رمضان في بلاد البلقان .. “كوسوفا” أفراح الصيام والفِطر (3-3)

الرئيسية » بصائر من واقعنا » رمضان في بلاد البلقان .. “كوسوفا” أفراح الصيام والفِطر (3-3)
alt

بعد سنوات من القمع والمحاربة للشعائر الإسلامية التي عانى منها المسلمون في بلاد البقلان خلال الحكم الشيوعي، أصبحوا اليوم يحتفلون بتلك الشعائر والعبادات بحرية وعلنية واضحة يعبّرون فيها عن حبّهم لدينهم وتعلّقهم بتعاليمه وشرائعه، ولعلَّ من أبرز تلك الشعائر عبادة الصوم في رمضان المبارك؛ حيث تتجلّى مظاهر الفرحة العارمة لدى غالبية المسلمين في بلاد البلقان ... وبعد أن تناولنا في تقارير سابقة مظاهر وأجواء الصيام في جمهوريتي مقدونيا والبوسنة، نحطّ الرّحال في هذا التقرير وهو الأخير من سلسلة تقارير (رمضان في بلاد البلقان) في كوسوفا، لنعيش مع المسلمين فرحة الصيام والعبادة والفطر بعد شهر كامل من العبادة والتقرّب إلى الله سبحانه، وقد صحبت (بصائر) في هذه الرّحلة الأمين العام لكلية الدراسات الاسلامية في بريشتينا، الأستاذ: ودات شعباني.

معلومات عن كوسوفا
alt

تقع كوسوفا جنوب شرق أوروبا تحدها جمهورية مقدونيا من الجنوب الشرقي وصربيا من الشمال الشرقي والجبل الأسود من الشمال الغربي وألبانيا من الجنوب. عاصمتها بريشتينا. يبلغ عدد سكانها 1,739,825. يبلغ مساحتها 10,577 كم2، وقد كانت كوسوفا منطقة ذاتية الحكم ضمن صربيا حتى 17 فبراير 2008 حين أعلن البرلمان الكوسوفي بالإجماع استقلالها وإعلان برشتينا عاصمة لها وحالياً تعترف 100 دولة باستقلال كوسوفا.
"
بعد سنوات من القمع والمحاربة للشعائر الإسلامية التي عانى منها المسلمون في بلاد البقلان خلال الحكم الشيوعي، أصبحوا اليوم يحتفلون بتلك الشعائر والعبادات بحرية وعلنية واضحة يعبّرون فيها عن حبّهم لدينهم وتعلّقهم بتعاليمه وشرائعه
"

وكانت كوسوفا جزءاً من الدولة العثمانية طيلة خمسة قرون منذ أن فتحها السلطان العثماني مراد الأول عام 1389. وبعد حرب البلقان الأولى عام 1912 تقاسمت مملكتي صربيا والجبل الأسود أراضي كوسوفا. وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى أصبحت كوسوفا ضمن مملكة يوغسلافيا. خلال الحرب العالمية الثانية احتلت يوغسلافيا وضم إقليم كوسوفا إلى ألبانيا التي كانت تحت الاحتلال الإيطالي.

الإسلام في كوسوفا

دخل الإسلام إلى كوسوفا كما بلاد البلقان كلّها قبل الفتح العثماني على نطاق ضيق ومحدود، وذلك عن طريق التجار والدبلوماسيين والدعاة. أمَّا الانتشار الفعلي للإسلام في تلك البلاد فقد كان بعد مجيء العثمانيين، حيث دخل الشعب الألباني في الإسلام أفواجًا، وحسن إسلامهم وكان منهم في الدولة العثمانية القادة العظام مثل (بالابان باشا) قائد من قادة فتح القسطنطينية، وكبار الكتاب والشعراء الذين كانوا يؤلفون بلغات خمس: (الألبانية) و(البوسنية) و(العربية) و(التركية) و(الفارسية) مثل (محمد عاكف أرسوي). ويشكّل المسلمون الغالبية العظمى من السّكان بنسبة تصل إلى 98%.

مظاهر الصيام في كوسوفا

في العاصمة بريشتينا ومدن بريزرين وبيتش وكاشانك ودرينتسا وغيرها تفتح المطاعم المختلفة أبوابها للصائمين وتقدّم لهم الوجبات الخاصة بهذا الشهر الفضيل، ويحدّثنا الأستاذ "ودات شعباني" أنَّ وجبة الإفطار عادة بكوب من عصير الليمون وحبة من التمر أو التين المجفف ليتبعها الطبق الرئيسي الذي يتبعه الحلويات البلقانية المشهورة إضافة للفواكه المختلفة.

ويقول لنا: إنه على الرّغم من شحّ الإمكانيات المادية وصعوبة الظروف المعيشية إلاَّ أنَّ حرص الألبان على التمسك بفريضة الصيام والمحافظة على الطقوس المميّزة في هذا الشهر الفضيل تشكل بالنسبة للألبان في كوسوفو ليس واجباَ دينياَ فحسب، بل التزاما قومياَ ويصل الامر في حرص الالبان على التمسك بعادات وتقاليد شهر رمضان المبارك أنَ ولائم الافطار يقيمها الصَّائمون وحتى غير الصائمين منهم.
"
في العاصمة بريشتينا ومدن بريزرين وبيتش وكاشانك ودرينتسا وغيرها تفتح المطاعم المختلفة أبوابها للصائمين وتقدّم لهم الوجبات الخاصة بهذا الشهر الفضيل
"
ويذكر الأستاذ ودات لـ(بصائر) أنَّ من مظاهر صيام شهر رمضان في كوسوفو في المجتمعات الصغيرة وخاصة في الريف يندر أن يعلن أحد عن عدم التزامه بالصوم لأنه في عرف الألبان المعروفين بتمسكهم الشديد بقوميتهم وتقاليدهم، فإنَّ الذي لا يتمسك بالصيام هو أيضاً شخص ضعيف الشخصية غير جدير باحترام المجتمع له.

نشاطات رمضانية

قبيل شهر رمضان المبارك لهذا العام افتتحت المشيخة الإسلامية الكوسوفية - الجهاز التنفيذي لمجلس الاتحاد الإسلامي، وتعتبر المشيخة أعلى سلطة للشئون الدينية والتعليمية - افتتحت  ثلاثة مساجد جديدة في مختلف المناطق، ووضعت حجر أساس في حي من أحياء العاصمة "بريشتينا".

وتتميّز الأنشطة الرمضانية والفعاليات بالتنوّع والتميّز في أماكن كثيرة منها المساجد والمراكز الإسلامية والمدراس القرآنية، لتشمل المحاضرات والإفطارات الجماعية والمسابقات.

ويبرز جلياً النشاط النسائي خلال هذا الشهر الفضيل في المراكز الإسلامية وبعض المساجد يتركز في دورات خاصة بهم وبعض المسابقات والندوات.

أفراح العيد
alt
وبعد شهر كامل من العبادة وقراءة والقرآن والنشاط الإسلامي يودّع المسلمون في كوسوفا شهر رمضان بالحزن والفرح معاً على أمل الاحتفال به والفرح به كل عام، ليستقبل الشعب الكوسوفي المسلم عيد الفطر السعيد بفرح وسرور؛ حيث الزيارات العائلية وتبادل التهاني والتكافل بين الأفراد والأسر، وقد استطاع المسلمون في كوسوفا أن يجعلوا عيد الفطر عيداً وطنياً، فقد أعلنت المؤسسات العامة ومنها المؤسسات الدولية بأنها سوف تعطّل في يوم عيد الفطر السعيد.

وينتظر المسلمون في كوسوفا من العالم الإسلامي مزيداً من مشاريع الدعم والتأييد لتحقيق الحياة الكريمة لآلاف العائلات المسلمة لتعزيز انتمائهم للإسلام والتمسك بالقيم الإسلامية والنهوض بواقعهم في مختلف المجالات المعيشية والتعليمية والتربوية والاقتصادية. وذلك من خلال بناء المؤسسات والمدارس والمساجد والجامعات.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

حيرة اختيار مجال العمل: بين الشغف والعائد المالي

سبق الكلام في الجزء الأول عن الحيرة عند اختيار مجال عمل أو اتخاذ قرار بالبقاء …