المراهق” المطيع “.. أمنية كل بيت

الرئيسية » بصائر تربوية » المراهق” المطيع “.. أمنية كل بيت
alt

يكاد العنوان يكون "أسطورة" من الخيال، ولربما –عزيزي القارئ- ضغطت على الرابط وأنت تراهن بأن هذا العنوان ضرب من الخيال أو الوهم، ولا عتب عليك!! إذ إن الصورة الذهنية التي نحملها في مجتمعاتنا العربية اليوم عن "المراهق" تذهب بك سريعاً إلى صفات العناد والعصبية والاعتداد السلبي بالذات والأخطاء، هذا إن لم يصل الأمر إلى الانحراف وتجاوز حدود الأدب والأخلاق والعرف والتقاليد..

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل من الإنصاف أن نمتلك مثل هذه الصورة الذهنية ونلصقها بكل مراهق!! وهل خرج هذا النموذج السلبي للمراهقة كطفرة جينية لا سبب لها أم أن هناك مما هو في محيط المراهقين في الأسرة والمجتمع ما يمكن أن يفسر ولا يبرر مثل هذه التصرفات!!

الخطوة الأولى..
تتمثل خطوتنا الأولى للتقرب من عالم المراهقين في القناعة بضرورة تغيير مثل هذه الصورة الذهنية، واستبدالها بأخرى أكثر إيجابية ومنطقية، والتعامل مع هذه المرحلة من وجهة نظر تسندها البحوث والدراسات العلمية الحقيقية لا تلك المستندة على التجارب والموروثات الخاطئة..

من المهم جداً حين تريد الإقبال على "المراهق" أن لا تكون ممن "يجرب" حظه مع قناعته السابقة بالفشل!!فإذا حدث  و لم يستجب لك المراهق من الجولة الأولى تكون قد حصلت على حجة واقعية لتصورك السلبي السابق!! لأنك غالبا لن تنجح من أول مرة لا لصحة افتراضك ولكن لأن المراهق سيختبر منك صدقك في الإقبال عليه بعدم الاستجابة ابتداء فإذا لمس منك الصدق والإصرار بدأ بالتجاوب شيئا فشيئا..إذن قليل من "الصبر" تُجمل به قناعتك الإيجابية سيؤتي ثماره الطيبة حتماً..

هل من طاعة مؤمّلَة؟؟
بالتأكيد نعم، وتعتبر "القواعد" السلوكية التي يتم الاتفاق عليها هي الأرض الصلبة التي يمكن الاستناد إليها في هذا الشأن..

يعتبر وضع القواعد السلوكية للأطفال من أهم مهام الوالديْن وأصعبها في الوقت نفسه إذ إنها تواجه عادة بمقاومة شديدة قد تظهر في صورة استخفاف أو محاولات خرق من قبل المراهق وذلك في محاولة منه لكي يؤكد استقلاله، والأمر كما ذكرنا يحتاج إلى كثير من الصبر مع تكرار الحديث مرة بعد مرة والثبات على الرأي وعدم خرق القواعد المتفق عليها إلا في حالات استثنائية مع ضرورة توضيح سبب هذا الخرق ومبرراته. وفي النهاية سوف يدفع حب المراهق لوالديْه، ورغبته في الحصول على رضاهما إلى تقبل هذه القواعد، كما أنه سيشعر مع هذا الإصرار بأن الالتزام بالقواعد هو سبيله الوحيد للحصول على ما يريد..

ولكن كيف نقنع المراهق بطاعة الأوامر واتباع قواعد السلوك التي وضعها الوالدان؟ هناك العديد من الخطوات المقترحة نستأنس هنا ببعض ما ذكرته الاستشارية النفسية "فيرى والاس" مع بعض الإضافات:

1.أشركه في وضع القواعد:
تعتبر مشاركة المراهق في وضع القواعد واحدة من أهم الخطوات التي تضمن الالتزام بها، ففي جلسة عائلية هادئة يمكن لأحد الوالديْن البدء في بيان أهمية مثل هذه القواعد للتخفيف من الاحتكاكات اليومية والشد والجذب الذي من الممكن أن يحدث نتيجة عدم وجود مرجعية واضحة في بعض القضايا اليومية الروتينية، وتقبل اقتراحات الأبناء فيما يخص ذلك أو إعطاؤهم فرصة للتفكير في الأمر مع مهلة لاستقبال الاقتراحات مكتوبة أو بتحديد موعد لاجتماع أسري آخر.

2.اشرح القواعد واتبعها:
إن إلقاء الأوامر طوال اليوم يعمل على توليد المقاومة ، ولكن عندما تعطي المراهق سبباً منطقياً لتعاونه، فمن المحتمل أن يتعاون أكثر، فبدلاً من أن تقول له "اجمع ملابسك المتسخة"، قول: "يجب أن تضع الملابس المتسخة في سلة الغسيل، وإلا لن تكون جاهزة لكي تستعملها عندما تحتاج لها خلال الأسبوع"، وإذا رفض فقل: "يمكنني مساعدتك هذه المرة!!" إن وضع القواعد صعب بالنسبة لأي أسرة، ولكن إذا وضعت قواعد واضحة ومتناسقة وتمت معاملة المراهق باحترام وصبر، فسنجد أنه كلما كبر أصبح أكثر تعاوناً وأشد براً..

3.بيّن القواعد بشكل إيجابي:
ادفع المراهق للسلوك الإيجابي من خلال جمل قصيرة وإيجابية وبها طلب محدد، فبدلاً من "كن جيدًا"، أو "أحسن سلوكك ولا ترمي الكتب"، قل: "الكتب مكانها الرف".

4.علّق على سلوكه، لا على شخصيته:
أكد للمراهق أن فعله، وليس هو، غير مقبول. قل له: "هذا فعل غير مقبول"، ولا تقل مثلاً: "ماذا حدث لك؟"، تجنب دوما أي وصف قد يشعره بالغباء، أو الكسل، فهذا يجرح احترامه لذاته، ويصبح نبوءة يتبعها المراهق لكي يحقق هذه الشخصية.

5.اعترف برغباته:
من الطبيعي بالنسبة للمراهق أن يتمنى أن يملك كل ما لدى رفاقه مثلا من لعبة الكترونية أو هاتف نقال، ومن المهم عدم الاصطدام مع مثل هذه الرغبات لا بتحقيقها جميعا بالطبع وإنما بإشباع ما يمكن إشباعه منها بعد النقاش حول الحاجة لمثل هذه الأشياء وضوابط الاستخدام وغيره وبذلك يتم تجنب الكثير من المعارك، وتشعر المراهق بأنك تحترم رغبته وتشعر به.

6. استمع وافهم:
عادة ما يكون لدى المراهق سبب للشجار أو عدم الاستجابة لطلباتك، فاستمع له، فربما عنده سبب منطقي أو ربما يحتاج إلى من يشعره بأهميته ووجوده فيكون "عدم الطاعة" مجرد محاولة للفت الانتباه والحصول على الاهتمام في حال انشغال الوالدين في فترة ما. إن شعور المراهق بأنك موجود للاستماع له وأنك تحاول أن تفهم ما يريد أن يوصله لك يسبب له الشعور بالراحة والهدوء ويدفعه إلى الالتزام بما تريد في المرات القادمة.

7.حاول الوصول إلى مشاعره:
إذا تعامل المراهق بسوء أدب، فحاول أن تعرف ما الشيء الذي يستجيب له بفعله هذا، هل رفضت السماح له باللعب على الحاسوب مثلاً؟
وجه الحديث إلى مشاعره : "لقد رفضت أن أتركك تلعب على الحاسوب فغضبت وليس بإمكانك أن تفعل ما فعلت، ولكن يمكنك أن تقول أنا غاضب"، وبهذا يتم التفريق بين الفعل والشعور، وتوجيه السلوك بطريقة إيجابية.

8.تجنب التهديد والرشوة:
إذا كنت تستخدم التهديد باستمرار للحصول على الطاعة، فسيتعلم المراهق أن يتجاهلك حتى تصل الأمور إلى التهديد المباشر. إن التهديدات التي تطلق في ثورة الغضب تكون غير إيجابية، ويتعلم المراهق مع الوقت ألا ينصت لك. كما أنها عادة تفقد مصداقيتها بسبب عدم الالتزام بها من قبل الوالديْن..تعلم أن لا تهدد أبداً وإذا اضطررت لذلك فاحرص أن لا تهدد بما لا يمكنك القيام به.
كذلك الرشوة -ونقصد بها الحصول الدائم على مقابل للطاعة والالتزام- فهذه الطريقة تعلمه أيضاً ألا يطيعك، حتى يكون السعر ملائماً، فعندما تقول "سوف أعطيك مبلغ كذا إذا نظفت غرفتك"، فسيطيعك من أجل المال لا لكي يساعد أسرته أو يقوم بما عليه.

9.الدعم الإيجابي:
عندما يطيعك المراهق قبّله واحتضنه أو امتدح سلوكه "ممتاز، جزاك الله خيراً، عمل رائع"، وسوف يرغب في فعل ذلك ثانية. ويمكنك أيضاً أن تحد من السلوكيات السلبية، عندما تقول: "يعجبني أنك تتصرف كرجل كبير ولا تبكي كلما أردت شيئاً".

بعض الآباء يستخدمون الهدايا العينية، أو يقومون بالاتفاق على مدة معينة يتم خلالها تقييم أداء المراهق والتزامه ثم مكافأته بقدر هذا الالتزام، أو يتفق الوالدان على مفاجأة المراهق بشيء ما يريده مع التوضيح بأنه استحق مثل هذه المكافأة على تعاونه وحرصه على الهدوء والاستقرار في الأسرة.
إن وضع القواعد صعب بالنسبة لأي أسرة، ولكن إذا وضعت قواعد واضحة ومتناسقة وتمت معاملة المراهق باحترام وصبر، فسنجد أنه كلما كبر أصبح أكثر تعاوناً وأشد براً..

وللحديث عن "المراهقين" بقية..

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …