ومن صور الانضباط التنظيمي الالتفاف حول القادة والمسؤولين وتوحيد الصف وعدم الانسياق وراء دعاوى التفرق وتمزيق الصف بحجة الإبداع والتطور، وما الضير من التطوير والإبداع من خلال العمل المؤسسي المنظم ومن خلال اللوائح الموضوعة لذلك وبعيداً عن الرغبة في الظهور وحب الشهرة.
فإن من أخطر ما يهدد وحدة الصف أن يستجيب البعض للتشكيك في قادتهم، ويقبلوا التهكم عليهم، ويرضوا ببعض التقسيمات التي يرددها من يريد فتنتنا وتمزيق وحدتنا، وإضعاف قوتنا، كمن يقسم الحركة لحرس قديم وآخر جديد، شباب وشيوخ، قبلي وبحري، رجال ونساء، صقور وحمائم وغيرها من التقسيمات التي لا ينتبه إليها بعض الشباب المتحمس.
ومن صور الانضباط التنظيمي المحافظة على وحدة الصف وروح العمل الجماعي فيد الله مع الحركة ومن شذ شذ في النار وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، ومن أراد بحبوحة الجنة فليلزم الحركة، وأن ما نكره في الحركة خير مما نحب في الفرقة، وكدر الحركة ولا صفاء الفرد.
"من أخطر ما يهدد وحدة الصف أن يستجيب البعض للتشكيك في قادتهم، ويقبلوا التهكم عليهم، ويرضوا ببعض التقسيمات التي يرددها من يريد فتنتنا وتمزيق وحدتنا"
والعمل الجماعي المنظم مبني على قيادة مسئولة لها حق الطاعة، وأفراد عاملون مترابطون فيما بينهم، مخلصون لدعوتهم التي رضوا بأن يكونوا جنوداً في صفوفها، أي أن هناك شراكة بين القادة والجنود، هذه الشراكة قائمة على وحدة الفكر، ووحدة المقصد، وقد يتفق هذين الشريكين، وربما يختلفا في بعض الأحيان، ولكن تبقى الأخوة والوحدة ركيزتان لا يمكن التفريط فيهما عندما تصدق النفوس وتخلص النوايا، وتبقى الشورى الملزمة هي الفيصل في حسم أي خلاف، وكمال الطاعة المبصرة هي التي يجب أن ينزل عليها كلا الطرفين.
ومن صور الانضباط التنظيمي أن يعرض - كل صاحب فكرة متطورة، أو برنامج جديد يرى أن فيه مصلحة للحركة- على القيادة من خلال التسلسل الإداري المعمول به، والمنظم لتلك الآلية وله كل الحق في عرض فكرته من جميع جوانبها، وعلى القيادة أن توفر له هذا المناخ الحر الذي يُعبر فيه الفرد عن أفكاره وبرامجه مع عدم التشكيك في نواياه.
وعلى صاحب الفكرة أو المقترح أن لا يلزم قادته أو يسعى لإجبارهم أو يُخيرهم بين تطبيق فكرته والأخذ برأيه وبين الخروج عن الصف، والانشقاق عليه، فلو أن كل صاحب فكرة -رأى فيها صالحاً للحركة- لم يوافق عليها تذمر واعترض ووصف الرافضون لفكرته بضيق الأفق، والتسلط والجمود، وأنهم ضد الإبداع والتطور، وجعل من ذلك سبباً للخروج منها، وتكوين جبهة مناهضة مدعياً أن الحق معه ولابساً ثوب المظلوم المضطهد مستجلباً عطف الآخرين، لما كان هناك جماعة ولا تنظيم ولا عمل، والحقيقة أنه ما اعترض ولا خرج على إخوانه وما فعل ذلك إلا انتصاراً لرأيه، وتحيزاً لفكرته.
وإن مما يجب أن يلتزم به الجميع أن يتجنبوا الأساليب الحزبية ونعني بها التحزب لأشخاص بعينهم أو التعصب لأرائهم في مسائل مختلف فيها، بل يجب أن يلتزم الجميع للرأي الذي انتهت إليه الشورى، لما يترتب على عدم الالتزام من متاعب وتصديع للصف، وتعويق للعمل.
"من صور فقه الانضباط التنظيمي أن يعلم الأخ أن هناك دوائر مختلفة للشورى وليس من الضروري أن يتم تداول كل الأمور في كافة المستويات الشورية حتى تصل لأقل وحدة تنظيمية"
ومن صور فقه الانضباط التنظيمي أن يعلم الأخ أن هناك دوائر مختلفة للشورى وليس من الضروري أن يتم تداول كل الأمور في كافة المستويات الشورية حتى تصل لأقل وحدة تنظيمية بل إن هناك قضايا يتم مدارستها وتقليبها على كافة الأوجه والاحتمالات وتمحيص عواقبها ونتائجها الايجابي منها والسلبي في مستوى أعلى ثم تنزل إلى المستويات الأدنى للتنفيذ، فيجب هنالك السمع والطاعة وعدم إضاعة الوقت والجهد في مدارستها مرة أخرى، مع كفالة الحق لأي فرد أن يبدى ملاحظاته وآراؤها حولها، ويتقدم بذلك رسمياً إن أراد، فإن جاء الجواب بالسلب أو الإيجاب طويت الصفحة وانخرط الجميع في التنفيذ الموافقون والمعارضون.
ومن صور الانضباط التنظيمي الالتزام التام بكل مواعيد العمل الدعوي وأنشطته وعدم التخلف عنه إلا بعذر شرعي يقبله الله تعالى قبل أن يقبله المسئولين، فإن هذا الالتزام كفيل بإنجاح العمل وتميزه، وصبغه بصبغة الجدية والانضباط، أما التفلت والاستهتار فيعني إهدار الوقت والجهد دون فائدة.