ربا الأعراض

الرئيسية » بأقلامكم » ربا الأعراض
images (1)

الربا في الشريعة الإسلامية ربوان: ربا الأعراض، وربا الأموال،  وكلاهما من الكبائر، لكن الأول أشد وأخطر وأكثر، وإن كان الثاني أشهر.

ومما يشمل ربا الأعراض:

أولا: الاستطالة في العرض بأكثر من الحق:

 فعن سعيد بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق" رواه أبو داود (4233)، وصححه الألباني في الصحيحة (1433 - 1871 ).

والاستطالة إطالة اللسان، والاستطالة في عرضه أن يتناول منه أكثر مما يستحقه على ما قيل له وأكثر مما رخص له فيه، ولذلك مثله بالربا وعده من عداده، ثم فضله على جميع أفراده، لأنه أكثر مضرة وأشد فسادا، فإن العرض شرعا وعقلا أعز على النفس من المال وأعظم منه خطرا، ولذلك أوجب الشارع بالمجاهرة بهتك الأعراض ما لم يوجب بنهب الأموال[1].

وقوله صلى الله عليه وسلم (إن من أربى الربا) أي أكثره وبالاً وأشده تحريمًا، و(بغير حق) فيه تنبيه على أن العرض ربما تجوز استباحته في بعض الأحوال، وذلك مثل قوله صلى الله عليه وسلم (لي الواجد يحل عرضه)، فيجوز لصاحب الحق أن يقول فيه إنه ظالم وإنه متعد ونحو ذلك، ومثله ذكر مساوي الخاطب والمبتدعة والفسقة على قصد التحذير.

قال الطيبي: جعل الربا نوعين متعارف وهو ما يؤخذ من الزيادة على ماله من المديون، وغير متعارف وهو استطالة الرجل اللسان في عرض صاحبه، ثم فضل أحد النوعين على الآخر[2].

ثانيا: رد السيئة بأكثر منها:

فالله تعالى يقول {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 194]، ويقول :"{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40]، {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل:129]، فشرع سبحانه العدل وهو القصاص، وندب إلى الفضل وهو العفو، ومن زاد في الرد عن المثل فقد أربى واعتدى في هذا الربا.

وفي صحيح مسلم: "المستبَّان ما قالا فعلى البادئ منهما حتى يعتدي المظلوم".

فإن جاوز الحد بأن أكثر المظلوم شتم البادئ وإيذاءه، صار إثم المظلوم أكثر من إثم البادئ. وقيل إذا تجاوز فلا يكون الإثم على البادئ فقط بل يكون الآخر آثما أيضا باعتدائه[3].

قال مجاهد: من أربى الربا من يسب سبتين بسبة[4] .

 ---------------------------------------------------------------------

[1]  فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي: 4\66.

[2]  عون المعبود مع حاشية ابن القيم: 13\152.

[3]  تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي للمباركفوري: 5\222.

[4]  شرح السنة للبغوي: 13\133.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

الحكمة من الزلازل

يؤمن المسلم بأن في كل أفعال الله حكمة بالغة؛ سواء أدركها أو أدرك بعضها أم …