جاءني رجل يطلب الطلاق لأنه اكتشف رسائل عاطفية في هاتف زوجته ، وامرأة كذلك طلبت الإنفصال لوجود صور فاضحة في هاتف زوجها ، وقصص مثلها تعرض علينا كثيرا بعد الإنتشار التكنولوجي
وفي الغالب يكون ردي علي من يطلب الإستشارة هو التريث والتأكد من صحة الخبر بالإضافة إلي اعطاء فرصة للإصلاح والإستقامة مع الإستمرار بالتوجيه ، ففي كثير من الأحيان يستغرب السائل من إجابتي ويود أن أقول له أبدأ بطلب الفراق والطلاق لأن الطرف الآخر لا يستحق الإستمرار معه بسبب الخيانة
فأبين لهم أننا نخطأ في علاج هذه المشكلة وبداية الخطأ يكمن في تسميتها فمصطلح الخيانة أطلقها القرآن علي امرأة نوح ولوط عندما قال (...كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما) أي في الإيمان وليس في الإنحراف العاطفي واللفظ مشتق من الخون ومنه خانه خونا وخيانة ومعناها ( أن يؤتمن الإنسان فلا ينصح )
ولابد أن نفرق بين الخطأ الصغير والخطأ الكبير في المخالفة العاطفية فالصغير مثل اللمس والقبلة والكلام المعسول بين رجل وامرأة أجنبية سواء كان عبر الهاتف أو المشافهة والكبير مثل ارتكاب فاحشة الزنا ، وأنا أرى من كثرة الحالات التي تعرض علي أن الناس لا تفرق بين الخطأين ويطلبون الطلاق في الحالتين وهذا خطأ ثالث
ففي الحالة الأولى تعتبر المخالفة من الصغائر وعلاجها (إن الحسنات يذهبن السيئات) كما حصل في قصة الصحابي الذي قبل امرأة فنزلت هذه الآية الكريمة توجهه لطريقة معالجة الذنب ، أما لو كانت المخالفة الكبيرة مثل الزنا فعندنا اتجاهين في معالجتها ، الأول هو الستر عليه والتوبة من الذنب وهذا هو الأساس فإن لم يرتدع وظل مستمرا ومجاهرا في ارتكاب الزنا ففي هذه الحالة نقترح علي السائل طلب الطلاق والفراق أو الصبر والإستمرار في الإصلاح
ولو تأملنا القرآن الكريم لوجدنا فيه قصتين في مسألة الإنحراف العاطفي الكبير (الزنا) الأولى من امرأة العزيز تجاه يوسف عليه السلام عندما طلبته وهي ذات منصب وجمال ومال وسلطة إلا أنها تشعر بالفراغ وزوجها مشغول عنها ولكن الله عصمه ، والثانية قصة الملاعنة عندما اشتكي صحابي جليل تجاه زوجته بارتكاب الزنا فنزلت آية الملاعنة لحل مشكلة من يتهم الطرف الآخر بالزنا وليس لديه إثبات أو شهود.
خيانة تبدأ بهزة وتنتهي بزلزال فلنكن حكماء في علاج المشكلة لو حصلت
أما السيرة النبوية فهي تعلمنا التريث والصبر عند حدوث أي مشكلة عاطفية حول أحد الطرفين وهذا الدرس تعلمناه من نبينا الكريم في قصة الإفك الشهيرة فعلي الرغم من انتشار الإشاعة في المجتمع واتهام السيدة عائشة رضي الله عنها بهتانا وزورا إلا إن النبي الكريم ظل متريثا وصابرا وحكيما في ادارة الموقف وهذا منهج عملي وواقعي نستفيد منه في علاج مشاكلنا العاطفية في بيوتنا
بعد هذه المواقف التي ذكرناها فإننا لا نحبذ العجلة في اتخاد قرار الإنفصال في حالة الإنحراف العاطفي سواء كان كبيرا أو صغيرا إلا بعد الضوابط التي ذكرناها ، وإن كان واقعنا اليوم كثر فيه العلاقات العاطفية خارج إطار الزواج حتى صرنا نراها علنا في الأسواق والتجمعات ووسائل الإعلام وهي مؤشر خطير يفتك بالمجتمع ويدمر البيوت حتى أن جيمس رستون كاتب جريدة النيويورك تايمز وهو أجنبي وغير مسلم قال ( إن خطر الطاقة الجنسية قد يكون أخطر من الطاقة الذرية )
وأذكر من يومين كنت أقدم دورة تدريبية في مؤسسة حكومية فقالت لي إحدي المشاركات إني صرت أشك في زوجي بالخيانة وأنا علي يقين بأنه محافظ ونظيف ولكن من كثرة ما أسمع من قصص الخيانة في الجلسات النسائية صرت أشك فيه ، فقلت لها حتى تحافظي علي بيتك تجنبي الجلوس معهن
ومن طرائف ما قرأت أن باحث فرنسي عمل تجربة علي طيور اللقلق وأخذ بيض الإنثي من غير علمها ووضع بدله بيض دجاج فتناوبا الإنثي والذكر علي البيض إلي أن خرجت الكتاكيت منه فرأي الإستغراب في عيون الذكر والإنثي ثم غاب الذكر ورجع برفقه ذكور أخرين فضربوا الأنثى حتي ماتت وصدق الله أمم أمثالكم قال تعالى (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحية إلا أمم أمثالكم) فالعفة مطلب عالمي
فالخيانة تبدأ بهزة وتنتهي بزلزال فلنكن حكماء في علاج المشكلة لو حصلت, وختاماً نقول إن للخيانة رائحة كريهه لا يشمها إلا المخلصون.
معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- الموقع الرسمي للدكتور جاسم المطوع