وهذي الضجة الكبرى.. علاما؟

الرئيسية » بصائر من واقعنا » وهذي الضجة الكبرى.. علاما؟
alt

سألني قائلاً ألا تدلي بدلوك؟ فشممت من بين ثنايا سؤاله محاولة ماكرة منه كي يجرني إلى ساحة احتدم فيها النزال بين أبناء الأمة على أمر فارغ تافه، والأمة في أحلك أوقاتها وأشد أوضاعها..
فرددت عليه قائلاً: ومن أنا لأدلي بدلوي وعندنا كتاب الله وسنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم!!
ألم يقل ربنا سبحانه وتعالى: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم".

ألم يعلمنا أن التفاضل بين الخلق إنما يكون بأعمالهم الصالحة وخشيتهم لله وتقواهم.. وذلك قبل أن تتتابع الفتن وتدلهم المحن وتختلط الأمور عليهم.

قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الأَمانةَ نزَلتْ في جَذْرِ قُلوبِ الرِّجالِ، ثمَّ نزَلَ القُرآنُ، فعلِمُوا من القُرآنِ، وعلِمُوا من السنَّةِ، يَنامُ الرجُلُ النَّوْمَةَ فتُقبَضُ الأَمانةُ من قلْبِهِ فيَظَلُّ أثَرُها مِثلَ الوَكْتِ، ثمَّ يَنامُ النوْمَةَ فتُقبَضُ الأَمانةُ من قلْبِهِ فيَظلُّ أثَرُها مِثلَ الْمَجْلِ كجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ على رِجلِكَ فنَفِطَ، فتَراهُ مُنْتَبِرًا وليْسَ فيه شيءٌ فيُصبِحُ الناسُ يَتبايَعُونَ لا يَكادُ أحدٌ يُؤدِّي الأَمانةَ حتى يُقالَ: إنَّ في بَنِي فُلانٍ رجلًا أمينًا! حتى يُقالَ لِلرَّجُلِ: ما أجْلَدَهُ؟ ما أظْرَفَهُ؟ ما أعْقَلَهُ؟ وما في قلْبِهِ حبَّةُ خرْدَلٍ من إِيمانٍ" الراوي: حذيفة بن اليمان المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1584 خلاصة حكم المحدث: صحيح

أين من يحثو في وجه المداحين التراب، الذين يقصمون ظهور الخلق ويفتنونهم في أنفسهم. يكيلون لهم كل أوصاف الكمال التي ليست فيهم، يرفعونهم فوق الخلق ويلبسونهم لباس الأبطال الأفذاذ على جمال أصواتهم أو خلقتهم أو مواهبهم في الغناء واللعب وتوافه الأمور. يرفعون قدرهم ليفتتن بهم الصغار الذين تقاذفتهم وسائل الإعلام يمنة ويسرة حتى مسخت الكثيرين منهم بعد أن جردتهم من هويتهم وأضحوا طبولاً فارغة لا نفع منها غير أن ضجيجها كبير.

إزاء ذلك الحدث الذي انشغل به الكثيرين تذكرت صورة مشرقة تعمد إعلامنا الخبيث أن يتجاهلها ويحرف كاميراته عنها، فمراكز تحفيظ القرآن تعج بمواهب عظيمة وإرادات عجيبة وقامات وهامات..

وشباب تفنن في مقارعة الظلم والبغي في ساحات الثورات المورقة حرية وصلاحاً وإصلاحاً، وفتيات ضربن أعظم الأمثلة وأجملها بالتمسك بحجابهن وهويتهن التي اختارها لهن ربهن وخالقهن وكان منهن تلك الفتاة السورية الشريفة العفيفة المصون التي أخرجها المنقذون من بين الركام فصاحت بهم: "عمو.. لا تصورني فقد تمزق حجابي"..

ومدارس وجامعات وجوامع تزخر بعقول وأدمغة وهمم تطاول الجبال همها طلب العلم وتشييد صرح حضارة الأمة.

علماء وطلاب علم لا يبالي بهم إعلام دون أن يثنيهم ذلك عن مواصلة طريقهم، أنيسهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الدنيا مَلعونَةٌ، مَلعونٌ ما فيها، إِلَّا ذِكْرَ اللهِ و ما والَاهُ و عالِمًا أوْ مُتَعلمًا" الراوي: أبو هريرة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1609 خلاصة حكم المحدث: حسن

إنه الحديث المقياس الذي يوفر الكثير من المراء والجدل حول الكثير من القضايا وموضعها وميزانها ومكانتها فهل هي من ذكر الله أم مما والاه؟ أم أنها تخص العلم والعلماء؟

وهل يبالي أولئك العلماء وطلابهم إن لم تنشغل بهم الفضائيات أو تجاهلتهم صفحات المواقع الاجتماعية ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "طلبُ العلمِ فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ، وإِنَّ طالبَ العلمِ يستغفِرُ له كلُّ شيءٍ ، حتى الحيتانِ في البحرِ" الراوي: أنس بن مالك المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 3914 خلاصة حكم المحدث: صحيح

وقوله صلى الله عليه وسلم: "مُعَلِّمُ الخيرِ يستغفِرُ لَهُ كُلُّ شيءٍ، حتى الحيتانِ في البحرِ"
الراوي: جابر بن عبدالله و عائشة و أبو أمامة الباهلي المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 5883  خلاصة حكم المحدث: صحيح

وهل أجمل وأعظم وأروع من احتفالية الأرض والسماء والبر والبحر بتلك الفئة المباركة التي قلدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وساماً من الدرجة الأولى لا يمكن أن يضاهيه ذلك الابتذال الذي نشهده في برامج فضائيات العهر وانعدام الحياء ومسخ العلم..

قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يطلبُ فيه علمًا، سلك اللهُ به طريقًا من طرُقِ الجنَّةِ، وإنَّ الملائكةَ لَتضعُ أجنحتَها لطالبِ العلمِ رضًا بما يصنع، وإنَّ العالمَ لَيستغفرُ له مَن في السمواتِ، ومن في الأرضِ، والحيتانُ في جوفِ الماءِ، وإنّ فضلَ العالمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ ليلةَ البدرِ على سائرِ الكواكبِ، وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ، وإنَّ الأنبياءَ لم يُوَرِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما وَرّثوا العلمَ، فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافرٍ".
الراوي: أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6297 خلاصة حكم المحدث: صحيح

كيف تاهت الأمة عن توجيهات نبيها صلى الله عليه وسلم واختبط الأمر واختلط على الكثيرين حتى أصحاب العقول والأحلام؟؟
كيف شطت الأفكار والعواطف والمشاعر بنا ونحن ندعي حب الرسول صلى الله عليه وسلم ونملأ صفحات "الفيسبوك" بالأدعية المأثورة والمواعظ والرقائق، ثم ننزلق وراء الفارغين البطالين في زمن العمل، اللاهين اللاعبين في زمن الجد، المتقاعسين المتخاذلين وقت النفير..

بالمحصلة.. إن أردتم صوتي فائتوني بمن تستغفر له السماوات والأرض وكل شيء حتى الحيتان في البحار.. تلك التي ما رأيت صورها إلا وشعرت برهبة وجلال وتقدير لتلك المسبحات المستغفرات..

وإلى ذلك الحين.. فاللهم بلغنا رمضان واجعلنا أهلاً لنيل رحماتك وبركاتك ونصرك.

معلومات الموضوع

الوسوم

  • فلسطين
  • اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

    شاهد أيضاً

    أسوأ رمضان يمر على الأمة أم أسوأ أمة تمر على رمضان؟!

    كلمة قالها أحد مسؤولي العمل الحكومي في قطاع غزة، في تقريره اليومي عن المأساة الإنسانية …