ستة وستون عاماً مرت على تلك المجزرة الرهيبة بحق أبناء شعبنا الفلسطيني في دير ياسين، والتي يصادف ذكراها اليوم الأربعاء التاسع من نيسان/ إبريل، حيث تشكل نقطة في سجل جرائم الاحتلال المستمرة حتى يومنا هذا.
ما بين 250-360 فلسطينياً سقطوا شهداء على أيدي عصابات "الآرغون" و"شتيرن ليحي"، الأمر الذي أثر كثيراً على أعداد المهاجرين الفلسطينيين ممن خذلهم العرب والمسلمون، فلم يدعموا صمودهم بأي شيء، وأدى هذا إلى زيادة عدد من فروا من بيوتهم خوفاً من تلك العصابات الصهيونية التي كانت تنال الدعم الكامل من الاستعمار البريطاني.
واليوم وبعد ستة وستين عاماً على المجزرة، يحق لنا أن نتساءل عن هذه الدماء التي سالت في دير ياسين وغيرها، هل ذهبت هدراً؟ وهل بات الفلسطينيون يتذكرون أنهم يواجهون عدواً لطخت يداه بدماء عشرات الآلاف من الفلسطينيين إن لم يكن أكثر؟!.
"لم تكن دير ياسين البداية و لا النهاية لسلسة "العربدة" الصهيونية على أرض فلسطين، حيث يستبيح في كل يوم دماء أهلها وأعراضهم وممتلكاتهم، بموجب تعاليمه التلمودية العنصرية، والتي تبيح لليهود فعل كل شيء بمن يعادونهم خصوصاً ممن يسكنون الأرض المقدسة!!"
لم تكن دير ياسين البداية ولا النهاية لسلسة "العربدة" الصهيونية على أرض فلسطين، حيث يستبيح في كل يوم دماء أهلها وأعراضهم وممتلكاتهم، بموجب تعاليمه التلمودية العنصرية، والتي تبيح لليهود فعل كل شيء بمن يعادونهم خصوصاً ممن يسكنون الأرض المقدسة!!
مذابح جديدة بأيدي فلسطينية!!
في ذكرى مجزرة دير ياسين لابد أن نعيد النظر بكيفية التعامل معها وما جرى بها، ولابد من فهم أبعاد ما جرى والتي يفهمها كل صاحب ضمير حي. أن هناك عدواً استباح الأرض، وسفك الدماء، وهجّر الناس من بلدانهم، وجلب اليهود من جميع البلدان ليوطنهم في أرضنا وبيوتنا.
ومن المؤسف فعلاً أن نجد الوضع بعد عقود على المجزرة قد ازداد سوءاً. فقادة الاحتلال يؤكدون أنهم حصلوا على وعود فلسطينية وعربية بأن القدس ستظل عاصمة للكيان الصهيوني، ناهيك عن الوضع المأساوي الذي تعيشه القدس، فلا يخلو يوم من هدم بيت أو تشريد واعتقال المقدسيين، بل باتت القدس منفصلة عن باقي المدن الفلسطينية، فلا يستطيع أبناء الضفة الغربية ممن تفصلهم المغتصبات الصهيونية أن يصلوا للقدس لأداء العبادة، إلا في رمضان، ولمن تجاوز الأربعين عاماً من الرجال.
إن السلطة الفلسطينية في رام الله ترتكب مذابح جديدة أشد بشاعة مما فعله الاحتلال في دير ياسين، حين يصرح أحد قادتهم أمس بأنهم تنازلوا عن 78% من مساحة فلسطين لليهود، وفي ظل تسريبات تؤكد أن المساوم الفلسطيني لم يبق على أي ثابت فلسطيني سوى أن ينال هو ومن معه امتيازات الـ VIP فقط.
ولست أدرى ما شعور أولئك حينما يسمعون بمذابح دير ياسين، وكفر قاسم، وحينما يتذكرون مذابح جنين، وغزة، وغيرها. وكيف تقبل ضمائرهم أن يجالسوا أولئك الذين قتلوا شعبهم وشردوا الملايين منهم في أنحاء المعمورة، فلا تكاد تجد بلداً إلا وفيه فلسطينييون يتمنون أن يحظوا برؤية وطنهم وتقبيل ترابه.
"إن الفلسطيني الذي يسعى قادة الاحتلال وسلطة رام الله لتدجينه وإرغامه على نسيان فكرة مقاومة الاحتلال، لا يمكن أن ينسى ما يعانيه ويكابده، كلما مر على حاجز صهيوني وعايش الإذلال والمهانة عليه، أو كلما رأى مغتصبة صهيونية تجثم على أرضه، ويحميها اليهود وأبناء جلدته بالتنسيق بينهما"
إن الفلسطيني الذي يسعى قادة الاحتلال وسلطة رام الله لتدجينه وإرغامه على نسيان فكرة مقاومة الاحتلال، لا يمكن أن ينسى ما يعانيه ويكابده، كلما مر على حاجز صهيوني وعايش الإذلال والمهانة عليه، أو كلما رأى مغتصبة صهيونية تجثم على أرضه، ويحميها اليهود وأبناء جلدته بالتنسيق بينهما.
إن ذكرى دير ياسين وغيرها من المجازر توقظ لدى كل فلسطيني حس المقاومة والعداوة لدولة يهود، فهي جزء بسيط تضاف إلى سلسة معاناة الشعب الوحيد في العالم الذي ما زال يتعرض للاستعمار، ولم ينل استقلاله وحريته، في ظل مجتمع يتغنى بالحرية والعدل لكن على مقاسه وليس وفق مطالب الشعوب.
إن الموافقة على ما يفعله المساوم الفلسطيني يعد إنكاراً لكل التضحيات والدماء الزكية التي سالت على الأرض الفلسطينية طيلة سنوات الصراع مع العدو الصهيوني، ويعد هدية مجانية لدولة الاحتلال تشجعهم على ارتكاب المجازر تلو المجازر بحق شعبنا، الذي يعاني الأمرين، ويكابد مشقة العيش وضنكها.
إن المطلوب من الفلسطينيين في الداخل والشتات، فصائل وشخصيات ومؤسسات ناهيك عن الإطار الشعبي العام، أن يستغلوا هذه الذكرى ليؤكدوا على الأمور التالية:
1- التأكيد على حق الشعب الفلسطيني بكل فلسطين، من بحرها إلى نهرها، وحقه التاريخي والقانوني بها، وحق عودة كل اللاجئين إليها، وأن لا مكان للغزاة على هذه الأرض، ولا اعتراف بدولتهم مهما كانت الظروف، فحق شعبنا بأرضه لا يسقط بالتقادم، ولا يسقطه مساوم مهما كان اسمه أو مكانته.
2- التفاف الشعب على خيار المقاومة، بكل صورها، المسلحة والشعبية والإلكترونية وغيرها، ودعم هذا الخيار بكل ما يمكن، ماديا ومعنويا وإعلامياً، وتعريف العالم بقضيتنا العادلة واضحة المعالم والحقوق. ويدخل في هذا كسر الحصار المفروض على إخواننا في غزة بسبب صمودهم ورفضهم المذلة للاحتلال ووقفوهم في وجهه ومقاومته.
3- نشر الوعي الشعبي على المستوى الفلسطيني والعربي والإسلامي بالقضية الفلسطينية، وما يرتكبه الاحتلال الصهيوني من جرائم يومية بحق شعبنا الفلسطيني.
4- تجريم التنازل عن الثوابت الفلسطينية، واعتبارها خيانة لدماء الشهداء وتضحياتهم ولتاريخ القضية الطويل، ورفض كل ما ينتج عنها من نتائج.
5- استغلال المحاكم الدولية ورفع الدعاوى القضائية على دولة الاحتلال وقادته، بحيث تضاف هذه الوسيلة إلى وسائل مقاومة الاحتلال ومكافحته، الأمر الذي يسبب له عزلاً وحرجاً في المحافل الدولية.
6- دعم صمود الفلسطينيين على أرضهم بكل السبل، خصوصاً ممن يسكنون في القدس وضواحيها، ودعم قضية المعتقلين والسعي للإفراج عنهم من سجون الاحتلال الصهيوني.