د. محمَّد بديع : فلسطين روح الأمَّة الإسلامية..

الرئيسية » بصائر تربوية » د. محمَّد بديع : فلسطين روح الأمَّة الإسلامية..
alt

أكَّد فضيلة المرشد العام للاخوان المسلمين الدكتور محمَّد بديع  أنَّ فلسطين روح الأمَّة الإسلامية، وتحريرها والحفاظ عليها مسؤولية كل مسلم، وأنَّ العالم الإسلامي والعالم العربي ومصر ليفتدون وطنهم "فلسطين" بأموالهم وأبنائهم وأرواحهم وكل ما يملكون..

وأشار خلال رسالته الأسبوعية إلى أنَّ مصر تفتدي فلسطين لأنَّها حدها الشرقي المتاخم، واستقرارها وأمنها وأمانها، وسلمها وسلامها، لن يتحقق ما لم تأمن فلسطين وتسلم وتستقر، مشدّداً على أنَّ  السلم والأمن العالمي، ووقف نزيف الدماء في المنطقة مرهون بإدراك  استقرار وأمن المنطقة  وعودة الحق لأصحابه  وتعود المقدّسات إلى أهلها، ويكف الصهاينة عن اللّعب بالنار بالتطاول على الأقصى وتدنيسه بالدخول إلى المسجد واللعب والغناء في فنائه .. فذلك يؤجّج في قلوب المسلمين نارًا لا يطفئها إلا أن تكون لهم السيادة الكاملة على الأرض . مؤكداً أنَّ المسلمين هم الأمناء على هذه الأرض بكل مقدساتها، وهم الذين يحافظون على المساجد والبيع والكنائس ليس في فلسطين فقط، بل في كل أرض أظلها الإسلام برحمته وعدله.

وقال بديع: إذا ظنَّ الصهاينة أنهم يستطيعون أن يقفوا في مواجهة العالم الاسلامي بعقيدة يصنعونها من بنات أفكارهم، وينشرونها مع بطلانها، فلربما تمكنوا من الوقوف ولوبعد قرن أو قرنين أمام العقيدة الإسلامية، وهذا ما نشره أحد منظريهم "كادي كوهين في كتابه (دولة إسرائيل)" قبل أن تقوم دولتهم: إن مطالبة الشعب اليهودي القديمة والنبيلة في البحث عن وطن، لا يمكن أن ترتكز على قصاصة ورق - يقصد وعد بلفور - تكون موضوع تأويلات وتعديلات وإلغاءات، وإنما يجب أن ترتكز على حقائق خالدة،  تبيح خلق عقيدة صهيونية حقة تحتاج لتحقيقها عملاً ليس لبضعة أعوام، وإنما يتطلب قرنا أو قرنين كي يبلغ نتائجه النهائية، ثمَّ يقرِّر حقيقة طبيعة الصهاينة فيقول: "اليهودي : «يجب على الآخرين أن يحمونا».. ومن قبله قال هيرتزل: "إن غرض الصهيونية هو تأسيس وطن للشعب اليهودي في فلسطين يضمنه القانون العام"، ولكن يبقى قانون السماء الذي قضى ربنا وحذر فيه (إنَّا لَنَنصُرُرُسُلَنَا والَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا ويَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ) (الإسراء:51).

وأشار فضيلة المرشد العام الى أنَّ فلسطين منذ أن فتحها الإسلام لم يعرف أهلها إلا السلم والسلام، وكانت العهدة العمرية دستورًا لأهلها، ونجتزئ منه هذه الفقرة التي تدل على حمايته لمن يعيشون في كنفه: "بِسْمِ اللهِ الرّحْمَنِ الرّحيمِ، هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان -وإيلياء هي القدس- أعطاهم أمانًا لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينتقص منها ولامن حيزها، ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرَهون على دينهم، ولايُضَارّ أحدٌ منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود... "..

الصهيونية شجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار: والصهاينة على يقين من أنهم لن يقدروا على مواجهة الأمة العربية الإسلامية العريقة؛ ولذلك كانوا يضمنون مواثيقهم ضرورة أن يحميهم الآخرون، وأن يحميهم القانون العام العالمي؛ حتى يستطيعوا البقاء في تلك المنطقة، ولسان حالهم في ذلك يقرر ما حكاه القرآن الكريم حين طلب منهم سيدنا موسى دخول الأرض المقدسة فقالوا: (إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) (المائدة: 24).

وغاب عنهم أنَّ حملات صليبية متوالية حاولت أن تثبت لها موضع قدم على تلك الأرض فباءت كلها بالفشل، وأن من يستعينون بهم فشلوا أن يمكثوا في الأرض التي أرادوا أن يلحقوها بأوطانهم، ففرنسا لم تفلح في فرنسة الجزائر، وإيطاليا عجزت أن تجعل من ليبيا امتداداً لها على الطرف المقابل لها من ساحل الأبيض، وكذلك إنجلترا وأسبانيا، وكل محتل غاصب رحل وبقيت البلاد لأهلها، وكذلك سيكون مصير الصهاينة ولو بعد حين (ويَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا) (الإسراء:51)، (واللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ولَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ).

وأوضح بديع أنَّ النكبة التي حلّت بفلسطين وشعبها ، ليست نكبة فلسطين وأهلها، ولكنها نكبة العروبة والإسلام، والعرب والمسلمين، في فلسطين! إنّها ذكرى تشريد الملايين من ديارهم في فلسطين، إنّها ذكرى هدم البيوت وقتل الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، وذكرى مصادرة الأراضي والممتلكات، وإهانة مقدسات المسلمين والمسيحيين في المدينة المقدسة زهرة المدائن، إنها باختصار ذكرى الغزو والاغتصاب والاحتلال لِبقعة مقدسة مباركة.

وقال: إنَّ ذكرى هذه النكبة تذكير بتباطؤ النظام العالمي وفضيحة كبرى للمجتمع الدولي، وانهيار الواجب  الإنساني والأخلاقي الذي كان يحتم على العقلاء ودعاة القيم والأخلاق إنصاف اللاجئين الفلسطينيين وإعادة كامل حقوقهم ودعم حقوقهم السياسية، وعدم تفويض أي جهة للتفاوض على حقوقهم أو التفريط بها، وأن يرفعوا الغطاء عن وجه الصهيونية القبيح الذي ذاقوا مرارته منهم في أوروبا، ولعلهم أرادوا أن يتخلصوا من شرهم وفسادهم في أوطانهم، وأن يجعلوا منهم الخط الأمامي؛ ليكفوهم الحرب مع المسلمين ويجعلوا منهم الوقود ليكملوا ما كانوا يريدون بحروبهم الصليبية..

مشدّداً على أنَّ  فلسطين والقدس جزء من عقيدة أمّة.. أمّة لن تموت رغم كل الضربات التي نزلت بها ولا زالت تتوالى عليها من العدو والصديق، من الداخل والخارج، بل إن تلك الضربات تزيدنا قوة وتمنحنا شدة التماسك والتلاصق، وأعظم القوة في الوحدة والترابط وعودة اللحمة بين أبناء الأمة الواحدة التي يجمعها رب واحد ورسول واحد وكتاب واحد وقبلة واحدة في الصلاة خمس مرّات كلّ يوم، ووعد حق في القرآن المبين (وإنَّجُندَنَا لَهُمُ الغَالِبُونَ). (الصافات:173).

وختم بديع رسالته بأنَّ فلسطين  إن كانت مصدرًا للألم في الأمس، فإنّها معقد الأمل غدًا، وإن سيطرة الصهاينة على فلسطين والقدس يمثل أقسى آلام أمتنا العربية والإسلامية، ويمثل منتهى الهوان والضعف، ولكنه في الوقت نفسه أهم حوافز التحدي وشحذ الهِمم وهو طريق للأمل الواعد بتوحيد جهود الأمة، على طريق الإيمان بالله والجهاد في سبيله، ليكتب لها النصر المبين، وصدق الله العظيم حين قال: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ). (الروم: 47).

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …