كان يشاهدها -صلى الله عليه وسلم- وهي تتعذب ومعها زوجها وابنها فداء لدينهم.
كان يشاهدها وهو من هو؟! ولكن لا يملك -صلى الله عليه وسلم- إلا الدعاء لها ولأهلها، فكان دعاؤه حينئذ: "صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة".
فكانت الصحابية "سمية" أول شهيدة في الإسلام، صبرت وتحملت أشد العذاب حتى أصابها كافر بحربة في موضع عفتها فلقيت ربها شهيدة.
في هذا الموقف لم يتخذ النبي صلى الله عليه وسلم أي موقف للمقاومة لأنه يعلم أنه "مستضعف"، وليس مُمَكَّن له.
في موقف آخر:
دخلت إلى محل صائغ يهودي، فطالبها الصائغ بكشف وجهها فأبت، فما كان منه ورفقاؤه إلا أن ربطوا ثوبها حتى إذا ما تحركت انكشف سترها وعورتها، فهب مسلمٌ بسلاحه فقتل الصائغ ثم صرعه رفقاؤه.
سمع عنها النبي صلى الله عليه وسلم فكانت غزوة نتج عنها جلاء اليهود ورحيلهم عن المدينة نصرةً لها، ودفاعاً عن عرض المسلمة.
فكان النبي صلى الله عليه وسلم مُمَكَّن له في المدينة، وهناك جيش للمسلمين يزداد قوة يوماً بعد يوم، فحركه كله من أجل امرأة!
وعنا نحن: أين نقع الآن كمسلمين في بلد محتل من سلطة انقلابية غاشمة استباحت كل شئ والله يمهلها ولا يهملها؟
أين نحن من خيار السلاح؟ وخيار التعامل السلمي الذي ندفع بسببه ثمناً غالياً، ولكن هو يزعج الانقلاب أكثر؟
بين هذين الموقفين من السيرة النبوية المشرفة هناك فرق في التعامل، ولكن ليس هناك أبداً فرق في شخص النبي صلى الله عليه و سلم وصفاته وشمائله.
في الموقف الأول اختار "الصبر" طريقاً له، وفي الموقف الثاني اختار "القصاص" طريقاً له، وهو الذي لا ينطق عن الهوى.