من صور الانضباط التنظيمي (1 من 2)

الرئيسية » خواطر تربوية » من صور الانضباط التنظيمي (1 من 2)
images

يعني العمل الجماعي اشتراك أكثر من فرد في إنجاز مهمة أو عدة مهام، وإذا كانت هذه المهام متعددة وفي قطاعات متباعدة الأطراف فإن إنجاز هذه المهمة في أقل وحداتها يحتاج إلى عمل جماعي موصوف بالتنظيم ومُحكم بآليات تضمن تحقيقها.

وحفظاً على وحدة الصف وتحقيقاً لأكبر قدر من الاستقرار للعمل، ومنعاً لتدخل الأهواء، وتغليباً لمصلحة الدعوة العامة على مصلحة الشخص الخاصة فإن الدعوة وضعت قوانيناً ونظماً ولوائحاً تضبط العمل وتسير فروعه المختلفة من أكبر وحدة تنظيمية في القطر إلى أصغر وحدة تنظيمية، وعلى الجميع أن يلتزم بها ويطوع نفسه على نظامها واحترامها.

فمن صور الانضباط التنظيمي أن يتقبل كل فرد داخل فريق العمل الدعوي موضع الجندية بنفس الروح والهمة العالية التي يستقبل بها وضع المسئولية والقيادة، وألا يتبرم أو يخرج على الصف أو يضيق صدره أو يتغير وجهه، وألا يقل عطاؤه وإتقانه للعمل إذا تغيرت مهمته وتحول من موضع المسئولية إلى الجندية، فإن ذلك من صميم العمل التنظيمي، وغضبه أو تذمره أو خروجه على الصف يكشف خللاً واضحاً في نيته وصدق توجهه في العمل الدعوي.

ومن صور الانضباط التنظيمي الالتزام باللوائح والقوانين المنظمة للعمل الدعوي والتي وضعتها الحركة لتحقيق ذلك، وألا يطلب أي فرد فيها استثناءاً لنفسه يراه واجب التنفيذ لعطائه المتميز في إنجاح الأنشطة التي كُلف بها، أو لإمكاناته العالية في الإدارة والإبداع، أو لثقته الزائدة في نفسه التي تجعله يرى أن مصلحة العمل تستوجب ذلك وغيره.

ومن صور الانضباط التنظيمي الالتزام بعرض رأي الحركة في الموضوعات التي تطرح على الساحة خاصة على المنابر الإعلامية أو التصريحات الصحفية ممن لهم صفة قيادية داخل الصف، أو ممن يعتبرهم الإعلاميون قياديين وإن لم يكونوا كذلك حتى لا يُحدث بلبلة في الصف، أو يختلط الأمر على المتلقي، وتظهر الحركة أمام الناس وكأنهم متناحرين مختلفين.

ومن صور الانضباط التنظيمي ألا تُحل الخلافات ومشاكل العمل الدعوي على الملأ وفي جو من التشاحن أو التلاسن، بل يجب أن تُحل الخلافات وفق الأطر العامة للعمل ومن خلال القنوات الشرعية لذلك، لا اعتلاء المنابر الإعلامية والصحفية وعرض وجهات النظر الشخصية وازدراء وجهة النظر الأخرى، بل يجب النزول والاحتكام إلى نظم الحركة ولوائحها والرضا بما تحكم به اللجنة الموكول إليها البت في هذا الخلاف.

ومن صور الانضباط التنظيمي السمع والطاعة للمسؤولين في غير معصية، فلا يُعقل أن يكون هناك عمل جماعي منظم أفراده لا يطيعون قادتهم، والباب أمام تحقيق هذا النوع من الانضباط هو الثقة المتبادلة بين القادة والجنود، فعلى الجندي الذي لا يسمع لقائده لشيء في نفسه أن يُصارحه به وأن يساعده في تجاوزه، وعلى القائد أن يسعى للحصول على تلك الثقة من جنوده، وأن يبذل من الجهد ما يجعلهم مطمئنين إليه.

وامتثال الأمر الصادر من القائد أو المسئول وإنفاذه في التو والحال في العسر واليسر في المنشط والمكره من ضروريات الانضباط التنظيمي، والحركة لن تستطيع أن تُنجز عملاً أو تحقق هدفاً وأفرادها لا يطيعون أوامر قادتهم أو يترددون في تنفيذها أو يقتلونها بحثاً وجدلاً وتنظيراً، فهذا كله لن يُنجز عملا "ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل".

ومن صور الانضباط التنظيمي إتباع الأعراف المتبعة في تسوية أي خلاف فكري أو دعوي أو شخصي باتباع التسلسل القيادي لذلك وعدم تجاوزه أو الخروج به إلى وسائل الإعلام بحجة الانفتاح وأن هذا أمر صحي، فأي فائدة ستعود من ذلك، وأي عقل يقبل أن تناقش مشاكله على الملأ وبهذه الصورة العلنية التي تزيد هوة الخلاف لا تضييقه؟!!!!

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

بين صناعة المفكر ونثر الأفكار

"الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده" على بداهة هذه القاعدة وكثرة تردادها، لا …