أثارت موافقة لجنة الخمسين لتعديل الدستور المصري، مؤخراً، على المادة 54 التي تنص على "حظر قيام الأحزاب أو مباشرة نشاطها السياسي على أساس ديني"، تساؤلات حول معنى "الأساس الديني" ومصير أكثر من 20 حزباً إسلامياً موجودة على الساحة السياسية حالياً.
كان دستور 2012 ينص في المادة السادسة منه على أنه: "لا يجوز قيام حزب سياسي على أساس التفرقة بين المواطنين، سبب الجنس أو الأصل أو الدين"، وهذه المادة أتاحت إنشاء الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، لكن في ظل حالة التربص العسكري العلماني الحالية بكل ما هو إسلامي يبقى مصير الأحزاب الإسلامية محل تساؤل.
من جانبه قال محمد سلماوي، المتحدث باسم لجنة الخمسين في مؤتمر صحافي، إن القانون سيتكفل ببيان الكيفية التي سيتم بها توفيق أوضاع الأحزاب ذات الطابع الديني الموجودة حالياً، وذلك عقب صدور الدستور.
ويرى الدكتور صلاح الدين فوزي، أستاذ القانون العام والدستوري بكلية الحقوق جامعة المنصورة، وأحد أعضاء لجنة العشرة لتعديل الدستور، أنه بمراجعة دستور 2012، تم التوصية بحظر قيام أحزاب على أساس ديني، وأن تمارس الأحزاب الموجودة حالياً السياسة بحرية كاملة، طالما أنها لا تفرق بين المواطنين في الجنس أو الدين.
وأشار فوزي إلى أن اتخاذ حزب لمرجعية دينية، كأن تكون مرجعيته إسلامية، فهذا مباح، حسبما نقل عنه موقع قناة "العربية".
وعن أثر هذا التعديل الدستوري على الأحزاب الحالية، أوضح فوزي أنه فور صدور الدستور المُعَدَّل، يتعين على الأحزاب توفيق أوضاعها حسب النص الدستوري، فإن لم تفعل، سيتم حلها. كما أنه إذا ثبت أن أي حزب يمارس السياسة على أساس ديني، وأقيمت ضده دعوى قضائية من مواطنين عاديين (أصحاب المصلحة الوطنية)، فإن القضاء يحكم بحل الحزب فوراً.
من جانبه، شرح الدكتور هشام البدري، رئيس قسم القانون الدستوري بجامعة المنوفية، الفارق بين "الأساس الديني"، و"المرجعية الإسلامية". وقال إن "الأساس الديني" هو أن الحزب يضع في برنامجه الجنس أو الدين أو العقيدة أساساً لمنهجه وسياساته داخل المجتمع، وبذلك فهو يُميز في الحقوق والواجبات تبعا لجنس أو ديانة أو لغة المواطن. أما "المرجعية الإسلامية"، بحسب قوله، فهي تعني أن يمارس الحزب السياسة، لكنه لا يفرق بين أفراد المجتمع في حقوقهم بل يعتبرهم متساوين أمام القانون، ويعترف بذلك ضمن برامجه.
ومن جهته، وصف شريف طه، المتحدث باسم حزب النور السلفي، هذه المادة بأنها فضفاضة وغير واضحة علاوة على أنها تمنع الأحزاب من الالتزام بنصوص الدستور باعتباره مبنيا على الهوية الإسلامية، مؤكدا أن حظر الأحزاب الدينية يعد أمرا مناقضا لما تنص عليه المادة الثانية منه.
وانتقد المتحدث باسم حزب النور عدم وجود معايير واضحة لتطبيق مادة حظر الأحزاب الدينية بالدستور، مستنكرا الاستخدام الصريح لهذه المادة في أغراض سياسية معينة، وتابع "أي نوع من التهميش والإقصاء يحرم بعض المواطنين من التعبير عن آرائهم وإنشاء حزب سياسي لمجرد أنهم سلفيون، ومن يرضى بأن يختار حزب سياسي ما بين التخلي عن هويته الإسلامية أو حله في المقابل".
ورأى طه أن الأفضل هو وضع ضوابط وقواعد لممارسة العمل السياسي بشكل واضح، مثل عدم استخدام دور العبادة وعدم اقحام الدين لأغراض سياسية بحتة.
وأكد المتحدث باسم حزب النور أن التيار الإسلامي سيبقى يباشر نشاطه على أرض الواقع مهما كانت الظروف باعتباره تيار أصيل موجود في الشارع، ولا يملك أحد إبعاده عن العمل السياسي، مشددا على أن حزب النور سيظل يمارس نشاطه السياسي طالما لا يميز بين المواطنين على أساس ديني ولا ينتهك قانون مباشرة الحقوق السياسية، "ولو تم إبعاد الحزب لأسباب سياسية، فلكل حادث حديث".
جدير بالذكر أن الأحزاب الإسلامية في مصر أحزاب سياسية ولكن مرجعيتها الإسلام، وهذا لم يمنعها من قبول عضوية أقباط وهو حال كل الأحزاب الإسلامية تقريبا، ويتولى حاليا القيادي القبطي الدكتور رفيق حبيب مهام قائم بأعمال رئيس حزب "الحرية والعدالة"، وهو أكبر الأحزاب الإسلامية في مصر.