يعيش المسلمون هذه الأيام الاستعداد لشهر رمضان الذي تتوق الأرض إلى انعكاس أضوائه العام بعد العام..
ولكن لأهل الأرض "طقوس" مختلفة للاحتفال بهذا الشهر العظيم، فمع انتصاف شهر شعبان تزدحم الشوارع والطرقات بالسيارات متجهة نحو الأسواق المركزية والجمعيات التعاونية ومراكز التسوق الغذائية لتجد جموعاً بشرية غفيرة تجر "عربات" التسوق التي تكاد تئن من الكم الهائل من البضاعة التي تمَّ حشوها بداخلها..
وإذا أرخيت سمعك لتلتقط بعض الحوارات تجد أنَّ العبارات المتكرّرة :"رمضان كريم.."، "نجهز للشهر الفضيل..."!!!
هذه هي طقوس البشر اليوم احتفالاً بهذا الشهر؛ طعام وولائم ودعوات وعزائم وإرهاق وتعب..وبالتالي: إسراف وتبذير وضياع وقت وجهد وفوات فرص ثمينة لا تتكرَّر أبداً..
أيها القائم بالقوامة:
هل من متسع في تفكيرك عزيزي الزَّوج ليكون هذا الشهر مختلفاً في بيتك؟ هل من متسع في تفكيرك أيها الأب لإحداث تغيير إيجابي في برمجة الطقوس الرمضانية هذا العام في بيتك؟
إنَّ القانون الطبيعي في سنن التغيير يقتضي أنَّ بداية أي تغيير هي أصعب مرحلة منه، ولكن القانون ذاته يؤكد أن الإرادة القوية نحو اتخاذ تلك الخطوة الأولى يتبعها حتماً شعور قوي بالسعادة المتحققة من خلال الإنجاز على المستوى الفردي والجماعي..
ربما تكون البداية الأسهل هي التدرج في التغيير عند البعض، وربما يمتلك آخرون إرادة تجعلهم في استعداد كامل لتحمل كافة تبعات التغيير الجذري، وإذا قيل بأنَّ "من ذاق حلاوة الأجر هانت عليه مرارة التكليف"، فإنَّ من لمح جمال الحياة بعد التغيير تهون عليه مرارة اللحظة الأولى منه..
وقفة محاسبة:
عزيزي الزوج؛ يا من أوكل الله إليه أعظم مسئولية وهي رعاية الأسرة: هل من وقفة مع نفسك تسألها فيها "ما هو برنامجي الرمضاني على مستوى علاقتي مع زوجتي"؟
كن صادقاً مع نفسك ولا تتعلل بضيق الوقت الناشئ عن الانشغال بالعمل، فإنَّك مع وجود هذا الازدحام تجد متسعاً من الوقت لمجاملة هذا وذاك في "وليمة" تشغل فيها زوجتك لثلاثة أيام لإعداد قائمة طعام تفخر بها أمام أصدقائك في مقابل تضحيتها هي في تلك الأيام براحتها وإقبالها على العبادة في رمضان
والذي يتطلب حالة "استثنائية" من التفرغ وعدم الانشغال بالمناسبات والعزائم.
فليكن برنامجك مع زوجتك هذا العام شاملاً لما يلي:
1)التخفيف من كم الولائم والاقتصار على ما يجب منها صلة للرحم على سبيل المثال.
2)التخفيف عن الزَّوجة في تلك العزائم بحيث يتم إحضار الطبق الأساسي من مطعم خارجي وتكتفي هي بتحضير الشوربة والسلطة مثلا.
3)تخصيص أيام معيّنة من هذا الشهر يتم فيها تفريغ الزوجة تماماً من إعداد الفطور.
4)مساعدة الزوجة في تجهيز ملابس العيد للأبناء قبل دخول شهر رمضان من أجل المحافظة على وقتها خلال الشهر.
5)تجهيز البيت بالحاجات اللازمة له خلال شهر رمضان من أجل التخفيف من حاجة الزوجة للخروج إلى الجمعية أو السوق المركزي.
6)حثّ الأبناء على مساعدة الأم في إعداد الطعام وتجهيز مائدة الإفطار مع تشجيعهم على ذلك بالإعلان عن مسابقة ورصد جوائز تحفيزية.
7)مساعدة الزوجة في إيقاظ الأبناء لتناول طعام السّحور واستحضار نية تحقيق البركة التي أشار إليها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله:"تسحروا فإنَّ في السحور بركة".
8)اسألها عن رغبتها في الذهاب إلى المسجد لصلاة التراويح ولصلاة القيام في العشر الأواخر، وحاول تذليل كافة الصعوبات في حال رغبتها في ذلك.
رحم الله رجلاً..
احرص عزيزي الزَّوج أن يكون لك مع زوجتك لحظات إيمانية تجمعكما، ركعتان قبل النوم، صفحة من المصحف، دعوة عند الإفطار، فإنَّ لهذه اللحظات أثرها في "تجميل" العلاقة المبينة على طاعة الله بينكما.
وبعد هذه الوقفة مع نفسك، وقبل دخول شهر رمضان، أخبر زوجتك أنك ترغب بالخروج معها واجلسا سوياً في مكان هادئ وأخبرها برغبتك في أن يكون الاستعداد لهذا الشهر الفضيل مختلفاً مختلفاً، وعزمك على عقد اتفاقية زوجية رمضانية وأخبرها ببنودها، واطلب منها أن تطلع عليها وتقترح أي إضافات، ثم قوما بتوقيع الاتفاقية وتثبيت التاريخ، واليوم لتكون من الذكريات الجميلة التي ترجعان إليها حين يشيب الشعر وينحني الظهر..