جدد الفلسطينيون المشاركون في المؤتمر الحادي عشر لفلسطينيي أوروبا العهد على التمسك بحق العودة، وبكل ذرة من التراب الفلسطيني.
وكان المؤتمر الذي عقد في العاصمة البلجيكية "بروكسل" والذي رفع شعار" هلت بشائر العودة" قد شهد حضوراً كثيفاً لغالبية الجاليات الفلسطينية في الدول الأوروبية، في مرحلة جديدة تعكس وحدة صفوفهم وتوحد كلمتهم على التمسك بالحقوق والثوابت.
شارك في المؤتمر شخصيات فلسطينية وسياسية عديدة، منها زعيم حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي، والمدير السابق لشبكة الجزيرة رئيس منتدى الشرق الأستاذ وضاح خنفر، والمفكر الفلسطيني سليمان أبو ستة، وممثل المجمع العلمي لعلماء أوروبا محمد تشكاني، وغيرهم من الشخصيات .
وكان المؤتمر قد تخلله الكثير من الفقرات الفنية، والندوات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والتي تناولت الجانب الإعلامي، والأسرى، والوضع الداخلي الفلسطيني.
وكان المنظمون للمؤتمر قد أعلنوا أسفهم لغياب أي ممثل عن السفارة الفلسطينية في بلجيكا – رغم دعوتها لحضور المؤتمر- ومقاطعتها لكافة الأنشطة والفعاليات والتي أقيمت إحياء للذكرى 65 للنكبة.
بيراوي.. المؤتمر فرصة للتمسك بالثوابت
من جانبه قال الأستاذ زاهي بيرواي، أحد منظمي المؤتمر، إن الهدف من إقامته، جمع كلمة الفلسطينيين وتوحيدها بشأن حق العودة، كما أن المؤتمر يمثل فرصة سنوية لاجتماع الفلسطينيين لتأكيد التمسك بهذا الحق الذي لا يقبل التفويض أو التنازل الأمر، كما أن المؤتمر يهدف إلى تحفيز العرب والمسلمين للقيام بواجبهم نصرة للمدينة المقدسة، في ظل ما تتعرض له في هذه الأيام.
وأضاف بيراوي : "لذلك ندعو الجميع للتعبير بشكل عملي عن حب الأقصى والمقدسات ومدينة القدس عبر الخروج إلى الشوارع والميادين في كل دول العالم في يوم الجمعة 7 حزيران (يونيو) المقبل للمطالبة بتحرير القدس عبر جهود شعبية عالمية سلمية".
وأكد بيراوي أن المطلوب في الدول الأوروبية التظاهر أمام السفارات الإسرائيلية بهدف إبلاغ العالم أن الفلسطينيين والعرب والمسلمين وأحرار العالم لن يقبلوا بتهويد المدينة المقدسة، وأنهم لن يبقوا صامتين أمام الجرائم الصهيونية ضد القدس وأهلها، على حد تعبيره.
الغنوشي.. الحرية خطوة نحو القدس
من ناحية أخرى، أكد رئيس حركة النهضة التونسية الشيخ راشد الغنوشي أن كل خطوة نحو الحرية والعدل والانفتاح الاعلامي هي خطوة باتجاه تحرير فلسطين، ووصف القضية الفلسطينية بأنها أعدل وأنبل القضايا في العالم.
وأشاد الغنوشي في كلمته التي ألقاها في المؤتمر بأداء المنظمات الفلسطينية العاملة في أوروبا، وقال "بأن فلسطينيي الشتات استطاعوا بمجهودات ذاتية أن يحولوا ليس القضية الفلسطينية وحدها بل والإسلام إلى ناطق بكل اللغات وبأرقى الأدوات والأساليب الحضارية".
وأشار الغنوشي في الكلمة التي قاطعه فيها المشاركون في المؤتمر بالتكبير والتصفيق أكثر من مرة، إلى أن الشعب التونسي منذ ثار على الديكتاتورية رفع شعار "الشعب يريد إسقاط النظام"، ورفع معه "الشعب يريد تحرير فلسطين".
وأضاف: "التونسيون يختلفون في كل شيء لكنهم لا يختلفون على القضية الفلسطينية، وهم يقفون إجلالا لأمرين اثنين: النشيد الوطني وفلسطين".
ورأى الغنوشي أن منظمة التحرير الفلسطينية تمكنت من إحياء القضية الفلسطينية وكسب الأنصار لها من مختلف أنحاء العالم، وأن المطلوب اليوم من القيادات الفلسطينية والإسلامية أن تعيد للقضية الفلسطينية إشعاعها الدولي لأنها قضية إنسانية عادلة كما قال.
وأضاف: "نحن في حركة النهضة عندما هاجرنا من تونس وجدنا إخوتنا الفلسطينيين في المهجر احتضنونا، ففلسطين هي حاضنة الأمة بأكملها، ونحن جميعا فلسطينيون إلى أن يتحرر آخر أسير وإلى أن يعود الجميع إلى ديارهم"، على حد تعبيره.
البيان الختامي ..
وفي ختام المؤتمر، أصدر المشاركون البيان الختامي، والذي جاء فيه:
1- نؤكد أنّ الفلسطينيين في المنافي الأوروبية هم جزء من شعبهم الفلسطيني أينما كان، وأنهم يواصلون بجميع أجيالهم التشبّث بحقّهم في العودة إلى أراضيهم وديارهم التي هُجِّروا منها في فلسطين ولا يقبلوا بديلاً عنها. ونشدِّد على أنّ حقّ العودة غير قابل للنقض أو الإجتزاء أو الالتفاف عليه أو التحوير، فالعودة حقّ جماعي وفرديّ لا رجعة عنه، وسيواصل شعبنا الكفاح حتى انتزاعه.
2- نُعرب بعد خمس وستين سنة من النكبة، عن اعتزازنا العميق، بصمود شعبنا الفلسطيني وتضحياته الكبيرة، من الشهداء والجرحى والأسرى والمعتقلين، دفاعاً عن وطنه ودياره ومقدّساته، وذوْداً عن حقوقه وحريّته وكرامته، وعبوراً بقضيّته إلى آفاق تنفتح على العودة وتقرير المصير، والخلاص من الاحتلال.
3- ندقّ ناقوس الخطر تحذيراً من الانتهاكات الصارخة التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق القدس ومقدّساتها ومعالمها، وضد المقدسيين ومساكنهم ومؤسساتهم، مع التنديد بأقصى العبارات بمسلسل التعديات الخطيرة المتصاعدة على المسجد الأقصى المبارك. كما نلفت الانتباه إلى تفاقم الطرد الجماعي والإخلاء السكاني وتدمير المنازل وتصعيد العنصرية المؤسّسية بحق المقدسيين واقتلاعهم، وتطويق أحيائهم بالمستوطنات والجدران. ونحذِّر أيضاً من تزوير هويّة المدينة العربية الإسلامية، والمساس بالمقدسات والأوقاف الإسلامية والمسيحية فيها، والتعدي المنهجي على معالمها التاريخية والحضارية.
4- نعبِّر عن اعتزازنا بصمود الأسرى الأبطال في سجون الاحتلال الإسرائيلي وما سطّروه من صفحات مجيدة من الصمود والإضرابات وتحدِّي سياسات القهر المنهجي المسلّطة عليهم، ونؤكِّد وقوفنا الكامل مع هؤلاء الأحرار في كفاحهم العادل حتى انتزاع مطالبهم المشروعة. ونعلن أنّ قضية الأسرى ستبقى في مقدِّمة اهتمامات شعبنا الفلسطيني في كلِّ مكان، وسنواصل مع أصحاب الضمائر الحيّة العمل الحثيث على إحياء هذه القضية حتى فكّ قيودهم وتمكينهم من الحرية.
5- نحثّ على تكثيف الجهود لمواجهة الهجمة التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية وسكانها الشرعيين، مع تفاقم الطرد الجماعي والإخلاء السكاني وتدمير المنازل في الضفة الغربية وفي الداخل الفلسطيني المحتل سنة 1948، وفرض نظام المعازل السكانية عبر تطويق التجمّعات الفلسطينية بأحزمة الاستيطان والجدران العنصرية.
6- نحيِّي انتصار إرادة شعبنا الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة، على آلة الحرب الإسرائيلية، وصمود الإنسان الفلسطيني رغم العدوان والقصف والحصار وتضييق سبُل العيش. ونتعهّد بمواصلة الجهود الرامية لفضح جرائم الحرب التي تقترفها حكومة الاحتلال وقواتها العسكرية، واتخاذ شتى الخطوات المدنية والقانونية بحقّ مقترفي العدوان والفظائع والمسؤولين عن جرائم الحرب تلك.
7- نندِّد بشدّة بالمواقف الداعية إلى ما يسمّى تبادل الأراضي بين الدولة الفلسطينية وكيان الاحتلال، محذِّرين مما ينطوي عليه ذلك من مخاطر جسيمة ودلالات سلبية بالنسبة لحقوق شعبنا الفلسطيني الثابتة، ومن تكريس لواقع الاحتلال وسيادته المزعومة على الأرض الفلسطينية، ومن تهديدات بحقّ أبناء شعبنا الصامدين في الأراضي المحتلة سنة 1948، علاوة على التسليم بالوجود الاستيطاني غير الشرعي على أنه حالة دائمة. ونؤكِّد أنّ شعبنا لن يقبلَ بأيِّ تسويةٍ على حسابِ ثوابته المؤكدة وحقوقِه غير القابلة للتصرّف ومطالبه المشروعة، وفي مقدِّمتها حقّ العودة.
8- علاوة على انشغالنا الشديد بمأساة الشعب السوري الشقيق في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه، وتضامننا الأخوي معه؛ فإننا نتابع بألم بالغ، محنة أبناء شعبنا اللاجئين في سورية والنازحين منها، وهو ما سيبقى موضع عنايتنا وإسنادنا لأبناء شعبنا في نكبتهم المتجددة هذه بشتى السبُل الممكنة. ونطالب كافة الأطراف ذات العلاقة بتحييد المخيمات الفلسطينية في سورية عن المواجهات المسلّحة وضمان تدفق الإمدادات الإنسانية لقاطنيها ولعموم السكان والنازحين هناك.
9- بالنظر إلى صنوف المعاناة والتضييق التي يواجهها الفلسطينيون في بعض البلدان العربية، وأخذاً بعين الاعتبار محنة النزوح الفلسطيني من العراق وسورية؛ فإنا ندعو الدول العربية الشقيقة وكافة الأطراف المعنية إلى إحسان وفادة الفلسطينيين لديها، وتخفيف معاناتهم، ورفع الجور عنهم. وندعو جامعة الدول العربية، في هذا الصدد، إلى التحقّق من الالتزام ببروتوكول الدار البيضاء لسنة 1965 في ما يتعلق بمعاملة اللاجئين الفلسطينيين، بما يتماشى مع التمسّك الفلسطيني بحق العودة إلى الأرض والديار المحتلة سنة 1948، وبما يستجيب أيضاً لحقوق الإنسان وكرامته، وللحقوق المدنية والاجتماعية.
10- نؤكِّد أهمية الإسراع في إتمام المصالحة بين الأطر السياسية الفلسطينية وإعادة هيكلة منظمة التحرير على أسس ديمقراطية سليمة، بما يُحَصِّن الموقف الداخليّ ويحشد الجهود لحماية الحقوق الفلسطينيةِ الثابتة، ويعين على مواجهة مخططات الاحتلال وتحدِّيات المرحلة الراهنة. ونطالب باتخاذ الإجراءات الكفيلة بإفراز تمثيل ديمقراطي للشعب الفلسطيني في أوروبا وشتى مواقع الانتشار، عبر انتخابات حرّة وشفّافة، مع تعزيز العمل الشعبي وقطاعات المجتمع المدني لأبناء شعبنا الفلسطيني في كلِّ مكان. كما نطالب أوروبا باحترام خيارات الشعب الفلسطيني وحريته في اختيار ممثِّليه.
11- ننبِّه إلى المسؤولية التاريخية لأوروبا عن النكبة التي حلّت بشعبنا الفلسطيني سنة 1948، والتي ما زالت أجيال هذا الشعب تدفع ثمنها حتى اليوم، بل وعن إمداد مشروع احتلال فلسطين بمقوِّمات البقاء والتوسّع والعدوان. ومن هذا المنطلق؛ نعلن دعمنا للحملة الدولية لمطالبة بريطانيا بتقديم الاعتذار للشعب الفلسطيني عن تسبّبها المباشر في النكبة التي لحقت به.
12- نحيِّي كافة الجهود المسانِدة للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال والعدوان والحصار، ونثمِّن المشروعات والمبادرات والحملات والمواقف التي تقف إلى جانب قضية فلسطين العادلة، ونحثّ على تطوير هذه الجهود حتى تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه الثابتة وحريّته وسيادته على أرضه وموارده. وإنّ قضية الشعب الفلسطيني، في العودة وتقرير المصير والتحرّر من الاحتلال والاستقلال على أرضه التاريخية ودياره السليبة؛ تستدعي الإسناد من الواقفين في خانة العدالة، والمدافعين عن الحق، ومناصري القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية داخل أوروبا وخارجها، مع ثقتنا الكاملة بانتصار شعبنا الفلسطيني وانتزاع حقوقه الثابتة حتماً؛ طال الزمان أم قَصُر، وفي مقدِّمتها حقّ العودة.