إذا زُلزِلت الأرض زلزالها..

الرئيسية » خواطر تربوية » إذا زُلزِلت الأرض زلزالها..
alt

هل عشت يوماً لحظات وقوع الزلزال ؟ إنَّه شعور لا يوصف عندما تضطرب الأرض وتتحرّك تحت قدميك، وتفقد توازنك ولا تدري إلى أين تتجه وتذهب..عندها ترفع بصرك إلى السماء فتشاهد البنايات الشاهقة تتمايل  ذات اليمين وذات الشمال، حينها تتوقف عجلة الزمن عندك وتنقطع الأواصر والعلائق بينك وبين من تعرف، لينادي بنو البشر بلغة واحدة: يا الله..يا رب أدركنا !!

إنَّها لحظات في حياتنا الدنيا تحبس فيها أنفاسنا لتفضح خوفنا من القادم الذي يخلّفه هذا الزلزال..قد يكون الموت تحت الأنقاض.. وقد يكون خسائر في الأموال والأنفس والأهل والأحباب .. وقد يكون .. وقد يكون.. لكنّ الزلازل تبقى سنة كونية وآية ربانية تسير وفق مشيئة الله وقدرته يبعث بها كما يشاء وكيف يشاء ووقت ما يشاء سبحانه ربّي وما أعظم شأنه !!

الزّلازل آية ..

لقد أخبرنا المولى تبارك وتعالى في كتابه أنَّ هناك آيات  يبثها في الأنفس والآفاق لينقادوا إلى الحق والصراط المستقيم، فقال سبحانه: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}. والزلازل إحدى هذه الآيات التي يبعثها الله تعالى في الآفاق بحرها وبرّها ليعيشها النّاس ويشعروا بها، وقد تسبّب خسائر فادحة مادية وبشرية في لمح البصر، لتكون آية للنّاس وعبرة.
"
جاء وصف هذا الزلزال بكونه شيئاً عظيماً في قوله تعالى : {إنَّ زلزلة الساعة شيءٌ عظيم}. وأفاض القرآن الكريم في شرح  زلزال الآخرة وبيان أحواله وأحداثه
"

أقوى الزَّلازل ..

حدث أقوى زلزال في الصين في العام 1556م، حيث تسبب في أضخم خسائر في الأرواح البشرية لهزَّة أرضية حيث قتل حوالي 800 ألف شخص.

مقياس الزلازل ..

يستطيع العلماء  تحديد قوَّة ومواقع الزلازل، باستعمال آلة تسجيل تسمى مرسمة الزلازل " سيسموجراف" ويزود مسجل الزلازل بـ" حساسات " تسمى مقياس الزلازل تستطيع رصد حركة الأرض الناجمة عن الموجات " السيزمية"  الصادرة من الزلازل القريبة والبعيدة .
ويعدُّ مقياس " ريختر"  من أحسن ما يستعمل لقياس شدَّة الزلازل،  تمَّ اكتشاف هذا المقياس عام 1935م بواسطة عَالِم الزلازل الأمريكي تشارلز " ريختر "  ويستطيع هذا المقياس  أن يقيس  حركة الأرض التي يسببها الزلزال.

فما زلزال الآخرة ؟!

جاء وصف هذا الزلزال بكونه شيئاً عظيماً في قوله تعالى : {إنَّ زلزلة الساعة شيءٌ عظيم}. وأفاض القرآن الكريم في شرح  زلزال الآخرة وبيان أحواله وأحداثه، وحمل القرآن الكريم سورة  باسم (الزلزلة) بدأ  بـ {إذا زلزلت الأرض زلزالها}. يقول ابن عاشور في تفسيره : (افتتاح الكلام بظرف الزمان مع إطالة الجمل المضاف إليها الظرف تشويق إلى متعلق الظرف، إذ المقصود ليس توقيت صدور الناس أشتاتا ليروا أعمالهم، بل الإخبار عن وقوع ذلك وهو البعث، ثم الجزاء). ويقول: (ومعنى زلزلت : حركت تحريكا شديدا حتى يخيل للناس أنها خرجت من حيزها; لأن فعل زلزل مأخوذ من الزلل، وهو زلق الرجلين، فلما عنوا شدة الزلل ضاعفوا الفعل للدلالة بالتضعيف على شدة الفعل).
"
في حديث القرآن
الكريم عن زلزال الآخرة جاء مقروناً بالتقوى والعمل الصالح
"
بين التقوى والعمل الصالح

في حديث القرآن الكريم عن زلزال الآخرة جاء مقروناً بالتقوى والعمل الصالح، فالأولى في مطلع سورة الحج، قوله تعالى:{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ .يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}، ففي هذه الآية دعوة صريحة إلى تقوى الله عزّ وجل.
والثانية في سورة الزلزلة، حيث بدأت السورة بالحديث عن الزلزلة وأهوالها واختممت بقاعدة ذهبية في العمل الصالح، قال الله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}، ليطمئن المؤمنون العاملون لعدل الله ورحمته وإحسانه ولا يزيدهم ذلك إلاًّ إيماناً وعملاً وتسليماً.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

مسؤولية التعلم ولو في غياب “شخص” معلم

ربما من أوائل ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن العلاقة بين المعلم والمتعلم، قصيدة …