أكَّد الشيخ سارية الرفاعي أحد مشايخ دمشق أنَّ طاعة ولي الأمر واجبة غير أنَّ ولي الأمر إذا عصى، عصى الله فيما يأمر به الخلق فلا طاعة له, فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وأضاف قد أكَّد سيّدنا أبو بكر رضي الله تعالى على ذلك عند تسلمه الخلافة، حيث قال: (أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم)، وقال ليس هناك معصية أكبر وأعظم وأجل من هذا الذي نراه من القتل وسفك الدماء وذبح الأطفال بالسكاكين في سوريا !
وأضاف خلال استضافته في برنامج " الشريعة والحياة " على فضائية الجزيرة : لا أظن أنَّ معصية بعد الكفر تعدل هذا الذي نراه ونسمعه ونشاهده، فالحاكم يأخذ شرعيته من خلال أدائه لواجباته تجاه الأمَّة، من حماية مصالحها وحماية أرواح أبنائها وصيانة أعراضها وكف البلاء عنها فإذا لم يقم الحاكم بهذه الواجبات سقطت شرعيته وبالتالي سقطت طاعته، فما بالنا إذا كان الحاكم هو الذي يعتدي على الأرواح والأعراض والأطفال والنساء! فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وأشار إلى أنَّ المساجد لم تكن من أجل الصلاة فحسب ولكن يجب على القائمين في المساجد أن يأمروا بالمعروف وأن ينهوا عن المنكر، فهؤلاء الذين قاموا وانطلقوا من المساجد بمظاهراتهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فما الحرج في ذلك؟ إلا أننا نجد بأن رفع الأصوات في المسجد يتنافي مع أدب المسجد وأدب بيت الله تبارك وتعالى، لكن أعتقد بأن هذا يعني من باب المكروه لا من باب الحرام إذا رفعوا أصواتهم بالله أكبر، وانطلقوا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والاحتجاج على الظلم والفساد، أمَّا المنكر الأكبر أن تكون المنابر من أجل مهادنة الطغاة والظالمين والثناء عليهم وما إلى ذلك، هذا منكر أكبر .
وقال : أعتقد بأنَّ الانشغال بالمكروه ونسيان الكبائر من ما يحصل من أولئك الذين يقتلون ويقمعون بهذا القمع الشديد الذي نسمعه في كل يوم ونشاهده هذا من الكبائر.
وأشار الرِّفاعي إلى أنَّ الخروج في المظاهرات أمر لا يستطيع أحد أن يمنعه، فهو مطلب لكل إنسان يريد أن يطالب بحقوقه فكيف نقول بأنه لا يجوز؟ فمن حق الشعب أن يتظاهر وأن يطالب بحقوقه، فلا ينبغي لأحد أبداً أن يمنعه .
فيما أشار الداعية الإسلامي الشيخ محمد راتب النابلسي خلال مداخلة هاتفية إلى أنَّ الأمة الإسلامية عندما تركت النهي عن المنكر لعقود من السنين عديدة، قويّ المنكر وتأصَّل وأصبحت له أظافر حادَّة، وقد أجمع العلماء على أنَّ إنكار المنكر من القوي يجب أن يكون بيده، ولا يقبل أن يكون بلسانه، إذا كان قادراً على أن ينكره بيده، أمَّا إنكار المنكر من العالم ينبغي أن يكون بلسانه ولا يقبل من العالم أن ينكره بقلبه، إذا كان قادراً أن ينكره بلسانه، قال تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ} [الأحزاب: 39] وبأنَّ الإنسان الذي يحمل رسالة تتحقق مصالحه المادية لا يعبأ بإنكار المنكر، وعندئذ يقوى المنكر ويتأصل ويصبح من الصُّعوبة بمكان أن تنكره، النقطة الثانية أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلم قال: (إنما تنصرون بضعفائكم) فالضعيف إن أطعمناه إن كان جائعاً وكسوناه إن كان عارياً وآويناه إن كان مشرّداً وعلمناه إن كان جاهلاً ونصرناه إن كان مظلوماً عندئذ يتماسك المجتمع ويصبح سدّاً منيعاً لا يمكن اختراقه من قبل الأقوياء
وأضاف دخل رجل بستان أنصاري فأكل منه من دون إذنه صاحبه، فساقه إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على أنّه سارق، فنظر النبيّ إلى المشكلة من أسبابها لا من نتائجها، والبطولة أن نبحث عن المشكلات من أسبابها فقال له: ألا أطعمته إن كان جائعاً؟ وألا علمته إن كان جاهلاً؟..
وأضاف النابلسي إذا خشي العالم غير الله سكت، وإذا سكت انتفت دعوته، إذا كنت قوياً فالعبادة الأولى إحقاق الحق وإبطال الباطل وإنصاف الضعيف ونصرة المظلوم، وإن كنت غنياً فالعبادة الأولى إنفاق المال في وجوه الخير وفي إطعام الجياع ومعالجة المرضى وإيواء المشردين، وإن كنت عالماً فالعبادة الأولى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ} [الأحزاب: 39] سيدنا عمر بن عبد العزيز قال: (إنّي وليت هذا الأمر ففكرت في الفقير الجائع والمريض الضائع والعالم المجهول واليتيم المكسور والمظلوم المقهور والغريب والأسير والشيخ الكبير والأرملة الوحيدة وذوي العيال الكثير والرّزق القليل وأشباههم في أطراف البلاد فعملت أنَّ ربي سيسألني عنهم جميعاً يوم القيامة ...