رغم ما تسطره حركة حماس من بطولات في صمودها ومقاومتها للمحتل الصهيوني، وحسن لإدارة شؤونها في غزة في ظل الحصار المفروض عليها، إلا أنها ما زالت تتعرض للكثير من حملات التشويه والكذب عليها والإشاعات والأخبار المفبركة. فمنذ تأسيسها، لم تقتصر الضربات التي تلقتها على المحتل فحسب، بل كانت الضربات تتوالى عليها من القريب والبعيد بهدف تحطيمها ومحوها عن الخارطة السياسية الفلسطينية.
ضربات تنوعت، بين الاغتيال والقتل لقادة الحركة ومجاهديها، طالت أبرز رموزها السياسيين والعسكريين، والاعتقال الذي يقوم به اليهود وما يتضمنه من تعذيب و أحكام عالية بحق الكثير من أبطالها، إضافة إلى الاعتقال والتضييق الذي يتعرض له أبناء حماس في الضفة، في سبيل إخماد صوت حماس وإنهاء عملها هناك.
لكن من الضربات الجديدة، هي تلك الهجمة الإعلامية المسعورة على مواقف الحركة، وسياساتها، وتصوير أن هناك استقطاباً حاداً داخل الحركة، وخلافات قد تؤدي إلى الانشقاق بين أفرادها!!
"
كنا نأمل بعد انطلاقة الربيع العربي، أن يكون الخطاب الإعلامي في التعامل مع حماس وتاريخها النضالي، ومواقفها المشرقة السابقة واللاحقة، يليق بتطلعات الشعوب ورؤاها.
"
لقد كنا نأمل بعد انطلاقة الربيع العربي، أن يكون الخطاب في التعامل مع حماس وتاريخها النضالي، ومواقفها المشرقة السابقة واللاحقة، يليق بتطلعات الشعوب ورؤاها والتي كانت تهتف أثناء انتفاضتها على الظلم والاستبداد لفلسطين، وترفع شعار الشعب يريد تحرير فلسطين، وترفض سياسة الحكومات السابقة في تعاملها مع الشأن الفلسطيني. إلا أن حقد البعض على كل ما هو إسلامي، جعلهم يناصبون العداء لحماس؛ لانتمائها الفكري والتنظيمي للإخوان المسلمين، ولأنها تمثل تجربة ناجحة للإسلاميين في الجمع بين الإبداع في المقاومة، وحسن إدارة قطاع غزة، وتجاوز الكثير من الأزمات الموجودة والمفتعلة.
وتمثل هذا الحقد، بأن جعلت بعض الصحف والفضائيات حماس تنظيماً مهددا لأمن مصر، رغم ما تربط حماس بمصر من علاقات وثيقة تاريخية واجتماعية وسياسية وغيرها، فتارة تتهمهم بأنهم المتسببون في قتل بعض الجنود المصريين، ومرة أخرى بأنهم وراء اقتحام السجون المصرية وتهريب السجناء، وغير ذلك من التهم التي لا تستهدف حماس بذاتها، بقدر ما تهدف إلى تشويه صورة الإسلاميين عموماً، وتنفير الشعب منهم ومن أفكارهم، وتشويه صورة الحكم في مصر خصوصاً، والتركيز على أنه حكم استبدادي يستند إلى حماس في قمع أية حركة تعارضه أو تقف ضده، رغم أن الواقع ينافي تلك التهم والإشاعات.
ولم يتوقف الأمر على هذا الحد، بل نجد أن البعض يقسم حماس، إلى أجنحة وتيارات يفترضها عقله، أو تفرضها ثقافته التي اعتاد عليها، بأن يكون تابعاً لمن يدفع له المال. فمرة نسمع بحماس الخارج وحماس الداخل، وحماس إيران وحماس قطر، وحماس مصر وغيرها. وكان آخرها، تلك الرسالة المفبركة التي نسبها الإعلام المضلل إلى القيادي في كتائب القسام مروان عيسى، بفرضه بعض المواقف والسياسات على القيادة السياسية، وكأن حركة حماس ليس لديها عمل مؤسسي، وأطر واضحة لاتخاذ القرار.
حرب جديدة قديمة
ليس ما تتعرض له حماس من تشويه لسمعتها بجديد أو مستحدث، بل هو كما أشرنا ابتدأ بنشأة الحركة وبداية عملها المسلح ضد الاحتلال، ولهذا فقد تعرضت حماس للكثير من حملات التشويه والإشاعات، والتي يضطلع الاحتلال الصهيوني والإعلام المؤيد له بدور رئيس فيه، بحيث يجعلها ذرائع لشن ضرباته على غزة، وتبرير استهدافه للفلسطينيين واستخدام إرهابه ضدهم. وبالإضافة إلى الاحتلال يشارك في هذه الحملة كل من يكره المشروع الإسلامي والخيار الذي تتبناه حماس، وهو عدم الاعتراف بدولة الاحتلال، والعمل على تحرير كل فلسطين. ولهذا نجد إعلامهم يتحدث عن إمارة إسلامية ظلامية في غزة، وأخرى عن ممارسة صور القتل وانتهاك حقوق الإنسان ومصادرة الحريات في غزة، وأحيانا نجدهم يتكلمون عن ترك حماس للمقاومة وإقامتها لمفاوضات سرية مع الاحتلال، وتبعية حماس لدول معينة، كإيران، وقطر وغيرها.
"
إن هذا الحقد الدفين على حركة حماس وما يستتبعه من أكاذيب وافتراءات، نابع من كون حماس ما زالت متمسكة بثوابتها، ناهيك عن إسلامية فكرها ورؤيتها وتمسكها ببعدها العربي والإسلامي، ووقوفها مع الشعوب في ثورتها ضد الظلم والاستبداد، وتأييدها لتطلعات الشعوب في العيش بحرية وكرامة. ومحافظتها على استقلالية قرارها وعدم تبعيتها لأحد
"
إن هذا الحقد الدفين وما يستتبعه من أكاذيب وافتراءات، نابع من كون حماس ما زالت متمسكة بثوابتها، والتي عاهدت عليها شعبها وأمتها بالحفاظ عليها، ناهيك عن إسلامية فكرها ورؤيتها وتمسكها ببعدها العربي والإسلامي، ووقوفها مع الشعوب في ثورتها ضد الظلم والاستبداد، وتأييدها لتطلعات الشعوب في العيش بحرية وكرامة.
والأهم من كل ذلك، حفاظ حماس على أصالتها وحقيقتها، فهي لا تشترى ولا تتبع دولة ما أو ترهن قرارها مقابل حفنة من الدنانير والدراهم، فهي تؤمن أن انتصارها لا يكون إلا باعتمادها على الله، ثم صمود الشعب الفلسطيني ومجاهديه، ودعم وتأييد جماهير الأمة العربية والإسلامية وكافة الأحرار. ولهذا كانت مواقفة حماس واضحة لا غبار عليها، بالوقوف مع الحق دون مواربة أو خوف.
ختاماً .. ما تتعرض له حماس من حملات تشويه، لن يؤثر في سمعتها ولا في حب الشعوب وتأييده لها؛ لأن تاريخها ومواقفها أكبر من أن يشوهها إعلام مضلل، أو كاتب مأجور، فهي حركة أثبتت أنها عصية على الانكسار أو الاتجار بالقضية، أو التنازل عن أي من مبادئها، ولهذا ستظل حماس بماضيها وحاضرها تاجاً للمقاومة الفلسطينية، ومصدر فخر للأمة، فهي لدماء قادتها وشهدائها وفية، وعلى الهزيمة والذل عصية، وعلى الانشقاق والتفرق والخلاف حصينة منيعة.