الحوار الأسرى .. ضرورة حياتية (1-2)

الرئيسية » بصائر تربوية » الحوار الأسرى .. ضرورة حياتية (1-2)
alt

الحوار هو عملية  تبادلية بين طرفين أو أكثر، لا يستأثر  بها أحدٌ دون الآخر، ويغلب عليها الهدوء وعدم التعصب، وتسعى للوصول إلى الحقيقة بأسلوب حضاري فيه شيء من التهذيب  والمعرفة.

والحوار أساس التعامل مع الناس، فنحن نتحاور في البيت والمدرسة وفي العمل، ويتم مع الأصدقاء والأبناء و الأزواج وغير ذلك. إلا أن الحوار الأسري يعتبر أهم صورها؛ لما له من تأثير قويّ  في بناء شخصية أفراد الأسرة، وبالتالي ينعكس أثره على المجتمع.


فوائد الحوار الأسري

الحوار الأسري وسيلة من وسائل التواصل والاتصال السلوكية واللفظية بين أفراد الأسرة لتحقيق النتائج المرجوة، سواء كانت نفسية أو علاجيه أو تربوية أو اجتماعية أو حتى دينية، وهذا يؤدي إلى تدعيم العلاقات الأسرية بين الآباء والأبناء من جهة، والأزواج من جهة أخرى.

ولعلَّ  أبرز فوائد الحوار الأسري على الأبناء أنفسهم، تتمثل  في الأمور التالية:

1-  إشعار الأطفال بالأمان، فحين يجد الطفل الأمان من السهل أن يتكلم بصدق وصراحة، عندها يحدث التغيير في شخصيته التي تتحلّى بحسن الخلق، خصوصاً حينما يجد من أبويه ردَّة الفعل الهادئة الفعالة التي تصوّب وتصحّح وتبيّن للأبناء الجانب السيّئ من التصرّف الخاطئ وتبيّن البديل الصحيح، دون اللجوء إلى التوبيخ والضرب التي تعلّم الأبناء الكذب لينجوا من عقاب والديهم.
"
من الآثار الإيجابية للحوار الأسري، حفظ الأبناء من التأثير السلبي لوسائل الإعلام؛ لأنَّ الأبناء وجدوا من يتفاعل ويتحاور ويتفاهم معهم ويمضي الوقت الكافي خلال النهار معهم.
"
2-  الحوار يشعر الطفل بتحمّل مسؤولية كلامه، ويحفزه على الدفاع عن آرائه؛ لأنه أعطي المجال للتعبير عن رأيه، إضافة إلى احترام رأيه، وتشجيعه وتحفيزه على إبدائه بكل حرية.

3-  منح الطفل بالثقة بالنفس، ممَّا يشعره بأنه موضع احترام من قبل والديه، وذلك عندما يسمح له المجال بإبداء رأيه في قرارات مهمة. مثل إبداء رأيه بتغيير أثاث المنزل، أواختيار المكان الذي سيخرجون إليه في نهاية الأسبوع، وغير ذلك من الأمور.

4-  تستطيع الأسرة من خلال الحوار أن تقيم علاقات منفتحة مع أطفالها، تتمكن من خلالها على الاطلاع على ما لدى أبنائها من طموحات ومشكلات. فحينما يشارك الأبوان أولادهم بالحلول والمقترحات ويحفّزاهما على خياراتهم وإبداء آرائهم، عندها يكونان الخيار الأول لدى الأبناء للبوح عمَّا يحصل معهم من مشكلات أو ما ترنوا إليه نفوسهم من آمال وتطلعات.

5-  حفظ الأبناء من التأثير السلبي لوسائل الإعلام؛ لأنَّ الأبناء وجدوا من يتفاعل ويتحاور ويتفاهم معهم ويمضي الوقت الكافي خلال النهار معهم. أما عندما يُفتقد المحاور والمتفاهم، فإن الأبناء سيمضون أوقاتهم أمام التلفاز والحاسوب  وغيرها بحيث تكون المؤثر الأقوى على شخصيتهم.

ضعف الحوار الأسري .. لماذا  ؟

على الرغم من أن للحوار الأسري فوائد كثيرة، إلا أن الكثير من الأسر لا تلجأ إليه، رغم أهميته، وحاجته الملحة في عصرنا، ويعود السبب إلى أمور كثيرة، منها:

1-  قلَّة مكوث الوالدين في البيت بسبب العمل وكثرة المشاغل، أو انشغال الأم بالزيارات والحفلات وأعباء المنزل، الأمر الذي لا يوجد الوقت الكافي للتحاور والتفاهم مع الأبناء.

2-  التباين في المستوى الثقافي بين الزوجين، فمن الصعب عندها إيجاد أرضية مشتركة للارتقاء بأولادهما والتفاعل والتحاور معهم بشكل فاعل؛ فعندما يؤمن أحدهما بالتحاور والتفاهم والبحث عن أساليب ووسائل جديدة في تربية الأبناء، بينما الطرف الأخر مشغول بتوافه الأمور ولا يبالي بتربية أبنائه، عندها ستكون فجوة كبيرة بين الزوجين وسيضيع الأولاد بينهما.

3-  الاعتقاد الخاطئ لدى الوالدين أن التحكم واتباع الصرامة وتنفيذ الأوامر بدون نقاش هي الطريقة المثلى في التربية، ومقارنة زمان أبناءهم بزمانهم، والظن بأنَّ بعض الأساليب الخاطئة القديمة هي الطريقة المجدية في التربية، الأمر الذي يدفعهم إلى تطبيقها على أبنائهم دون مراعاة التغيرات والمؤثرات التي تحيط بأبنائهم.

4-   التعامل السلبي مع التقدم التقني، حيث أدَّى إلى ضعف الترابط الأسري والحوار، وانشغال كل فرد من أفراد الأسرة بحاسوبه وهاتفه وغير ذلك، الأمر الذي يحول دون تواصل أفراد الأسرة مع بعضهم وبالتالي انعدام الحوار.

للاستزادة :  كتاب التواصل الأسري  للدكتور عبد الكريم  بكار

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

في زمن التواصل لا تواصل (اختلاف القلوب لا اختلاف الظروف)

بلغ التقدم الحضاري في زماننا هذا مبلغًا عظيمًا، قرّب إليك البعيد وجعله في متناول اليد …