قضية قتل عرفات والبحث في الزاوية الخطأ

الرئيسية » بصائر من واقعنا » قضية قتل عرفات والبحث في الزاوية الخطأ
مقتل عرفات

شكل التقرير الصادر عن مركز لوزان السويسري حول مقتل الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات، تأكيداً لما نشر قبل أكثر من عام على قناة الجزيرة بأن عرفات مات مسموماً بفعل مادة البولونيوم، مما يؤكد أنه مات بعملية اغتيال. الأمر الذي يطرح تساؤلات مشروعة حول من قام بقتله وما دوافعه.
وكرد فعل على التقرير، اتفقت جميع الفصائل الفلسطينية بما فيها فتح، على أن المسؤول الأول والمستفيد الأكبر من تغييب عرفات هي دولة الاحتلال، خصوصاً وأنه قد صدر عن رئيسها المجرم "شارون" أنه استأذن الأمريكان في التخلص من ياسر عرفات؛ نظراً لمواقفه السياسية آنذاك.
ومن المؤكد الذي لا شك فيه، أن كل قيادات فتح بجميع مستوياتها، تتهم الكيان الصهيوني مباشرة بذلك، في حين يدرس بعضهم التوجه للمحاكم الدولية لمقاضاة دولة الاحتلال على قتلها لياسر عرفات قبل تسع سنوات.

 

 انحراف البوصلة

كان كثيرٌ من الفلسطينيين يأملون أن تستغل السلطة هذا التقرير لتصحيح موقفها، وإعلانها إيقاف المفاوضات مع الكيان الصهيوني؛ كونه – على الأقل- المتهم الرئيسي في قتل عرفات، إلا أننا نجد البوصلة منحرفة عما يتطلع إليه الشعب الفلسطيني، فتنحرف البوصلة عن الثأر لمقتل عرفات- بالإضافة لعشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين سقطوا خلال عقود من الصراع مع دولة الاحتلال- لتصبح القضية هل قتل عرفات بمادة البولونيوم السامة أم بمادة غيرها؟ وكيف وصلت المادة إلى عرفات؟ وما السبب الرئيسي لموته وظهور الأعراض عليه؟
إن من حق الشعب الفلسطيني أن يشعر أن من يديرون شؤونه ويتحدثون باسمه في المحافل الدولية – بغض النظر عن المستند القانوني لهم- على مستوى مقبول من الطموحات والتطلعات، بحيث لا يتنازلون عن الدم الفلسطيني ، ولا ينسون دماء إخوانهم وزعمائهم الذين سفك الاحتلال دماءهم وأزهق أرواحهم.
إن ما يجري حالياً أشبه ما يكون بحلقة مفرغة يدور البعض في فلكها لإماتة القضية، بدءاً من يوم وفاة عرفات قبل سنوات تسع، وما تبعه من تحقيقات شكلية، ولجان وهمية تهدف إلى الكشف عن الجاني الحقيقي، حتى كان تقرير الجزيرة في بداية يوليو "تموز" عام 2012، ليكشف عن مستوى التقاعس والتآمر الذي قامت به السلطة فيما يتعلق بهذه القضية.
إن الواجب الملقى على عاتق السلطة للتكفير عما قامت به من أخطاء جسيمة بحق هذه القضية يتمثل بمقاطعة الاحتلال، وإعلان وقف التفاوض معه، وعدم المتاجرة بدم عرفات وغيره من الفلسطينيين لتحقيق مكاسب تفاوضية، وأرباح شخصية.
والمطلوب من السلطة أيضاً، أن تقوم بمحاسبة كل من كلف بالتحقيق في هذه الجريمة فتقاعس عن القيام بدوره تجاهها؛ لأنه يدور في دائرة المشتبه بهم، خصوصاً وأن عرفات كان قد تعرض قبل موته لهجمات سياسية وانتقادات حادة من بعض قيادات فتح، حتى أحدث البعض تياراً ضد عرفات كان يهدف لتقليص صلاحياته، والتفاوض مع الاحتلال والجلوس معه من غير الاعتماد على موافقة عرفات الذي كان زعيماً لفتح آنذاك.
ختاماً.. إن مقتل عرفات يضاف إلى سجل كبير من أولئك الضحايا الذين سقطوا على يد الاحتلال، والذي يوجب على كافة الفصائل الفلسطينية أن تتعامل مع الكيان الصهيوني بما يتلاءم مع إجرامه وإرهابه ضد أبناء شعبنا، فلا يقبل أن نسعى لتحقيق أمنه، ومنع أي هجمة تستهدف الثأر لدماء الفلسطينيين التي تسيل كل يوم، وحراسة جنوده ومستوطناته، بحيث بات أمن الاحتلال أكثر ضرورة وأهمية من أمن الفلسطينيين أنفسهم.
إن الخوف الذي ينتاب كثير من الفلسطينيين أن تصبح قضية عرفات بالنسبة للسلطة في رام الله من الماضي، كما حصل مع عدد كبير من قادة الشعب الفلسطيني عموماً وفتح خصوصاً، حينما قتلهم الاحتلال واعترف بذلك، ثم بعد ذلك نجد المفاوض الفلسطيني يجلس معهم، يصافحهم ويقبلهم ويتبادل المزاح معهم، وكأن شيئاً لم يكن!!.

 

 

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتب فلسطيني، متخصص في الشريعة الإسلامية والسياسة، مهتم بالإعلام والتربية والتعليم.

شاهد أيضاً

أسوأ رمضان يمر على الأمة أم أسوأ أمة تمر على رمضان؟!

كلمة قالها أحد مسؤولي العمل الحكومي في قطاع غزة، في تقريره اليومي عن المأساة الإنسانية …