أكد خبراء ومحللون مصريون أن جماعة الإخوان المسلمين تواجه مخططًا مدروسًا لتفكيك تنظيمها والقضاء عليها بعد أكثر من ثمانية عقود من تأسيسها في عام 1928 على يد مرشدها العام الأول الإمام حسن البنا، مشيرين إلى أن هذا المخطط يقوم على أربعة محاور أساسية وهي: الأمني والقانوني والإعلامي والاقتصادي.
وأوضح الخبراء أن ما تحملته الجماعة عبر تاريخها من محن وابتلاءات واعتقالات يجعل القضاء عليها اليوم أمرًا ليس بالهين، وأن الضربات الأمنية التي تلقتها الجماعة منذ انقلاب الثالث من يوليو الماضي لن تتستطيع تفكيك هذا التنظيم المحكم القوي، معتبرين أن تدشين الإخوان لـ”التحالف الوطنى لدعم الشرعية وكسر الانقلاب”، هو إجراء ذكي يتناسب مع طبيعة المرحلة.
غير أنهم اتفقوا على أن الإعلام الحكومي والخاص قد نجح في شيطنة تيار الاسلام السياسي، وعلى رأسه جماعة الإخوان المسلمين، وتشويه صورة الجماعة، وتقديمها للرأي العام على أنها جماعة مسلحة، تقوم باغتيالات وأعمال حرق وتخريب للمنشآت، مستدركين بقولهم “غير أن هذا فقط لدى قطاع محدود من الناس ممن حبسوا أنفسهم على متابعة الإعلام المحلي الداعم للانقلاب”.
“التحالف الوطني”.. إجراء ذكي
في البداية، قال الباحث والمحلل السياسي مصطفى زهران، المتخصص في شئون الحركات الإسلامية: “جاء تدشين الإخوان لما يعرف إعلاميًا بـ “التحالف الوطنى لدعم الشرعية وكسر الانقلاب”، كإجراء ذكي من شأنه توحيد كلمة الإسلاميين وجمع شتاتهم تحت راية واحدة، وفي حال سقوط الاخوان في قبضة الأجهزة الأمنية، عبر الزج بهم في السجون، تبقي قيادة التحالف في يد الجماعة الإسلامية، وفي حال سقوط الأخيرة تتبقى الكيانات السلفية الأخرى، وهكذا دواليك، وهو ما يعنى طول عمر المواجهة مع النظام القائم، وهى إحدى النقاط التى تحسب للحركة الإسلامية فيما تعرفه أدبيات الإسلام السياسي بـ”المحنة”".
وقال زهران، الخبير بمركز سيتا التركي للدراسات السياسية والاستراتيجية، في تصريحات خاصة لـ”إسلام اون لاين“: “واذا تفرعنا من ذلك الى الحديث عن تاثير المواجهة الامنية على الجماعة، نقول إن جماعة الاخوان، وعبر محطات متفرقة في تاريخها، استطاعت أن تحقن نفسها ضد تأثير الضربات الأمنية والانشقاقات، ولعل التأسيس الثانى للجماعة على يد عمر التلمسانى قام بتوثيق روابطها، وشد الوثاق على مفاصلها، لتقف سدًا منيعًا أمام الرياح العاتية، فاعتمدت الجماعة على مركزية العمل، والقدرة على إعادة تنظيم نفسها مجددًا”.
الإخوان لم يحتاجوا يومًا لغطاء قانوني
واستدرك قائلاً: “لكن لامجال للشك في أن التأثير السلبي قائم على أجيال الشباب التى لم تعاصر محطات الإخوان السابقة، خاصة وأن التنكيل في هذه المرحلة أشد وأقوى، خاصة في ظل وجود القيادات الكبيرة التى تحكم أداء الشباب، حيث الحماسة والفتوّة، والتى تأتي في الغالب كرد فعل على اعتقال الأب أو الأخ… وهكذا، فضلاً عن استشعار جيل الشباب للعزلة إزاء المجتمع، خاصة مع النظرة المستهجنة له من قبل الساسة والنخبة، حينها يستشعر الشاب الإخواني نفسه منبوذًا مطاردًا”.
وأضاف: “لا شك أن الناحية القانونية ستكون مسوغا لاستمرار مسلسل الاعتقالات والزج بالاخوان في السجون. غير أن التاريخ يقول إن جماعة الإخوان لم تحتج في يوم من الأيام إلى غطاء قانونى لتحركاتها، فهى تسير وتتمدد في البيئة المجتمعية منذ أكثر من 80 عامًا، عبر آلية الخدمات وتقديم الرعاية والمشاركة المجتمعية والسياسية، من خلال الجمعيات الخيرية والنقابات ومراكز الشباب، لذا فإن الشق القانونى لن بكون له تاثير قوى كما يتوهم البعض، وبقي لديهم الحزب السياسي ربما يكون عوضًا عن الشرعنة القانونية للجماعة”.
واختتم زهران بقوله: “لقد استطاع الإعلام عبر جهد جهيد، أن يشيطن تيار الاسلام السياسي بأكمله عن بكره أبيه، وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين، بحيث لم يعد هناك فرق بين شباب جماعة الإخوان وأعضاء تنظيم القاعدة، فكلاهما من أصل واحد، كما يبرز الإعلام في بلادنا الآن، وهى الكارثة التى نعيشها”.
الضربات الأمنية لن تفكك التنظيم
ومن جانبه، يرى المحلل السياسي مجدي داود، أنه “منذ الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي في مطلع يوليو الماضي، تقوم السلطات الجديدة بمحاولة تصفية الوجود السياسي والقانوني لجماعة الإخوان المسلمين، مع حملة إعلامية قوية لتصوير الجماعة على أنها تنظيم إرهابي غير وطني، لديه امتداد خارجي، ويسعى لتنفيذ أجندة خارجية، تضر بالأمن القومي للبلاد”، مشيرًا إلى أنها “تظن أن رفع الغطاء القانوني عن الجماعة من خلال حل الجمعية المشهرة، وتوجيه ضربات أمنية قوية تهز مفاصل التنظيم، عبر اعتقال الصفوف الأولى والثانية والثالثة في قيادات التنظيم، سيقضي على الجماعة للأبد ويفكك التنظيم”.
ويستدرك داود، الباحث المتخصص في الشأن المصري، في تصريحات خاصة لـ”إسلام اون لاين“، قائلاً: “إلا أن الدارس لطبيعة التنظيمات الإسلامية القوية، مثل الإخوان، يدرك جيدا أن هذه الضربات القانونية والأمنية لن تجدي نفعًا في القضاء عليها، فكما درسنا في العلوم السياسية أن الأحزاب السياسية تنشأ من خلال وجود كوادر في تنظيم، لديهم برنامج، يسعون لتحقيقه، بغض النظر عن اعتراف السلطات بهم من عدمه، وكذلك الإخوان كجماعة، فلديها قاعدة شعبية عريضة وتنظيم ثابت وراسخ، مهما تلقى من ضربات سيظل قادرًا على تجديد نفسه، وتصعيد القيادات اللازمة في إطار من السرية، بعيدًا عن الصخب الإعلامي”.
تشويه الجماعة لدى قطاعات محدودة
ويعترف الباحث والمحلل السياسي مجدي داود، بأن “وسائل الإعلام الحكومي والخاص، نجحت في تشويه صورة الجماعة لدى قطاعات لا بأس بها من المجتمع على المستوى المحلي، الذي لا يتابع سوى الإعلام الحكومي، ويرجع ذلك أساسًا لما يمكن أن نطلق عليه “الفشل في مراعاة الظروف الاقتصادية والمعيشية للشعب المصري خلال فترة حكم مرسي”، بغض النظر عن أي تقييم وعراقيل وضعت في الطريق”.
ويستدرك داود قائلاً: “إلا أن هذا كله من شأنه أن يتغير ويختفي، في حال فشلت السلطات الجديدة التي جاءت بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب، في تحقيق ما كان الشعب يطالب به مرسي، حينها سينصرف الشعب تدريجيًا عن الإعلام المصري، ليهتم بأموره الاقتصادية والمعيشية”.
“أما على المستوى الدولي – والكلام لا يزال لداود- فالأمر غير ذلك تمامًا، حيث هناك الكثير من وسائل الإعلام التي تنقل كل ما يحدث في مصر من هذا الطرف وذلك، خاصة بعد فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بالقوة، وتصريحات الوسطاء الدوليين بأن السلطات الحالية هي السبب وراء إفشال الوساطة التي قبلتها جماعة الإخوان”، مشيرًا إلى أن “المشكلة أن الكثير من الدول تتلاقي مصالحها مع الإطاحة بالرئيس مرسي وجماعة الإخوان من الحكم، لكي تستمر السيطرة الأمريكية على المنطقة، وتحافظ على النسق العالمي الحالي أحادي القطبية”.
معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- إسلام أون لاين