أكد العلامة الشيخ يوسف القرضاوي أن الإساة لرسل الله ومنهم النبي صلى الله عليه وسلم، سنة من سنن الله. فقد أوذي الرسول صلى الله عليه وسلم في نفسه وأهله وأصحابه، وغير ذلك. مصداقا لقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ}[الفرقان:31] {وكذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ }[الأنعام : 112].
وكان - حفظه الله - قد أشار في برنامج الشريعة الحياة، إلى أنه ليس من العجيب أن يساء للرسول صلى الله عليه وسلم في وقتنا الحالي، فالدوافع متجددة رغم أنه لم يسئ إلى أحد خلال حياته. إلا أن الإساءة قد تجدد لتجدد الطرق، واختلاف العصور، وإن كان جوهرها واحد. لذا فأذية النبي صلى الله عليه وسلم والإساءة إليه بالأقوال والأفعال والأكاذيب والأباطيل ستظل موجودة ما دام في الدنيا حق وباطل وإيمان وكفر وتوحيد وشرك؛ لأن المقصود ليس النبي صلى الله عليه وسلم وإنما إيذاء المسلمين و الأمة الإسلامية لكون المسلمون لا يصبرون على ذلك، فمن أقدس مقدساتهم الرسول والقرآن وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
الرد على الإساءة..
وفي معرض إجابته حول مدى تنوع الرد على الإساءة باختلاف أشكال تلك الإساءات، فأجاب بأن لابد من معاملة كل جماعة بالأسلوب الذي يناسب ما قالوه، إلا أن الغضب لابد وأن يكون محسوبا موزوناً وليس أهوجاً.
أما بخصوص الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم، فقد أشار الشيخ القرضاوي إلى أنه لم يعرض على الفضائيات وإنما على الانترنت، وكان الأولى التعامل معه بالإعراض والسكوت عنه، لقوله تعالى : {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا}[الفرقان:63] و كما قال الله تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} [القصص: 55]. والسلام هنا يعني الإعراض عن الجاهلين لا مقابلة الجهل بمثله.
وفي تعليقه على الأحداث التي حصلت مؤخراً في العالم الإسلامي، كرد فعل على تلك الإساة للنبي الكريم صلى الله عليه سلم، قال القرضاوي بأنه كان يجب أن يعامل الموضوع بالحكمة لا بالحماقة وبالأسلوب الهادئ لا بالاندفاع الجاهل، فقد دخل في رد الفعل أناساً ليسوا من أهل الإسلام وليسوا من المدافعين عن الإسلام وبعضهم لم يعرف قط إنه وقف موقفاً دافع فيه عن حرمة إسلامية، ناهيك أن بعض الناس استغلوا تلك الأحداث ليسيؤوا للنظام الحاكم كما فعل المحسوبون على الفلول في مصر، تحت ستار حب الرسول والدفاع عنه. لذا فمن حق كل إنسان أن ينكر على أي منكر أو شيئ لا يراه صحيحاً، بشرط أن يكون إنكاراً سلمياً.
وعلق القرضاوي حول قتل السفير الأمريكي في ليبيا، بأن هذا غير مشروع ومحرم؛ لأن السفراء أمانة في أعناقنا، وكل من دخل بأمان لا يجوز قتلهم، ولهم أحكام خاصة بهم. ومن أمّن يجب أن يحفظ له حرمته ويحفظ دمه ويحفظ عرضه، و هذه الأحكام الإسلامية في هذه الأمور يجهلها للأسف المسلمون.
ومن ناحية أخرى، ذكر القرضاوي بأنه لا مانع من تحرك الشارع، طالما أنه وفق الأصول، فلا يتحرك تحركاً أهوجاً، وليس معنى تحرك الشارع أن يقاتل أو يرمي الآخرين بالنار.
حقيقة نصرة النبي صلى الله عليه وسلم
وذكر الشيخ القرضاوي بأن النصرة تكون بالوقوف مع المظلوم، بحيث يتم تأييده باللسان والقلب والمال. والمؤمنون مطالبون بنصر الله ونصرة النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7] {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ} [الحج: 40] {إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ} [آل عمران: 160].
وتكون نصرة النبي صلى الله عليه وسلم في وقتنا الحالي، بكتابة سيرته بكل المستويات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، للعوام والخواص وخواص الخواص، مع نقلها إلى اللغات الأخرى بحيث تنشر لكل الناس، مع ضرورة إدخال لغة الأفلام على حقيقتها وبيان سيرة النبي صلى الله عليه وسلم للناس، وترجمتها للغات المختلفة.
وختم الشيخ كلامه، بأن ما يحدث في سوريا من صور إجبار الناس على الكفر، وقتلهم وهدم المساجد، يوجب على المسلمين أن يثوروا ويخرجوا للشوارع، كما خرجوا نصرة للنبي صلى الله عليه وسلم، فيجب عليهم أن يغضبوا لله ورسوله؛ لأن المسلم مطلوب منه أن يغضب لما يصيب المسلم؛ لأن الأمة كلها أمة واحدة، كما قال الله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 92] {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [المؤمنون: 52] .
{youtube}78DM84PY15g{/youtube}