الرّيسوني : الله استخلف البشر .. والأمَّة تستخلف حكامها

الرئيسية » بصائر الفكر » الرّيسوني : الله استخلف البشر .. والأمَّة تستخلف حكامها
alt
أكَّد الدكتور أحمد الريسوني الخبير السَّابق بمجمع الفقه الإسلامي الدولي أنَّ الخطاب الفقهي ليس خطاباً إلهيا وإنَّما هو بيان يستمد مشروعيته وإلزاميته بقدر مطابقته القرآن الكريم ثم السنة المبينة، موضحاً أنَّ الخطاب أو الاجتهاد الفقهي كله بيانات وتفسيرات بشرية ينطبق عليها كل ما ينطبق على العمل البشري من احتمالات الصواب والخطأ، ولذلك تتعزَّز صحة هذا البيان الفقهي بقدر الإجماع عليه أي بقدر كثرة العلماء الكبار الذين قالوا به. لافتاً إلى أنَّ ما سوى ذلك يبقى اجتهاداً فردياً عرضة للصواب واحتمالات الخطأ, والله تعالى بيَّن فيما لا يكاد يحصى من النصوص أنَّه أنزل الشرائع، على عباده على الناس ليكون هدىً لهم و شفاءً ورحمة للناس.
وأشار خلال استضافته مؤخراً في برنامج الشريعة والحياة على فضائية الجزيرة إلى أنَّ خطاب التكليف من الله تعالى يوجه للجميع وبعد ذلك قد تكون هناك نوع من الخصوصية لبعض الفئات فخطاب الزكاة وجه لأهل الزكاة، والخطاب بالحج وجه للقادرين على الحج, إلاَّ أنَّ تكاليف الشريعة عامة لجميع الناس و في جميع العصور.

موضحاً أنَّ الأصل في التكليف الشرعي حمل أمانة الاستخلاف عن الله تعالى، الذي استخلف البشر ولم يستخلف خليفة بعينه، فالمسلمون هم الذين يستخلفون خليفة بعينه، أمَّا الله تعالى استخلف البشر واستخلف الإنسان واستخلف بني أدم وبعد ذلك بدأ ينزل عليهم تكاليفه , موضحاً أنَّ من لا يستطيع أن ينفذ يأمر من ينفذ ويذكر من ينفذ وينصب من ينفذ ويساعد من ينفذ لكن في الأصل المسؤولية على الجميع والخطاب للأمَّة, والأمَّة عنها يتفرَّع هذه التنظيمات الإدارية والتنظيمات السياسية على رأسها خليفة أو إمام أو أمير أو ولي أو أي كان الاسم الذي نعطيه إياه.

مشدِّداً على أنه ليس هناك شيء بالشريعة إلاَّ والأمَّة مكلفة به حتى الجهاد الذي يقرّر فيه الفقهاء أنَّه لا جهاد إلا مع إمام ومع ذلك الخطاب موجه للأمَّة بأن تقيم الجهاد بجميع أنواعه، وأن تقيم النظام القضائي بجميع أنواعه فإذن هذا أولاً يجعلنا نرتب الأمور ترتيباً صحيحاً.

وأضاف هذا الترتيب يضمن أنَّ المسؤولية دائماً تبقى مضمونة ومكفولة، لأنَّ ظروف قيام الدولة قد تتلاشي مثلما حدث في بعض الفترات التاريخية وهو ما يعنى أنَّ اختفاء الدولة تتلاشى معه أحكام الشريعة بينما إذا كانت المسؤولية للأمَّة وللمجتمع وللجماعة، فهذه الأمور دائماً تجد من يحفظها حتى في غياب الدولة بل تجد من يبحث عن إعادة قيام الدولة

من جانبه، أشار الدكتور محمد كمال إمام استاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية إلى أنَّ حقيقة المجتمع المدني في المنظومة الإسلامية هو مؤسسات تقوم بالعمل الخيري، فمؤسسة الوقف عبر تاريخنا الإسلامي، كانت تقوم بدور كبير من أدوار المجتمع المدني من رعاية للأيتام القيام والاهتمام بالتعليم, إضافة إلى ما كانت تقوم به مؤسسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي كان لها تأثيرها الكبير في عالمنا العربي والإسلامي ودورها الكبير من خلال الحسبة أو غيرها سواء الحسبة العملية أو الحسبة النظرية، فلم يكن المجتمع المدني جماعات تستمد تمويلاً من هنا أو من هناك إنما كانت مؤسسات، تصنع على عين المجتمع الإسلامي وتقوم بدور من خلال الفقيه ومن خلال القاضي ومن خلال العالم ومن خلال الأغنياء ومن خلال القادرين إلى غير ذلك، وبالتالي فكرة المؤسسية هي الأهم في المجتمع المدني الإسلامي وليست وجود أي جماعة تستطيع أن تستقطب أموالاً أو تستقطب أفراداً لكي تقوم بهذا الدور.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

إلى أي مدى خُلق الإنسان حرًّا؟

الحرية بين الإطلاق والمحدودية هل ثَمة وجود لحرية مطلقة بين البشر أصلًا؟ إنّ الحر حرية …