تأتي ذكرى انطلاقة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" هذا العام في ظل الحصار المطبق على القطاع، والمؤامرات المتتالية الكبرى التي تحاك ضد مشروع المقاومة الفلسطينية، وضد غزة، والحكومة.
ولعل أبرز ما اتخذته الحركة للوقوف إلى جانب أبناء الشعب الفلسطيني هو قرارها الذي فاجأ الجميع بإلغاء إقامة مهرجان انطلاقتها السادس والعشرين والذي يقام في الرابع عشر من كانون أول/ديسمبر في كل عام, وتحويل المبلغ المرصود للمهرجان إلى مشاريع خدماتية، والاكتفاء بفعاليات ميدانية في مناطق القطاع؛ نظرًا للحصار المطبق على قطاع غزة.
فكيف تستطيع "حماس" إدارة الحكومة والقطاع في ظل الأزمات التي تعصف بها من كل ناحية؟ وما الذي يؤخر انطلاق انتفاضة فلسطينية ثالثة رغم اشتداد واتساع العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة؟ وهل أضر اكتشاف أمر النفق الذي أعدته المقاومة في قطاع غزة مؤخراً بعنصر المفاجأة لدى كتائب القسام في المواجهات المقبلة مع الاحتلال؟ وما هو موقف حركة حماس من إصرار سلطة رام الله في الاستمرار بالمفاوضات العبثية مع الاحتلال؟
هذه الأسئلة وغيرها أجاب عنها القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية “حماس” الدكتور سامي أبو زهري في حواره لموقع “بصائر”، فإلى نصّ الحوار:
بصائر: انطلاقة حركة حماس هذا العام تأتي في ظل المزيد من التضييق عليها سواء من الجانب المصري أو "الإسرائيلي"، فكيف تستطيع حماسإدارة الحكومة والقطاع في ظل الأزمات التي تعصف بها من كل ناحية؟
هناك محاولات حثيثة من أطراف عديدة لحصار حماس سياسياً واقتصادياً والتضييق على الحكومة في غزة، لكن التجربة أثبتت فشل الرهان على إضعاف حماس.
د. سامي أبو زهري: هناك محاولات حثيثة من أطراف عديدة لحصار حماس سياسياً واقتصادياً والتضييق على الحكومة في غزة، وهذا هدفه التضييق على مشروع المقاومة ومحاولة إسقاط هذا المشروع الذي تتصدره حركة حماس مع بقية قوى المقاومة الفلسطينية.
ولكن التجربة أثبتت فشل الرهان على إضعاف حماس، والحركة مع شعبنا في قطاع غزة تعرضت لحربين شديدتين وفشل الاحتلال في تركيع شعبنا ومقاومته الباسلة وبالعكس من ذلك فإن المقاومة تمكنت من دك حصون العدو في عمقه مثلما جرى في حرب الأيام الثمانية الأخيرة، وصحيح أن هناك محاولات مستمرة ومتواصلة لإضعاف المقاومة لكن شعبنا أثبت قدرته على تجاوز هذه المحاولات وإفشالها، ونحن لدينا البدائل الكثيرة لمواجهة هذه التحديات.
بصائر: يعاني الغزيون الكثير بفعل عودة الحصار المفروض عليهم من سلطات الاحتلال الصهيوني وبتآمر عربي مشبوه، ما هي جهودكم التي تبذلونها للتخفيف من حدة هذا الحصار الظالم؟
رغم إدراكنا أن هناك مؤامرة حقيقية على غزة، إلا أن هذا لا يعفينا من المسؤولية للبحث عن حلول لمشاكل شعبنا، ولذلك الحكومة في غزة تمارس دور كبير جداً في هذا السياق لحل كل المشاكل عبر البحث عن بدائل
د. سامي أبو زهري: نعم، الحصار الإسرائيلي والإجراءات على الجانب المصري من إغلاق الأنفاق وشبه إغلاق معبر رفح يفاقم الوضع الإنساني في غزة ويخلق كارثة حقيقية ومعاناة شديدة لسكان القطاع. ولكن كل المحاولات التي تستهدف كسر إرادة شعبنا ودفعه للتمرد على حركة حماس محاولات يائسة وثبت فشلها.
وثانياً: نحن رغم إدراكنا أن هناك مؤامرة حقيقية لكن هذا لا يعفينا من المسؤولية للبحث عن حلول لمشاكل شعبنا ولذلك الحكومة في غزة تمارس دور كبير جداً في هذا السياق لحل كل المشاكل عبر البحث عن بدائل، واعتقد أن الأزمة الراهنة والناتجة عن قضية الغاز والكهرباء في طريقها للحل قريباً إن شاء الله.
بصائر: أين وصلت جهود الحكومة في غزة من دعوة رئيس الوزراء إسماعيل هنية للفصائل الفلسطينية بالمشاركة في إدارة قطاع غزة؟
نحن في حماس سنبذل كل جهد ممكن على الأقل في مجال المصالحة المجتمعية في غزة، من خلال بدائل وخطوات كبيرة تتخذها الحركة لخلق حالة من الشراكة مع كل القوى الفلسطينية في قطاع غزة .
د.سامي أبو زهري: الأستاذ إسماعيل هنية اقترح على الفصائل تشكيل لجنة عليا لوضع الترتيبات لإجراء حوار وطني شامل يستهدف وضع ترتيبات تنفيذ اتفاق المصالحة وأيضاً التوصل لبرنامج وطني متوافق عليه، ولازالت هناك جهود تبذل من بينها لقاءات مع الفصائل بالتدريج وهدفها إنضاج هذه الأمور، ونحن حريصون في حركة حماس على البحث عن مخارج تمكن من البدء بتنفيذ اتفاق المصالحة، بغض النظر عن موقف الطرف الآخر من حركة فتح. و نحن في حماس سنبذل كل جهد ممكن على الأقل في مجال المصالحة المجتمعية في غزة، من خلال بدائل وخطوات كبيرة تتخذها الحركة لخلق حالة من الشراكة مع كل القوى الفلسطينية في قطاع غزة وحل ما يمكن حله من المشاكل التي يعاني منها سكان القطاع ونستطيع أن نحلها.
بصائر: في ظل استمرار الكيان الصهيوني بعمليات الاستيطان الواسعة للأراضي الفلسطينية.. ما هو موقف حركة حماس من إصرار سلطة رام الله في الاستمرار بالمفاوضات العبثية مع الاحتلال؟
المفاوضات التي تجريها السلطة مع الاحتلال هي مفاوضات خطيرة جداً، لأنها تجري في ظل وضع عربي صعب، كما أن هناك ضغوطاً أمريكية تبذل على السطة في ظل استجابة من السلطة لهذه الضغوطات، ونحن في حماس لا يمكن أن نسمح بتمرير أي اتفاق يصدر عن هذه المفاوضات.
د.سامي أبو زهري: المفاوضات التي تجريها السلطة مع الاحتلال هي مفاوضات خطيرة جدا ، لأنها أولاً: تجري في ظل وضع عربي صعب يمكن من خلاله تمرير أي تفاهم تسوية. وثانياً: لأن هناك ضغوطاً أمريكية حقيقية تبذل على السلطة وهناك استجابة من السلطة لهذه الضغوط. وثالثاً: لأن المفاوضات تتركز على الوضع النهائي وليس مجرد إجراءات ميدانية أو مؤقتة، إنما المفاوضات تجري حول القضايا في الوضع النهائي وهذا ما يجعل أي تسوية تحدث هي تصفية حقيقية لحقوق شعبنا الفلسطيني.
ومن هنا نحن في الحركة نتواصل مع كل القوى والأطراف ومكونات المجتمع الفلسطيني لتشكيل ائتلافات وقوى منظمة في مواجهة هذه المفاوضات وأي نتائج تصدر عنها، وعملياً نحن في حماس لا يمكن أن نسمح بتمرير أي اتفاق يصدر عن هذه المفاوضات.
بصائر: تمر ذكرى الانطلاقة هذا العام والقدس والمسجد الأقصى المبارك يتعرضان لأبشع الانتهاكات الصهيونية، ما الدور الذي تقوم به حركة حماس للوقوف في وجه هذه الانتهاكات؟
ندعوا السلطة إلى رفع اليد عن المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية لتتمكن من مواجهة سياسة التهويد والاستيطان وغيرها من جرائم الاحتلال.
د.سامي أبو زهري: الأقصى هو ملك للأمة كلها، ولذلك نحن ندعو الأمة لتحمل مسئولياتها اتجاه المسجد الأقصى، الذي يمثل القبلة الأولى للأمة العربية، ومسرى النبي عليه الصلاة والسلام.
ولذلك نحن نعتبر أنه ما زالت الجهود التي تبذل من الأمة دون المستوى المطلوب والأقصى في خطر شديد، ومن ناحية أخرى نحن كفلسطينيين مطالبون بحماية المسجد الأقصى من خلال الجهد الشعبي المبذول من حشود المرابطين القادمة من الأماكن التي يسمح لها الدخول للمسجد الأقصى . وأيضاً من خلال تفعيل المقاومة الفلسطينية ضد المحتل حيث ما أمكن. ولذلك نحن ندعوا السلطة إلى رفع اليد عن المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية لتتمكن من مواجهة سياسة التهويد والاستيطان وغيرها من جرائم الاحتلال.
بصائر: اكتشف الاحتلال مؤخراً نفقاً أعدته المقاومة في قطاع غزة.. هل أضر اكتشاف أمر هذا النفق بعنصر المفاجأة لدى كتائب القسام في المواجهات المقبلة مع الاحتلال؟
ما تم اكتشافه من قبل قوات الاحتلال هو جزء بسيط من إمكانات المقاومة، والمقاومة تمتلك مفاجآت كثيرة لهذا العدو.
د.سامي أبو زهري: صحيح أن الاحتلال تفاجأ بحجم قدرات المقاومة الفلسطينية لكن ما تم اكتشافه لا شك هو جزء بسيط من إمكانات المقاومة، والمقاومة تمتلك مفاجآت كثيرة لهذا العدو. لذلك عليه أن يفكر كثيراً قبل أن يخطط للمزيد من العدوان على أبناء شعبنا. كما أن اكتشاف النفق طمأن أبناء شعبنا وأكد على أن المقاومة وحماس تعمل ليل نهار لإنهاء قضية الأسرى والمعتقلين؛ لأن الهدف الأساسي من هذه الأنفاق هو العمل على تحرير الأسرى الفلسطينيين.
بصائر: ما هي الرسالة التي تريد كتائب الشهيد عز الدين القسام توجيهها من خلال العرض العسكري الكبير الذي أقامته مؤخرا في مدينة غزة.. ولمن توجه هذه الرسالة؟
كتائب القسام ماضية في الاستعداد والتدريب والتصنيع ولديها قدرات أكبر، وبالتالي كل الرهانات على إضعاف القسام وقوى المقاومة قد باءت بالفشل.
د.سامي أبو زهري: العرض العسكري الذي أقامته الكتائب في قطاع غزة مؤخراً هدفه التأكيد على قوة القسام وقوة المقاومة، وأن الحصار المستمر والمتواصل والذي يجرى تشديده في المرحلة الأخيرة لم يفلح في إضعاف كتائب القسام. بل إن الكتائب ماضية في الاستعداد والتدريب والتصنيع ولديها قدرات أكبر، وبالتالي كل الرهانات على إضعاف القسام وقوى المقاومة قد باءت بالفشل.
بصائر: برأيك.. ما الذي يمنع إسرائيل من شن حرب على حماس في القطاع رغم الوضع الحرج الذي تعيشه الحركة حالياً خاصة بعد الانقلاب العسكري في مصر؟
د.سامي أبو زهري: الاحتلال "الإسرائيلي" شن حربين على غزة إحداهما في عهد مبارك والثانية في عهد الدكتور محمد مرسي. وفي كلتا الحالتين فشل الاحتلال في كسر إرادة شعبنا الفلسطيني، وشعبنا أثبت قدرته على الصمود والمواجهة وعلى الرد أيضاً ومن الطبيعي أن يفكر الاحتلال كثيراً قبل معاودة أي تصعيد ضد غزة.
بصائر: برأيك ما الذي يؤخر انطلاق انتفاضة فلسطينية ثالثة رغم اشتداد واتساع العدوان الصهيوني على شعبنا في الضفة والقطاع وعلى مقدساتنا الإسلامية والمسيحية؟
ما يؤخر الانتفاضة الثالثة هو التعاون الأمني بين أجهزة أمن السلطة في الضفة والاحتلال "الإسرائيلي" ونحن واثقون من أن ذلك لن يفلح إلى ما لا نهاية.
د.سامي أبو زهري: هناك ضغط شديد يتعرض له إخواننا في الضفة ناتج أساساً عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي وخاصة سياسة التهويد والاستيطان والحواجز العسكرية واستهداف المزروعات والاعتقالات والقتل. وكل هذا من الطبيعي أن يؤدي إلى انفجار حقيقي في الضفة. ولكن ما يؤخر ذلك هو التعاون الأمني بين أجهزة أمن السلطة في الضفة والاحتلال الإسرائيلي، ونحن واثقون من أن ذلك لن يفلح إلى ما لا نهاية.
بصائر: كلمة توجهها حركة حماس في ذكرى انطلاقتها للشعب الفلسطيني خاصة والعالم العربي والإسلامي عامة؟
د.سامي أبو زهري: إن حركة حماس في ذكرى انطلاقتها تؤكد أنها ماضية في التمسك بأهدافها التي انطلقت من أجلها وهي تحرير أرض فلسطين وفي مقدمتها القدس والمسجد الاقصى، وأنها متمسكة بخياراتها في المقاومة وحقوق الشعب الفلسطيني وخاصة حق العودة وتحرير الأسرى. كما أنها لن تتراجع ولن تفرط في أي شيء من ذلك، وهي في ظل ذكرى انطلاقتها أشد قوة وصلابة بإذن الله رغم كل الممارسات التي تستهدف إضعاف الحركة.