الحاج أبو أحمد النمنم (58 عاماً) يقول: "إن الإنترنت والهاتف الخلوي وكل تلك الأجهزة معقدة جداً وغير ضرورية، وإن حاولت استخدام هاتف ابني الخلوي أمسكه بحذر وأخشى على أبنائي من سلبياته".
الحاج أبو أحمد واحد من بين الكثير من كبار السن الذين ينفرون من الاختراعات التكنولوجية الحديثة، في حين يعتبرها أبناؤه ومعظم الشباب أمراً لا غنى عنه.
مشاكل وحلول..
الأستاذ خالد صافي المختص في الشأن التكنولوجي قال لـ"بصائر": "من وجهة نظر كبار السن فإن تلك الاختراعات معقدة جدا أو غير ضرورية، لكن بعد قليل من الممارسة يجد أقلية من كبار السن صعوبة في استخدام الانترنت أو الهاتف النقال".
وأوضح صافي أن هذه الأجهزة مصنعة حالياً بطريقة لا يمكن معها أن يتلف المستخدم أي شيء فيها، "لقد أصبح من الصعب أكثر من أي وقت مضى محو ملف مهم لأن البرامج تطلب دائماً تأكيداً قبل تنفيذ أوامر المحو".
وأضاف صافي أنه من الخطأ الحكم على شيء دون التعرف على تفاصيله، وإيجابياته وسلبياته، لافتاً إلى أنه ينبغي على الأبناء تعليم آبائهم على الأجهزة الالكترونية الضرورية وخاصة الهاتف الخلوي والكمبيوتر لأنهما أصبحا من ضروريات الحياة ولا يمكن الاستغناء عنهما، على حد تعبيره.
واستدل على ما سبق بقوله: "على سبيل المثال فإن الهاتف المحمول يمكن أن يساهم في إنقاذ حياة إنسان في موقف طارئ، كما أن كبار السن قد يكونون عرضة أكثر من غيرهم للأزمات وللمشاكل التي تتطلب المساعدة"، منوهاً إلى أنه "في الوقت الذي يملك فيه كبير السن هاتفاً خلوياً يجعل أبنائه وعائلته يشعرون بالراحة نظراً لأنهم إذا احتاجوه في أمر هام فإنهم سيمكنهم الوصول إليه ومعرفة مكان تواجده".
وأكد صافي على ضرورة تنبيه كبار السن لإيجابيات التكنولوجيا وفوائدها، لأنهم لا يسمعون من المجتمع إلا عن مشاكلها وأضرارها وسلبياتها وتأثيرها على من يستخدمها بطريقة خاطئة مما يجعلهم ينفرون منها. وتابع: "بعد أن يتعرف كبار السن على تلك الأجهزة، سيكتشفون بالتدريج الفوائد الكبيرة لاستخدام التكنولوجيات الحديثة".
وشدد صافي على أن الشكوى الشائعة لدى كبار السن من الكمبيوتر والانترنت والهواتف النقالة تكمن في خوفهم من كسر شيء ما، موضحاً أن هذه الأجهزة مصنعة حالياً بطريقة لا يمكن معها أن يتلف المستخدم أي شيء فيها.
وبين أن أهم حجة يمكن سوقها لإقناع كبار السن باستخدام التكنولوجيات الحديثة هي فوائدها التي لا مراء فيها، لافتاً إلى أن الانترنت يتيح إنجاز الخدمات المصرفية والتسوق من المنزل أو يمكن أن يساعد المرء في العثور على معلومات أو خطط للسفر.
وأشار إلى أن من بين الأسباب الأخرى لدى كبار السن التي تنفرهم من استخدام التكنولوجيا الحديثة خشيتهم من التكلفة رغم أن ذلك أمر غير صحيح فهذه الأيام، التكاليف محدودة، مضيفاً أنه يمكن لمستخدمي الهواتف النقالة من كبار السن شراء بطاقة مدفوعة مقدماً لتقليل فرص تراكم الديون عليهم بسبب الفواتير.
وأردف قائلاً : "يمكن توفير المال أيضاً باستخدام الانترنت حيث أن معظم شركات السياحة تعرض تخفيضات عبر الشبكة الدولية".
منافسة الصغار..
ومن ناحيته، قال الأخصائي الاجتماعي د. وليد شبير: "إن استخدام المسنين للإنترنت يؤدي إلى إطلاق نشاط مراكز رئيسة بالدماغ تتحكم بالتفكير المركب وصنع القرار، وذلك بعد فترة وجيزة لا تتعدى الأسبوع".
وأضاف شبير إلى أن بعض كبار السن عموماً يفترضون أنهم لا يتمتعون بالذكاء الرقمي، والمعرفة القوية بالتكنولوجيا الحديثة، مؤكداً في الوقت ذاته على أن بحثاً جديداً أجرته شركة "بيو"، يشير إلى أنهم أصبحوا ينافسون الأصغر سناً في مهارات الإنترنت.
وأكد شبير أنه وفقا لدراسة "أجيال 2010"، التي أعدتها الشركة وجدت أن مستخدمي الإنترنت الذين تزيد أعمارهم على 34 فما فوق، هم أكثر عرضة من هؤلاء في سن 33 فما دون، للانخراط في أنشطة عدة عبر الإنترنت، بما في ذلك زيارة المواقع الحكومية والحصول على المعلومات المالية على الانترنت.
وبحسب الدراسة، فإن أنشطة معينة عبر الإنترنت أصبحت أكثر شعبية عند جميع الفئات العمرية، مثل البريد الإلكتروني، ومحركات البحث، والحصول على المعلومات الصحية، والأخبار، والشراء (بما في ذلك حجز السفر)، والخدمات المصرفية، والتبرع للجمعيات الخيرية.
وقال شبير : "رغم أن الشباب هم أكثر احتمالاً للاستفادة من خدمات الشبكات الاجتماعية، إلا أن أسرع معدل نمو في عدد مستخدمي الانترنت كان لمن هم فوق سن 74 عاماً، كما أن استخدام مواقع الشبكات الاجتماعية لهذا السن تضاعف أربع مرات منذ عام 2008".
وذكر شبير أن كبار السن هم بحاجة ماسة للتعرف على الأجهزة الالكترونية لأنها توفر الوقت والجهد وتيسر لهم أمور حياتهم وتخفف عن كاهلهم الكثير، فبدلاً من الذهاب لمسافات طويلة من أجل مقابلة شخص ما بإمكان كبير السن الاستغناء عن قطع تلك المسافة باستخدام الهاتف الخلوي أو إرسال رسالة عبر البريد الالكتروني أو استخدام البرامج التي تقوم بتوفير رسائل مجانية ترسل عن طريق الانترنت إلى الهواتف الخلوية وتكون غالباً مجانية، بحسب شبير.