القطة ..المغمضة..

الرئيسية » بصائر للأسرة والمرأة » القطة ..المغمضة..
alt

ذات مساء فاجأتني برسالتها و جلوسها وحيدة في البيت بغير أهلها الذين كانوا في زيارة للأقارب، أخبرتها أني ظننتها شخصية اجتماعية و تحب الزيارات! و لكنها اشتكت من تعليقات الأقارب الذين يسألونها عن الخطّاب و لماذا لم ترتبط حتى الآن، و يكون حديث النساء مقصورا على من تزوجت و من حملت و من تخانقت مع حماتها و من اشترت و من باعت فتخرج من الجلسة بنفس كئيبة و حسرة وانتظار للفارس المتأخر مع أنها لو تُركت لنفسها من دون نق و زق لم تكن لتشعر بالمشكلة و لا بالنقص بل كانت تشعر بالانجاز بشهادتها و عملها و تفوقها و ما كانت لتشعر أنها نصف امرأة أو نصف أنثى أو نصف مخلوقة لولا جلسات العلك النسائي!!

قلت لها"لعلك تعلين السقف و المطالب في انتظار السيد المثالي من كل الجوانب "الجاهز من مجاميعو" على رأي إخواننا المصريين" فأجابت بالنفي، و قالت ان خُطّاب الهاتف و الخُطّاب عن طريق الماما عندما يسمعون بمواصفاتها،بالرغم من جمالها و أخلاقها، لا يعودون فأدركت أن في تأخرها عن الزواج سرا آخرا و أن الشباب يخافون من تميزها و تفوقها!! و يبحثون عن قطة مغمضة يمارسون عليها سلطة السيد و يذبحون لها القط من اليوم الأول ليفهموها لمن الكلمة الأولى واليد الطولى!!!

نفهم هذه الممارسات في العقود الخالية يوم كان عالم المرأة محصورا بين بيت أبيها و بيت زوجها لا تخرج منهما الا الى قبرها و انجازاتها في الخدمة و الإنجاب! و لكن أن يبحث الشباب المتعلم الذي أصبح يطوف العالم بلمسة الأصبع عما بحث عنه الآباء الأوائل فهو انكفاء للخلف و عيش للحاضر بنفس الماضي! الفارس يبحث عن الفرس الأصيلة و الصائغ يبحث عن أغلى المجوهرات فأي الرجال أنت؟ خياراتك في زوجتك تمثلك فانظر لنفسك ماذا تختار!!

و هذا ليس نقدا لجداتنا و أمهاتنا فلولا أصالتهن و نقاؤهن لما تربينا على أجمل ما فينا من صفات، و لكن في زمن العلم و التكنولوجيا و العولمة و التحديات يحتاج هذا الجيل أكثر مما احتاجه من سبقوه، فالزواج شراكة جسدية و وجدانية و فكرية و الزوج ان لم يجد إشباعا في هذه النواحي فسيبحث عن غيرها، فلعبة "الباربي" و "عروسة المولد" تجذب اللب ليوم أو شهر أو سنة و لكن الرجل الذي تعركه الحياة و يخوض في ميادينها سيحتاج أكثر من الجمال و الألوان لاستمرار الارتباط.

لم يبحث الصحابة رضوان الله عليهم عن الجمال بمواصفاته الحالية الخارقة و لم تورد السيرة أنهم كانوا يرسلون قريباتهم ليستطلعوا لون العيون و محيط الخصر و الطول و العرض!! كانت العائلة و فضلها في الإسلام و أخلاق الفتاة و دينها هي الفيصل في الانتقاء ثم تأتي وصية رسول الله صلى الله عليه و سلم "اذهب فانظر إليها لعله أن يؤدم بينكما" لتجمع بين خيار العقل و هوى القلب.

فخديجة كانت سيدة معروفة في قومها و لكن ذلك لم يمنع محمد بن عبد الله الشاب الصادق الأمين في قومه من أن يرغب في الزواج منها، فكان زواجا خالدا و أعطته خديجة ما لم تعطه غيرها من النساء من العون و السند و بذلت له حياتها و مالها، فما كان من رسول الله الا أن نصب راية النصر في فتح مكة عند قبرها إعلاما لفضلها و إحياء لذكرها.

حتى عائشة الشابة رضي الله عنها كانت متوقدة القلب و العقل و كانت تناقش و تجادل و تغضب و تأخذ المواقف و كانت مع ذلك أحب نساء الرسول إلى قلبه و ورثت عنه بصفاتها المميزة نصف علم الدين.

ومن غير أمهات المؤمنين يحفل التاريخ بنساء شغلن الدنيا ذكرا و شجاعة و تميزا و ما ورد أنهن بقين "عوانس" ولم يجدن فارسا بل خلدن في التاريخ رائدات قائدات عظيمات بجانب رجال عظماء ساهموا في توفير الظروف لتزداد نساؤهن جمالا في العقل و المنطق على جمال الوجه و طيب العشرة، لم يشعر هؤلاء الرجال بالتهديد أو عدم الثقة أو التواري وراء الأضواء لارتباطهم بنساء مميزات بل رأوه جزءا من واجبهم و كمال رعايتهم لنسائهم أن يساهموا في بلوغهن هذه المنازل.

من الرجال من يبحث عن نصفه الحلو فقط و ذلك انعكاس لاهتماماته و منهم من يبحث عن من تكمل له دنيه و دنياه و تعينه على مزيد من الرقي و الامتداد الذي جعله يفكر في ترك العزوبية أصلا من أجل المسؤولية الجميلة التي تكون فيها قرة العين.

الفارس يبحث عن الفرس الأصيلة و الصائغ يبحث عن أغلى المجوهرات فأي الرجال أنت؟ خياراتك في زوجتك تمثلك فانظر لنفسك ماذا تختار!!

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

alt

إقرار أول قانون للحماية من العنف المنزلي في السعودية

قال مسؤول في مجال حقوق الإنسان إن السعودية أقرت قانونا مهماً يهدف إلى حماية النساء …