يقول: "الله - سبحانه - هو الذي يتكفل بهذا لدعوته.. فحيثما أراد لها حركة صحيحة، عرض طلائعها للمحنة الطويلة، وأبطأ عليهم النصر، وقللهم، وبطأ الناس عنهم، حتى يعلم منهم أن قد صبروا وثبتوا وتهيأوا وصلحوا لأن يكونوا هم القاعدة الصلبة الخالصة الواعية الأمينة..
ثم نقل خطاهم بعد ذلك بيده - سبحانه - والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون..
ولابد من البلاء كذلك ليصلب عود أصحاب العقيدة ويقوى.. فالشدائد تستجيش مكنون القوى ومذخور الطاقة، وتفتح في القلب منافذ ومسارب ما كان ليعلمها المؤمن في نفسه إلا تحت مطارق الشدائد..
والقيم والموازين والتصورات ما كانت لتصح وتدق وتستقيم إلا في جو المحنة التي تزيل الغبش عن العيون، والران عن القلوب..
وأهم من هذا كله، أو القاعدة لهذا كله.. الالتجاء إلى الله وحده حين تهتز الأسناد كلها، وتتوارى الأوهام وهي شتى، ويخلو القلب إلى الله وحده.. لا يجد سنداً إلا سنده..
وفي هذه اللحظة فقط تنجلي الغشاوات، وتتفتح البصيرة، وينجلي الأفق على مد البصر.. لا قوة إلا قوة الله لا حول إلا حوله.. لا ملجأ إلا إليه..
والنص القرآني هنا يصل بالنفس إلى هذه النقطة على الأفق: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا)".