حذر نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إسماعيل هنية الكيان الصهيوني من مغبة توجيه أي ضربة لغزة أو التفكير بالعودة إليها، مؤكدًا أن ما تخفيه المقاومة أكبر بكثير مما يقدره الاحتلال، ومطالبا السلطة الفلسطينية بالانسحاب الفوري من المفاوضات وعدم تمديدها، وبناء استراتيجية وطنية مشتركة تقوم على المقاومة وإنهاء الانقسام، مشيرًا إلى أن الشعب الفلسطيني يتوحد خلف المقاومة وتفرقه المفاوضات، مطالبا الأمة العربية والإسلامية بإنهاء حصار غزة وفتح معبر رفح.
جاء ذلك خلال خطاب مطول ألقاه هنية ظهر اليوم الأحد (23|3) في المهرجان الكبير الذي نظمته حركة حماس في الذكرى السنوية لاستشهاد مؤسسها الشيخ أحمد ياسين واثنين من أبرز قادتها هما الدكتور إبراهيم المقادمة والدكتور عبد العزيز الرنتيسي، وذلك في ساحة السرايا غرب مدينة غزة بحضور عشرات الآلاف من الفلسطينيين.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية في خطابه: "إننا بتنا نسمع ونرى تهديدات قادة العدو لغزة وللمقاومة وبتغابى البعض منهم داعيا للاحتلال غزة من جديد، ونعلنها للكون أجمع أمام هذه التهديدات من قلب غزة نقول للعدو ولمن يهدد أن زمن تهديداتكم قد ولى إلى غير رجعة، وأن أي عدوان أو حماقة ترتكبونها ستكلفكم غاليا، وأقول لكم إن دم الياسين مازال في رقبتكم أيها الصهاينة".
وأضاف: "لقد كنسناكم من غزة يوم لم يكن بأيدينا إلا القليل من السلاح والخبرات أما اليوم فإننا والحمد لله أقوى وقد تطورت مقاومة شعبنا أضعاف مضاعفة وقويت المقاومة أضعاف مضاعفة وما خفي عنكم أكبر مما تقدرون".
وقال هنية: "يظن البعض أن الهدوء الذي يخيم على غزة هدوء الضعيف المستكين الذي له حسابات ضيقة (..)، فمن فوق الأرض من تحت الأرض في البر في البحر وفي الجو، إن غزة عاصفة كامنة وقادرة على أن تصنع الانتصار".
وأضاف: "من النفق (نفق العين الثالثة) إلى جنين ومن قبله مواجهة الرد على العدوان والاغتيالات إلى الكرامة (معركة الكرامة) إنه دليل ساطع على أن غزة اليوم وهي تخرج وفاء لكل القادة ووفاء لهذا الخط الثابت فغزة كلها مقاومة والضفة الغربية كلها مقاومة وشعبنا في كل مكان كله مقاومة".
وأكد القيادي الفلسطيني على أن حركة "حماس" وحكومته ليسا طرفا ولا يرغبون أن يكونوا طرفا في الخلافات الفتحاوية الداخلية، مطالبا بضرورة إنهاء هذه الخلافات.
وقال: "لا نريد أن يقحمنا أحد في بعض الإشكاليات او الخلافات الداخلية في "فتح"، وفي ذات الوقت فان مصلحتنا ومصلحة قضيتنا أن تكون فتح موحدة وكل القوى الفلسطيني كذلك وأن تكون جبهتنا الداخلية موحدة".
وأضاف: "نحن لا نقتات على صراع الآخرين، أي صراع داخلي لا يفيد بل يضر بالشعب الفلسطيني وقدسية القضية الفلسطينية".
وطالب هنية بفتح تحقيق وطني في قضيتي اغتيال رئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات، ومؤسس الذراع العسكري لحركة "حماس" الشهيد صلاح شحادة، داعيا إلى الخروج من دائرة الاتهامات.
وأكد أنهم لا يتدخلون في شأن أي من الدول العربية أو الإسلامية لا سيما مصر وسوريا، مؤكدا أنه ليس لحركة حماس أي دور أمني أو عسكري في مصر أو شبه جزيرة سيناء.
وشدد هنية على أن "حماس" حركة تحرر وطني معنية بقضيتها الفلسطينية إلى جانب شركائها في الساحة الفلسطينية من جميع القوى، وكل ما وجه للحركة وكل ما نسمعه من اتهامات بالتدخل هنا أو هناك هو أمر عار عن الصحة مطلقا".
وأضاف: "نحن نؤكد حرصنا على مصر العزيزة، مصر الأخ والجار والشقيق الأكبر وعلى كل دولنا العربية والإسلامية وعلى مصالحها وعلى أمنها القومي، مشددا على ضرورة أن يركز الجميع على الخطر الحقيقي القادم من العدو والتي خاضت حروبها الرسمية والشعبية معه".
وتابع: "سيبقى العدو الصهيوني هو العدو المركزي الرئيس لشعبنا الفلسطيني ولشعوبنا العربية والإسلامية، داعيا الأمة رسميا وشعبيا إلى إعطاء قضية القدس والأقصى وحصار غزة ما تستحقه من اهتمام وجهود وتحرك عاجل".
ودعا هنية إلى الخروج من دائرة الاتهامات التي لا اساس لها والتوقف عن شيطنة "حماس" وغزة والفلسطينيين، والتوقف عن معاقبة أهل غزة، مطالبا بمبادرة سريعة إلى كسر الحصار عن غزة وفتح معبر رفح.
وأشاد بدماء القادة الياسين والمقادمة والرنتيسي، مؤكدًا أنهم صنعوا المتغيرات وأعادوا بناء المعادلة وقادوا الشعب الفلسطيني إلى المقاومة المسلحة بعد الإعداد.
واعتبر القيادي الفلسطيني هذا الحضور الكبير للمهرجان استفتاء على خيار المقاومة، مؤكداً أن غزة تخرج عن بكرة أبيها رغم الحصار قائلا : "اليوم غزة إذ تخرج عن بكرة أبيها في هذه الساحة (ساحة السرايا)، تخرج اليوم وفاء لهذه الدماء الطاهرة ثباتا على طريق الشهادة والمقاومة، تخرج اليوم إصرارا وتحديا لهذا الحصار وللمحاصرين، اليوم غزة ليست محاصَرة ولكنها محاصِرة".
كما اعتبر أن ما جرى في مخيم جنين أمس واستشهاد ثلاثة من كتائب القسام وسرايا القدس وكتائب شهداء الأقصى يؤكد أن الشهادة والمقاومة هي الطريق لتحرير أرض فلسطين واستعادة القدس والأقصى.
وقال: "إن ما جرى في جنين أمس يؤكد أن شعبنا الفلسطيني يتوحد في المقاومة وتشتته المفاوضات، لا وحدة على المساومة، هذه رسالة الدم أمس".
وأضاف قائلاً: "اليوم تخرج غزة عن بكرة أبيها كأنها ترد على جريمة جنين، تقف شامخة على عظمة جنين تقول لأهلنا في الضفة الغربية نحن معكم لن نتخلى عنكم معركتنا معركتكم والمصير واحد".
واستعرض هنية الإنجازات التي حققتها المقاومة بعد استشهاد الشيخ ياسين خلال عشر سنوات من تحرير غزة وفوز حركته في الانتخابات، وخطف الجندي الصهيوني "شاليط"، وتحرير الأسرى، وخوض حربين، وكذلك الثبات في وجه الحصار.
ووصف الحالة التي تعيشها حكومته وحركة "حماس" بالقول: "نمر في مرحلة صعبة وتحديات قاسية لكننا لسنا مرعوبين وهذه المرة ليست الأشد".
وأضاف بالقول: "إن الله يريد لهذا الشعب ولهذه الأمة أن تفهم المعجزة، أن هذه القضية القضية الفلسطينية غير خاضعة لمنطق حسابات البشرة المادية".
وتابع: "فمن الشلل تنطلق حركة المقاومة الإسلامية "حماس" (في اشارة إلى أن الشيخ ياسين كان مشلولا) ومن العجز ينهض مارد القسام، ومن الجوع نصنع الثبات والتحدي، ومن العدم نصنع توازن الرعب، ومن الركام نزلزل تل أبيب، وبأظافرنا نحفر الصخر ونصنع المستحيل".
واعتبر هنية أن كل ما تتعرض له غزة من حصار وتجويع هو لأنها تقاوم وتتمسك بالثوابت وتواجه الاحتلال، مؤكدا أن هدف الحصار هو أن نتخلى عن الثوابت.
وقال: "هذه الجماهير التي خرجت اليوم هي الرد العملي على ذلك بأن غزة كلها مقاومة، ويجب أن تعيدوا (المحاصرون) الحسابات، نحن قوم لا تجدي معنا هذه اللغة ولا تجدي معنا هذه الأساليب"، مؤكدا أنه "إذا كان القرار هو الحصار فإن قرارنا هو الانتصار".
وأضاف: "إذا كان القرار تركيع الشعب الفلسطيني فإن قررنا أننا لا نركع إلا لله، وعلى كل صانعي القرار داخل وخارج فلسطين أن يلتقطوا رسالة هذا المهرجان، نحن قوم نعشق الموت كما يعشق أعداؤنا الحياة، نعشق الشهادة كما يعشق عدونا الكراسي، نحن لسنا طلاب كراسي.. نقول لهم خذوا كل الكراسي وأبقوا لنا الوطن".
وجدد هنية مقولته الشهيرة: "لن نعترف بإسرائيل"، مؤكدا أن القضية الفلسطينية تتعرض لهجمة كبيرة وشرسة من خلال تهويد القدس ومواصلة الاستيطان وتشديد الحصار على غزة، ومحاولات التفريط بالحقوق الفلسطينية، والاستفراد بأبناء الشعب الفلسطيني .
وقال: "إن هذه الهجمة وهذا الاستهداف لقضيتنا اليوم يستوجب علينا في كل القوى الوطنية أن نقف مليا لتقييم الوضع، لدراسة هذه الهجمة للوقوف أمام المسؤوليات".
ووضع هنية خارطة طريق للخروج من هذا المأزق تكون سنديان في وجه الاحتلال وتكون إستراتيجية وحيدة وفاعلة لتغير الواقع تحت الاحتلال لمواجهة تحدياته واستعادة القدس والحقوق المشروعة وانجاز المشروع الوطني.
وأشار إلى أن هذه الخارطة تقوم على إنهاء الانقسام، وبناء والوحدة الوطنية وإطارها السياسي في إطار السلطة والمنظمة على قاعدة الانتخابات والشراكة، وكذلك وقف المفاوضات وعدم تمديدها بأي ذرائع.
واعتبر هنية أن هذا المهرجان استفتاء مفاده أن لا للمفاوضات لا للمساومة لا للتفريط، وقال: "باسم هذا الاستفتاء ندعو المفاوض الفلسطيني إلى الانسحاب من هذه المسيرة العبثية، وعدم تمديد مسار المفاوضات العقيم والذي ثبت فشله لتجميل وجه الاحتلال وتنفيذ مشاريعه.
وأضاف: "المفاوضات ليست خيارا مجمعا عليه من شعبنا، ولا تحظى بأغلبية كبيرة أو قليلة". ووصف هنية حال المفاوض الفلسطيني في هذه المفاوضات العبثية "كالأيتام على موائد اللئام".
وفي الختام طالب القيادي الفلسطيني "بالعمل سريعا من أجل بناء استراتيجية مشتركة نستجمع فيها عناصر القوة بما فيها المقاومة بكل أشكالها، والشراكة في القرار السياسي الوطني".
معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- قدس برس