المصريون يصدرون شهادة حريتهم في انتخابات “رئاسة الدم”

الرئيسية » بصائر من واقعنا » المصريون يصدرون شهادة حريتهم في انتخابات “رئاسة الدم”
egypt-elect2

مرة أخرى، يثبت الشعب المصري أنه ما زال حياً وصامداً رغم كل الظروف التي تواجهه، فموقف المصريين خلال انتخابات "رئاسة الدم" والتي جاءت بعد الانقلاب على الشرعية، وقتل الآلاف من المخلصين من أبناء الشعب المصري، قد وجه صفعة قوية للانقلاب العسكري وكل من يؤيده وسار معه.

ورغم أن الانتخابات "الصورية" محسومة لقائد الانقلاب، الذي لم يترك أبواق الإعلام والناعقون والمنافقون طريقة إلا ومدحوه فيها، إلا أن الشعب المصري أثبت أن كلام الإعلام والصحفيين والمنافقين، ما هو إلا هباء وخزعبلات وأماني يتمناها الانقلابيون في تغاضيهم عن الحقيقة على الأرض.

لم يكن هذا المشهد هو المشهد الوحيد الذي نقض فيه الشعب المصري كل التوقعات والتخمينات، فثورة يناير كانت خارج التوقعات، وفوز الرئيس محمد مرسي كان بعيداً عن كل التخمينات، بل ومشهد صمود المصريين في رابعة والنهضة، وبقاؤهم في الميادين لما يقارب سنة كاملة، يشكل صفعات متتالية على وجه قادة الانقلاب ومن دار في فلكهم.

"إن السيسي وأعوانه نسوا أن للشعوب إرادة حرة لا تنكسر، وأن آلة القتل والإرهاب والتحريض واستخدام البلطجية والمحاكمات الهزلية، لا يمكن أن تثني الشعوب عن مواقفها، وطلبها الحرية والعزة، ورفضها للذلة والهوان"

إن السيسي وأعوانه نسوا أن للشعوب إرادة حرة لا تنكسر، وأن آلة القتل والإرهاب والتحريض واستخدام البلطجية والمحاكمات الهزلية، لا يمكن أن تثني الشعوب عن مواقفها، وطلبها الحرية والعزة، ورفضها للذلة والهوان.

إن موقف الشعب المصري في هذه الانتخابات، يعبر عن حالة رفض واسعة للانقلاب وما تبعه، وفي الوقت نفسه، يشير إلى عدم اكتراث المصريين بالديمقراطية المزيفة، والتي أثبت زيفها هدم العسكر لستة تجارب انتخابية مارسها المصريون بعد ثورتهم على نظام مبارك.

إن سلطة الانقلاب، رغم ما تلقته من دعم مالي وإعلامي ودولي، لم تستطع أن تحقق أي مطلب من مطالب المصريين، ولم تستطع أن تحافظ على إنجاز واحد من إنجازات الرئيس مرسي، بل جعلت مصر أمصاراً، وقسمت المصريين أقساماً، ظناً منها أن تفرقة المصريين هي أسهل الطرق للسيطرة عليهم، عملاً بمبدأ فرّق تسد.
لقد شاء الله أن يجعل في نظام الانقلاب كل العيوب التي كانوا يشيعونها في فترة حكم الرئيس مرسي، فالاقتصاد منهار، وسلطة الانقلاب أصبحت تمثل الفقير الذي يتقبل الصدقات بدءاً من الأموال مروراً بالملابس المستعملة، و"البطاطين". أما القضاء فأصبح مهزلة أمام العالم، وهو يصدر أحكام الإعدامات بحق المئات من رافضي الانقلاب، ناهيك عن تحصين قرارات السلطة وتحصين السيسي من الملاحقة والمحاسبة.

حتى المواطن البسيط، لم يعد يشعر بأية فائدة ملموسة من تلك الوعود التي وعدها أصحاب الانقلاب، فلا أمن، ولا وظائف، ولا كهرباء، وأزمة الخبز والوقود عادت كما هي إن لم تكن للأسوأ.

وبالإضافة لما سبق، كيف يمكن للمصريين أن يقبلوا بذاك الذي سفك دماء الآلاف في شوارع مصر وميادينها، وسجن وأهان بناتها، وأصبح يتودد للكيان الصهيوني العدو التاريخي لمصر.

"إن المصريين اليوم لم يوجهوا صفعة للانقلاب فحسب، بل وجهوا ضربات لكل الداعمين له، ووجهوا رسالة للعالم مفادها، أننا إن سكت بعضنا عن محاربة الانقلاب لبعض الوقت، فإننا لن نقر به، ولن نرضى بوجوده"

إن المصريين اليوم لم يوجهوا صفعة للانقلاب فحسب، بل وجهوا ضربات لكل الداعمين له، ووجهوا رسالة للعالم مفادها، أننا إن سكت بعضنا عن محاربة الانقلاب لبعض الوقت، فإننا لن نقر به، ولن نرضى بوجوده.

إن ما جرى في مصر خلال الأيام الماضية، ينفي وبشكل قاطع ضياع شعبية الإخوان المسلمين ورافضي الإنقلاب، ويؤكد على أن الشعب المصري يقف خلف المخلصين الحقيقيين، الذين ضحوا بكل ما يملكون في سبيل نهضة بلدهم، وتحملوا ما تحملوه في سبيل محاربة مظاهر الفساد والتخلف.

إن صمود الإخوان المسلمين ورافضي الانقلاب في الميادين والشوارع، شجع باقي المصريين على الثبات، وأعطاهم دفعة معنوية لمحاربة الانقلاب ورفضه، وهذا الصمود وإن كان الإعلام يسعى لتغطيته، إلا أن الحقيقة لا يمكن أن تختفي طيلة الوقت.
وانطلاقاً من هذا الموقف الذي يحسب للشعب المصري، ويعطيه شهادة تثبت حيويته وحريته، فإن على جماعة الإخوان المسلمين ومن معها من رافضي الانقلاب، أن يستغلوا هذا الأمر بالطريقة المثلى، فموعد الثورة الحقيقية الشاملة على العسكر والظلم لا شك أنه قريب، وهذا يحتاج إلى زيادة اللحمة مع الشعب المصري، واستخدام سلاح الوعي وفضح الانقلاب بطريقة ممنهجة.

وفي نفس الوقت، لا يعني هذا الأمر أن يتقاعس رافضو الانقلاب عن دورهم، فالمعركة لا شك أنها شرسة، تحتاج إلى زيادة الصلة بالله والتوكل عليه، والتخطيط الجيد الذي يوازن بين الشارع والإعلام والعمل السياسي.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتب فلسطيني، متخصص في الشريعة الإسلامية والسياسة، مهتم بالإعلام والتربية والتعليم.

شاهد أيضاً

من عوامل ثبات أهل غزة

قال تعالى: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم …