نوفل: يجب أن ينتهي التدين بالإكراه والعمل على نشر ثقافة الإقناع

الرئيسية » تحقيقات وحوارات خاصة » نوفل: يجب أن ينتهي التدين بالإكراه والعمل على نشر ثقافة الإقناع
nofaal

كثير منا يتساءل كيف يمكن أن نحقق التربية الإيمانية الحقّة في أنفسنا وأُسرنا؟ كيف يا تُرى نتمكن من تحقيق بعض الصمود على المبادئ كنموذج "رابعة" في مصر الذي أذهل كل أصحاب الحقوق والحريات؟

أسئلة حملها موقع "بصائر" الإلكتروني لأستاذ الشريعة الإسلامية بالجامعة الأردنية الدكتور أحمد نوفل ليجيب عليها، ونضعها بين أيديكم في نص هذا الحوار..

 بصائر: كيف يمكن للمسلم أن يحقق في نفسه وأسرته التربية الإيمانية السليمة التي تُمكنه من الوقوف بصلابة أمام ما يتهدد الأمة من تحديات؟

د. نوفل: التربية هي الحياة، وهي جوهر الدين، وجوهر عمل النبي صلى الله عليه وسلم، وجوهر عمل المربين والمعلمين والآباء والأمهات، وكل من أنيطت به مسؤولية القيادة عن أي مجموعة أو تجمع، فمهمته لا مجرد إدارتهم، وإنما تربيتهم وتطويرهم وتحسين أدائهم.

ويمكن أن نحقق لأنفسنا شيئاً من الخبرة والآليات في العمل التربوي، من التأمل المتأني في كتاب الله، ثم سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته، ثم سلوك الأصحاب رضي الله عنهم ثم بقراءة كتب التربية، وكل ذلك يصهر في مصهر التجربة الخاصة والخبرة الذاتية.

ولا يمكن نقل تجربة نقلاً حرفياً، إذ هناك متغيرات في الظروف والأحوال، واختلافات وفروق في النفوس والمواهب والقدرات والطاقات.

بصائر: سيرة السلف الصالح مليئة بالصور النيرة التي تتجلى فيها ملامح التربية العظيمة بالرعم من قلة التطورات والإمكانيات التي كانوا يتمتعون بها بالمقارنة مع ما نحياه اليوم، إلا أننا نجد هذه الصور لا تكاد تذكر في أيامنا؟ ما الذي يمنعنا من جعل التربية السليمة منهجاً عاماً اليوم؟

د. نوفل: كما جاء في السؤال، فإن سيرة السلف مترعة بالصور والمواقف التربوية لكنها لا تكاد تذكر اليوم، لأن تركيزنا صار أكثر على الخبرات التربوية الحديثة وهي منبتة عن أصولنا، وأن نقرأ ما عند غيرنا مطلوب لكن مشكلتنا أنّا فتنا به وتركنا أصولنا، فضعنا وضيعنا وأضعنا.

على كل حال، المخرج من هذا الحال هو أن يكتب مختصون في ميدان التربية ويكثروا من الشواهد من سيرة السلف، بهذه الطريقة نبعث هذه الكنوز حية في فكرنا ومناهجنا وكتبنا.

بصائر: كيف يمكننا معالجة مشكلة الالتزام الظاهري في المجتمع؟ ألا ترى أن هذه إحدى العقبات التي يعاني منها المجتمع الملتزم اليوم؟ والتي تمنعنا من تحقيق الكثير على المستوى الإيماني والتطور الديني؟

د. نوفل: فعلاً، الالتزام الظاهري الذي لا يغذيه رصيد داخلي يشكل عقبة وعائقاً، وصدق من قال: إن المجتمعات التي تظهر أكثر تديناً، تبرز عند المحك أقل تديناً، والعكس صحيح، فإن المجتمعات التي يبدو عليها ظاهرياً التزام غير عميق، تبدو في الاختبار أكثر تديناً، ومصر مثال، فأغلب الناس يظن أن مصر أقل التزاماً من بعض الدول العربية التي تبدو أكثر تديناً، لكن الاستبيانات أظهرت، وقد سمعتها من الـ بي بي سي، في استطلاع شمل الآلاف أن البلد العربي الذي يظن أنه الأكثر تديناً طالبته قرابة النصف من نسائه أن يكون اللباس حراً متروكاً للشخص، والمقصود البنت أو النساء، بينما كانت النتيجة في مصر 14% فقط.

وأول علاج لهذه الظاهرة أن ينتهي التدين بالإكراه والإخضاع وأن يكون بالإقناع.

ثانياً: إنهاء التناقض ما بين التعليم الديني ووسائل الإعلام المنفلتة من الدين، خاصة في البلدان التي تبدو أكثر تديناً، وإعلامها الأكثر انفلاتاً من الدين.

وثالثاً: أن يكون الخطاب الديني ميسراً سمحاً واقعياً، ليس مائعاً بالطبع، ولا يسير في ركاب الأنظمة التي تعارضت مع الدين.

ورابعاً: وفرة الدعاة الوعاة الذين يكونون نماذج وقدوات في المجتمع.

بصائر: ما حدث في "رابعة" بمصر نموذج للصمود الإسلامي الحق، كيف تحقق ذلك؟ هل يمكنك أن تعطينا لمحات عن هذه التجربة الفريدة في زماننا؟

د. نوفل: كيف تحقق صمود مَنْ في رابعة؟ برصيد مسبق من التربية ورصيد من الإيمان واليقين، وقيادات فذة من أمثال عبد المقصود والبلتاجي والشباب المنشد والمتحدث والتنظيم الدقيق، والأخوة والإيثار والعطاء اللامحدود، ولقد قلت في مقالاتي في صحيفة السبيل الأردنية إن أطهر وأنقى تجمع بشري عرفته الأرض بعد مجتمع المدينة المنورة، فيما أرى، هو تجمع "رابعة" وتجربة "رابعة"، التي أعطتنا نموذجاً مصغراً للمجتمع المسلم، كيف ينبغي أن يكون؟ فلم يسجل حادث سرقة، ولا حادث تحرش، ولا شيء من هذا القبيل.. بينما لا يخلو شارع ولا تخلو ساعة من مثل هذا، في كل أوتوبيس، وفي كل موقف، وهذا ما غاظ أعداء الله.

بصائر: البعض يقول: لو كان من في "رابعة" على حق، لما استطاع الانقلابيون إرساء حكمهم على جماجم ضحاياها، ولما كان هناك انقلاب على شرعية مرسي لو كان صاحب خطى ربانية، ما هي الدروس التي تحملها محنة "رابعة"؟ وأين ملامح النصر؟

د. نوفل: صاحب خطى ربانية لما انقلب عليه! هكذا يقول السؤال بإيجاز وهذه مغالطات بالطبع، فلقد انقلب المرتدون على خير الأنبياء وهو عليه الصلوات ما يزال حياً وليس بعد وفاته، وأعلنوا انفصالهم بعد مماته عن الدولة الإسلامية، فعلى رأي هؤلاء العظماء في تفكيرهم ما كان ينبغي أن يكون انقلاب على حكم الصديق، ولماذا قتل عثمان وسط الصحابة؟ ولماذا قتل علي وسط الصحابة والتابعين؟ ولماذا قتل عمر وهو أعظمهم؟.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
صحفية في موقع "بصائر" الإلكتروني، وصحيفة "السبيل" اليومية الأردنية في قسم الشؤون المحلية والتحقيقات. وكاتبة في مجلة "الفرقان" التابعة لجمعية المحافظة على القرآن الكريم / الأردن؛ في الشؤون الأسرية والتربوية. وتكتب بشكل متقطع في العديد من المجلات العربية منها؛ البيان؛ الفرقان الكويتي؛ وأجيال السعودية إلى جانب العديد من المواقع الإلكترونية.

شاهد أيضاً

طفلي بلغ السابعة.. كيف أبدأ بتعويده على أداء “الصلاة” ؟

مما ينعش قلب الأبوين أن يقف إلى جوارهما طفلهما الصغير في سنوات عمره الأولى وهو …