أرادوا تلميعه واستمرار تسويقه شعبياً فكان السخط والاستهزاء عارماً.
بهذه الكلمات ألخص ما حدث في الفضاء الإلكتروني عقب إعلان السيسي الترشح للرئاسة المصرية، فرغم أن إعلان السيسي ترشحه للرئاسة كان متوقعاً منذ انقلابه على الرئيس محمد مرسي، إلا أن غير المتوقع هو كبر حجم الحملة المناوئة له والمستهزئة به، حيث وصل التفاعل معها خلال أقل من عشرة أيام إلى ما يزيد عن المليار!!
وكانت الضربة موجعة بشكل أكبر للسيسي ومن معه حينما وجدوا أن النسبة الغالبة ممن يتفاعلون مع هذا "الهاشتاج" هم من مصر، ممن يظن أنصار الانقلاب أن القتل والاعتقال والتضييق قد أخافهم وأسكت صوتهم، وأنهم سيسكتون عندما يكتمل المشهد الانقلابي بكل صوره.
“الهاشتاج المسيء للسيسي فجّر الفضاء الإلكتروني لينبه العالم أن هناك شعباً مظلوماً يعاني من ويلات العسكر منذ عقود، ويشهد أكبر المجازر في القرن الحديث إلى جانب شقيقه الشعب السوري "
(#انتخبوا_الع..) هاشتاج فجّر الفضاء الإلكتروني لينبه العالم أن هناك شعباً مظلوماً يعاني من ويلات العسكر منذ عقود، ويشهد أكبر المجازر في القرن الحديث إلى جانب شقيقه الشعب السوري، حيث كان الوقوف إلى جانب قضيته سبباً من أسباب انقلاب العسكر على الرئيس مرسي بحسب الكثير من المحللين.
وليس هذا "الهاشتاج" مؤشر على حجم كره السيسي فحسب، بل هو مؤشر على مقدار الرافضين للانقلاب في مصر بشكل خاص، والعالم بشكل عام، فرغم أن الإعلام المصري ما زال يحجب الحقيقة حول ما يجري في الشارع من مظاهرات حاشدة، تواجه الرصاص والدبابات بصدور عارية، وبروح ثورية مبهرة، إلا أنه فشل في تغطية حجم الرفض الكبير للمرشح الأوحد، ذو الشعبية الواسعة بحسب الإعلام المصري!!
ليس للحرية حدود
دائما ما يظن الظلمة والمتجبرون، أن استخدام السلاح والقتل وغيرها من وسائل القمع سترهب الشعوب وتجعلها تستكين لرغباته، إلا أن هذه العقلية الفاشلة سرعان ما تنبهر بصمود الشعب وكفاحه، ومن ثم انتصاره وانتصار قضيته.
وما هذه الثورة الإلكترونية إلا أكبر دليل على ذلك، فهي انعكاس لحالة الروح الثورية الموجودة لدى الشعوب، لدى شعب شعر بمرارة ما جره العسكر على البلاد، وعاين القتل على الهواء مباشرة ضد المعتصمين العزل في رابعة والنهضة، وضد المنتفضين في الشوارع والجامعات.
هذا الشعب لم ينس أن هناك عشرات الآلاف من المعتقلين الذين يهانون ويعذبون في سجون العسكر لا لشيء سوى لأن الشعب اختارهم وأبدى ثقته فيهم في خمس جولات انتخابية عبرت بشكل حقيقي عن ضمير المصريين ورأيهم.
وفي ذات الوقت يتعجب غالبية المصريين من تغير موقف سلطة الانقلاب تجاه غزة، حيث تعتبرها كياناً معادياً، وفي المقابل تتقرب إلى دولة الاحتلال، لتحمي حدودها، وتحقق ما تريده عبر إحكامها لمحاصرة مليون ونصف فلسطيني في قطاع غزة!!
"إن محاولات العسكر وزبانيته إسكات الصوت المصري الحر تبوء بالفشل كل يوم، لأن الحرية ليس لها قيود تحدها، وإن أغلق المستبد باباً في وجهها فإنها ستجد ألف باب لتنطلق منه."
إن محاولات العسكر وزبانيته إسكات الصوت المصري الحر تبوء بالفشل كل يوم، لأن الحرية ليس لها قيود تحدها، وإن أغلق المستبد باباً في وجهها فإنها ستجد ألف باب لتنطلق منه. وهذه سنة كونية في كافة الشعوب، لكن الشعب المصري الذي صمد ضد ظلم العسكر وجبروته طيلة عقود لن يستكين لما يتعرض له، وكأن لسان حاله مسطر في هذه الأبيات التي قالها الشيخ القرضاوي:
ضع في يدي القيد ألهب أضلعي بالسوط ضع عنقي على السكّين
لن تستطيع حصار فكري ساعةً أو نزع إيمانـــــــــي ونور يقيني
فالنور في قلبي وقلبي في يديْ ربّي .. وربّي ناصري ومعيني
سأعيش معتصماً بحبل عقيدتي وأموت مبتسماً ليحيـــــــا ديني
إن هذه الحملات الإلكترونية تعبير صريح عن حالة الحقد على السيسي ومن معه، فهم الخونة الذين خانوا إرادة شعوبهم، والكاذبون الذين تخالف أفعالهم أقوالهم، ولا تكاد تجد تشابهاً بينهما سوى في القتل والاعتقال تحت ستار "محاربة الإرهاب".
واهم من يظن أنه يملك مفاتيح الحرية، وأنه قادر على سجن أرواح الأحرار، فهؤلاء وإن كانوا في السجون إلا أن مواقفهم تبعث الأمل والفخر والعزة، وتزيد من اشتعال ثورة الحرية في جميع الميادين، فصمود المسجونين وعلى رأسهم الرئيس مرسي، وقيادات الإخوان من الشيوخ والشباب، تؤكد على أن حريتهم وإن سلبت إلا أن نفوسهم عصية على الانكسار، تماماً كوصف الشاعر محمد إقبال:
إن الطيور وإن قصصت جناحها .. تسمو بفطرتها إلى الطيران
إن استمرار جذوة الثورة المصرية رغم كل ما تواجهه من عراقيل وتحديات، تؤكد على أن الشعوب الحية لا يمكن أن تنهزم مهما كانت قوة طواغيتها وفراعنتها، وأن النصر وشيك لا محالة، وهو بإذن الله قريب.