“حماس” في مرمى نيران الإعلام المصري

الرئيسية » بصائر الفكر » “حماس” في مرمى نيران الإعلام المصري
alt

 تتعرَّض حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لحرب شرسة من قبل بعض وسائل الإعلام المصرية زادت حدَّتها في الفترة الأخيرة باعتبارها حلقة في سلسلة الهجمات المتواترة على جماعة الإخوان المسملين في مصر والتي وصل أحد قادتها إلى سدَّة الحكم

وفي حقيقة الأمر تلك الحرب الضروس قد بدأت منذ الوهلة الأولى لثورة الخامس والعشرين من يناير؛ حيث أطلق نظام مبارك اتهامات لم تتوقف طوال أيام الاعتصام في ميدان التحرير الثمانية عشر في محاولة للنيل من طهرية الثورة  وتصدير صورة ذهنية سيئة للشعب المصري لإبعاده عن هذه الثورة "  المشبوهة  "من وجهة نظر النظام,  حيث  أطلق زبانية النظام وسائل اعلامه الموجّهة  أكذوبة أنَّ هناك عناصر أجنبية وتحديداً فلسطينية  من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تتواجد في ميدان التحرير، ونظراً لأنَّ كل فصائل المعارضة كانت مشاركة في الثورة ومتواجدة في ميدان التحرير طوال 18 يوماً لم تلق بالاً لهذه الاتهامات بل اعتبرتها نوعاً من هلوسة نظام يتداعى فضلاً عن كونها محاولات  من قبل النظام الحاكم حينها لتشويه الثورة والثوار بتهمة العمل مع عناصر خارجية ضد بلادهم.

إلاَّ أنَّ براجماتية قوى المعارضة المصرية بدّلت موقفها بعد عدَّة أشهر بعد أن وصل الاخوان المسلمون إلى سدَّة الحكم، فبدؤوا يقبلون السيناريو الذي كان مطروحاً في السابق،  بل ويحاولون استخدامه للنيل من الإخوان المسلمين فلم يرفضوا   أكذوبة  أنَّ هناك عناصر من حماس  كانت متواجدة في ميدان التحرير إبَّان الثورة وأنَّ تلك العناصر قامت أيضاً باقتحام السجون  لإحداث حالة من الفوضى بما فيها سجن وادي النطرون الذى  احتجز فيه الرئيس محمَّد مرسي و34  قيادة إخوانية كانت أجهزة الأمن قد ألقت القبض عليهم ليلة جمعة الغضب الموافق 28 يناير.

ولإحكام سينايو التشويه، بدأت الفضائيات التي ترجع نمط ملكيتها  للعديد من فلول النظام البائد أو من رجال الأعمال المحسوبين على نظام المخلوع والذين حقّقوا مكاسب كبيرة معه والتقت تلك المصلحة مع مصالح فصائل المعارضة التي غضّت الطرف عن هذه الجرائم، بل وشاركت ودعمت هذه الحملة بما في ذلك التيارات الناصرية التي كانت تقف موقفاً إيجابياً  مع القضية الفلسطينية في العقود الماضية وعلى رأسهم بالطبع المرشح الرئاسي الخاسر حمدين صباحي.

وأخذت قنوات  " أون تي في  " المملوكة لرجل الأعمال القبطي نجيب ساويرس  ودريم المملوكة لرجل الأعمال أحمد بهجت و المحور المملوكة لرجل الأعمال حسن راتب والحياة المملوكة لرجل  الأعمال السيّد البدوي  " رئيس حزب الوفد  "  وجميعهم يتمتعون بعلاقة قوية مع النظام السَّابق في شنّ حملات تشويه والنفخ في ملف ضلوع حماس في عمليات اقتحام السجون وقتل المتظاهرين في ميدان التحرير ,  وكانت أكثر الفضائيات شراسة في التعاطي مع هذا الملف تلك الفضائيات التي نشأت عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير والمملوكة لرجال أعمال كانوا رموزاً في الحزب الوطني أو من المستفيدين في التعامل معه  في العقود السَّابقة مثل قنوات  سي بي سي والنهار المملوكة لرجل الأعمال محمد  الأمين والذي يثار حوله العديد من الشبهات من بينها تلقي أموال خارجية لتمويل هذه المشاريع التي ينفق عليها ببذخ شديد يفوق أضعاف المردود المادي لهذه القنوات, إضافة الى قناة التحرير المملوكة لرجل الأعمال سيلمان عامر،  و قناة  " القاهرة والناس  " المملوكة لرجل الإعلانات الاول في مصر وأحد أبرز الرّجال المقرّبين لجمال مبارك وهو طارق نور, إضافة إلى قناة " صدى البلد  " المملوكة لرجل الأعمال وأحد رموز الحزب الوطني محمّد أبو العنين.

أمَّا على مستوى الصحف الورقية،  فهناك حزمة من الصحف مثل الدستور والفجر وصوت الأمَّة والمصري اليوم والوطن واليوم السَّابع والتحرير شاركت جميعها في محاولة الزّج بحركة المقاومة الاسلامية (حماس) في هذا الصراع في محاولة لتصدير حالة من الفزع لدى الشعب المصري البسيط الذى يتأثر أغلبه بالحالة الإعلامية؛ بأنَّ وجود الإسلاميين في السلطة يهدّد أمن مصر القومي نظراً لتفضيل الإخوان المسلمين في مصر شعب فلسطين وأهل غزَّة على وجه الخصوص على مصالح الشعب المصري.

وزعموا  مراراً أنَّ الرَّئيس محمَّد مرسي يرفض  هدم الأنفاق الواصلة بين رفح المصرية وغزة، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك، وزعموا أنَّ هناك عناصر من حماس تورطت في قتل الجنود المصريين على معبر رفح، وأنَّ الرئيس مرسي يتكتم على ذلك  فضلاً عن أنَّ الرئيس مرسي لا يتخذ أي إجراء لمنع  تسلل عناصر من حركة حماس للأراضي المصرية عبر الأنفاق

ولم تكن هذه المحطات الوحيدة لمحاولة الزّج بحركة حماس في الصراع السياسي، حيث أطلقت بعض وسائل الاعلام  اتهامات جديدة الحركة بأنها تسعى لتنفيذ بعض العمليات داخل مصر بعد  عثور الجيش على شحنات من الأقمشة العسكرية في رفح وقيام الجيش الثالث في مدينة السويس بتغيير الزّي العسكري، ولعلّ الهدف من ذلك تثبيت صحة هذه الادّعاءات التي تشير إلى دخول عناصر فلسطينية في التظاهرات من خلال استغلال الزّي الرّسمي للجيش المصري وإقدامها على قتل المتظاهرين.

وفي تقديري أنَّ نمط الملكية ليس فقط هو المسؤول عن أجندة الفضائيات والصحف، بل إنَّ طبيعة العاملين فيها من مذيعين ومعدّين برامج وصحفيين لهم دور أيضاً في تشويه القضية، فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد أنَّ  مذيعين مثل لميس الحديدي على " سي بي سي " وخيري رمضان   على  " النهار " وعمرو أديب  على  " اوربيت  " وأحمد موسى  على  " التحرير " وسيّد علي   على  " المحور " وحمدي رزق على  " صدى البلد  "   جميعهم يقدّمون برامج التوك شو الرّئيسية وكانوا على علاقة وطيدة بالنظام السَّابق، بل إنَّ بعضهم كان عضوا في لجانه الإعلامية مثل لميس الحديدي التي كانت مسؤولة عن حملة الترويج لجمال مبارك كوريث للمخلوع،   فضلاً أنَّ البعض الآخر كان من الذين يحظون برضا النظام، فتم تعيينه كقيادة صحفية في الصحف القومية المملوكة  للدولة, وهناك ايضاً من ينتمى الى هذه الشريحة في الصحافة الورقية مثل ياسر رزق الذى يرأس تحرير جريدة المصري اليوم، والذي كان من أقرب المقرَّبين للمشير طنطاوي ومن نظام مبارك، وهناك مجدي الجلاد رئيس تحرير صحيفة الوطن الذى كان أحد الاضلع الإعلامية للنظام السَّابق وأحد رجال حملة الفريق شفيق.

ويضاف إلى  هذه الشريحة بعض الصحفيين الذين لا ينتمون إلى الحزب الوطني المنحل وفلوله وإنما ينتمون إلى فصائل المعارضة إلاَّ أنهم أصبحوا أثر شراسة  ضد الإخوان، وشاركوا بشكل كبير في محاولة الزّج بحماس في الصراع السياسي من بين هؤلاء بالطبع الصحفي اليساري إبراهيم عيسى الذي يرأس تحرير جريدة التحرير، ويقدّم برنامج على القاهرة والناس  والصحفي الناصري محمود السعد الذي يقدّم برنامج على النهار

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

إلى أي مدى خُلق الإنسان حرًّا؟

الحرية بين الإطلاق والمحدودية هل ثَمة وجود لحرية مطلقة بين البشر أصلًا؟ إنّ الحر حرية …