة.. وأصبحنا جميعًا نتنفس نسيم الحرية وحلاوة التحرر في كل مناحي الحياة، وأصبح لنا الحق، كل الحق، أن نجهر بآرائنا دون خوف من بطش أو تنكيل، رغم أن كل الشرفاء كانوا يجهرون بكلمة الحق عند هذا السلطان الجائر ولم يخشوا في الله لومة لائم".
رمضان هو شهر الانطلاق والتحرر.. تحرر الروح من قيود الجسد ومتطلباته وشهواته.. تحرر النفس من قيود العادات والمألوفات.. تحرر وتطهر الإنسان من أوزار الذنوب والمعاصي التي أثقلت ظهره طيلة العام.

وتابع: "الآن وقد تحررت العقول لتفكر وتبتكر لإصلاح البلاد ونهضة العباد، وتحررت السواعد لتنطلق في العمل والإنتاج وإصلاح الأرض وتعميرها بعد طول ركود واستعباد، وتحرر الفكر والإرادة الوطنية لنختار بمطلق الحرية نظام الحكم وهيئاته ودساتيره وقوانينه وأفراده دون ضغط من أي قوى داخلية أو خارجية، وصرنا بحق نتنسَّم جوَّ الحرية في كل مناحي الحياة".

ثمن الحرية

وقال بديع في رسالته: "هذه الحرية التي ننعم بها الآن، وتنعم بها كل الأوطان ما كانت لتأتي نسائمها إلا بالدماء الزكية.. دماء الشهداء الأبرار والمصابين الأحرار، وإخواننا وأخواتنا السوريين؛ الذين ما زالوا يدفعون أرواحًا ودماء ويسترخصونها في سبيل نيل حريتهم لعلمهم أنها غالية جدًّا وتستحق هذا وأكثر".

وأضاف "أما الشهداء.. فهم الآن: (أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّـهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) (آل عمران : 169-171)، وأما المصابون.. فيكفيهم فخرًا وعزًّا أن تكرمهم أوطانهم وأهلوهم.. وهم أول من يسعد بطعم الحرية التي دفعوا لها ثمنها غاليًا من أجسادهم.. وهم يعلمون يقينًا أن الله تعالى بفضله وجُوده وكرمه سيعوضهم خيرًا مما قدَّموا وبذلوا: (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ في سَبِيلِ اللَّـهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّـهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (التوبة: 120-121) ويعلمون أيضًا أن الأجزاء التي فقدوها في معركة الحرية السلمية قد سبقتهم إلى الجنة.

عهدٌ جديد

وتابع المرشد العام في رسالته "آن لنا الآن أن نعمر مساجد الله ونعتكف فيها للذكر والعبادة والركوع والسجود والقيام والتهجد ومدارسة العلم ومجالسة الصالحين، وفي الوقت نفسه ننطلق منها للعمل والإصلاح في الأرض، وفعل الخير والبر، وقضاء حوائج الناس: "من مشى في حاجة أخيه- قضاها الله تعالى أم لم تقض- كان خيرًا له من أن يعتكف في مسجدي هذا شهرًا"، و"خير الناس أنفعهم للناس"، وهذا معنى جديد للاعتكاف، فليس هو اعتزال الناس للعبادة، بل في هذه الصورة أفضل منها؛ لأنه اعتكاف في المسجد النبوي الشريف الذي ركعة فيه بألف ركعة، وآن لنا الآن أن نجتمع في صلاة القيام والتهجد وحلقات القرآن لنستمع إلى كلمات الله تعالى وآياته البينات، التي كانت نعم العون لنا، والمثبت لقلوبنا، والمطمئن لنفوسنا، ونحن نخوض معارك التحرر المضنية، ونواجه المصاعب والمآزق والمكائد من كل قوى الشر في الداخل والخارج: (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ في الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (الأنفال: 26)، وشعرنا جميعًا بعظمة وعد الله وسلطانه القاهر الذي إذا أراد أمرًا أنفذه، بعد أن دعوناه دعاء المضطرين: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَـهٌ مَّعَ اللَّـهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) (النمل : 62)".
آن لنا الآن أن نعمر مساجد الله ونعتكف فيها للذكر والعبادة والركوع والسجود والقيام والتهجد ومدارسة العلم ومجالسة الصالحين، وفي الوقت نفسه ننطلق منها للعمل والإصلاح في الأرض، وفعل الخير والبر، وقضاء حوائج الناس

وتابع " عشنا هذه اللحظات ورأينا وتحققنا مِن صدق وعد الله لنا ووعيده للطغاة والظالمين، وبشريات الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم وسنعيش من جديد مع كتاب الله المنير يضيء قلوبنا ويحيي أرواحنا في ظلال هذا الشهر الكريم.. نعم سيكون للقرآن طعم آخر.. ولرمضان هذا العام مذاق آخر.. في إطار نِعم الله علينا.. نعم الله التي تدفعنا إلى مزيد من الشكر والعمل.. (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِي الشَّكُورُ) (سبأ: 13)".

صيانة الحرية

وفي نهاية رسالته ذكر بديع بأن هذه الحرية.. تلك النعمة الكبرى.. تحتاج إلى من يدافع عنها بعد الحصول عليها لأنها ثمينة.. إلى من يحميها من مكر الماكرين وعبث العابثين وتربص المتربصين؛ لأنهم لن يستسلموا بسهولة؛ لأنهم فقدوا سلطانهم ومناصبهم ومنافعهم.. وقد أعدوا حولهم هيئة منتفعين من الكذابين والمنافقين والمرجفين في المدينة.. من أعداء الوطن في الداخل والخارج على سواء.. ومن هنا كان التوجيه الحكيم بعد ذكر العبادة والركوع والسجود وفعل الخير.. إلى الجهاد والكفاح لحماية الدين وحراسة الدنيا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا في اللَّـهِ حَقَّ جِهَادِه) (الحج : 77- 78).

وقال: "دائمًا كان رمضان شهر الجهاد والكفاح.. شهر العزة والانتصار.. فيه كانت موقعة (بدر الكبرى 2 هـ) وكان (فتح مكة 8 هـ) وكانت (عين جالوت 658 هـ)، وأخيرًا كانت حرب رمضان (أكتوبر 73) التي كانت بالنسبة لأجيالنا علامة فارقة لارتباط النصر والتمكين مع العودة للعلم والإيمان والدين".

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …