وفاة الداعية الجزائري الدكتور أحمد شرفي الرّفاعي

الرئيسية » بصائر من واقعنا » وفاة الداعية الجزائري الدكتور أحمد شرفي الرّفاعي
chorfi rifai

انتقل إلى رحمة الله تعالى يوم الأربعاء الماضي 28 أيار (مايو) 2014م،العالم والداعية الجزائري الشيخ أحمد شرفي الرّفاعي بعد حياة حافلة بالدَّعوة والعطاء والتعليم والتصنيف، وكان صاحب فكر نيّر وقلم مبدع وجرأة في قول الحق وصراحة في النقد البنّاء، يتحدّث عن نفسه فيقول: "أنا لا أخاطب المسلمين ككاتب ولا أكتب عن الإسلام كمفكر ولا أستخدم الأساليب التقليدية المحنطة، لكنَّني أتنفّس آلامي وآلام أمتي من خلال القلم والكلمات بصفتي مسلم يلاحظ سقوط حضارته ولا يملك إلاّ أن يصرخ في وجه جميع أبناء جلدته بالخطر الداهم، لأنَّ الانتماء واحد والجرح واحد والدم واحد وأملنا في الله عز وجلّ واحد".

وكان رحمه الله من منظري الصَّحوة الإسلامية في الجزائر ومفكرّيها والداعين إلى وحدة الصف الإسلامي والتحذير من الانقسام والتشرذم، وكانت له الأيادي البيضاء على الكثير من أبناء الصحوة والحركة الإسلامية في الجزائر، وكان رحمه الله وفيّاً لمبادىء الحركة الواعية التي آمن بها وأحبّها ومخلصاً وصادقاً في انتمائه الرّوحي والفكري لها.

وأسّس مع أخويه الشهيد محمَّد بوسليماني والإمام الشيخ محفوظ نحناح - رحمهم الله جميعاً وأسكنهم فسيح جنّاته - جمعية الإرشاد والإصلاح الوطنية، وشغل منصب رئيس تحرير مجلة الإرشاد لسنوات ثلاث (89-90-91).

حياته في سطور:

من مواليد 1934م، ببلدية خنشلة في الشرق الجزائري، وله من الأولاد  ستة.

درس في معهد عبد الحميد بن باديس بمدينة قسنطينة من 1948م إلى 1952م، وانتقل إلى جامع الزيتونة بتونس ودرس به سنوات 1954-1956م، ودرس بالأزهر في القاهرة سنوات 1956-1957م، ثمَّ بجامعة بغداد سنوات 1958-1961م، وواصل دراسته العليا بكلية الآداب جامعة القاهرة سنتي1961-1962م.

عمل كأستاذ مشارك في تدريس الحديث النبوي الشريف وفقه السيرة في المعهد الوطني للتعليم العالي في الشريعة بباتنة 1996م، ومدير لمعهد الحضارة الإسلامية بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية من 1987م إلى 1989م، ورئيس المجلس العلمي لمعهد الآداب واللغة العربية 1989-1990م.

من أقواله وأفكاره:

يرفضُ الشيخ شرفي اعتبار المسؤولين وحدهم هم المفسدون وهم الظالمون وسواهم ضحاياأبرياء، ويؤكّد أنَّ الجميع مفسدون بالمشاركة أو بالصمت، والكل مساهم في الظلم بعدم بيان العدل.

كما ينكر النظر إلى قضايا المسلمين من خلال مسجد معين أو جماعة معينة أو عمل خيري معين، وغضَّ الطرف عن عشرات الملايين ومئات الملايين من المسلمين الذين لا نشعر بحاجتهم وحرمانهم وما يعانون من الظلم والقطيعة من طرف إخوانهم في العقيدة في كلّ أصقاع الدنيا.

ويحذّر من خطورة الخطاب التبريري وخطاب المزايدات والمناسبات وخطاب الرّياء والنفاق، ويعلّل -رحمه الله– رفضه وإنكاره لهذه الأعمال والأفكار من منطلقات شرعية وأخلاقية وتاريخية.. ويقول: "إذا كانت أخطاؤنا كثيرة وجسيمة تاريخيا وواقعيا، فإنَّ أشنعها هو المبالغة في تزكية أنفسنا وتبريرها من كل خطأ وإلقاء اللوم على الحكام وحدهم والتبعية على الإستعمار والجهات الخارجية، والواقع أن خصومنا يستغلون أخطائنا لحماية مصالحهم وهذا حقهم الطبيعي، بينما العدو الأكبر والأخطر على المسلمين هم المسلمون أنفسهم الذين قدموا للبشرية أسوأ النماذج التي لم تثمر بها الصحوة ولم ينهض بها الدين".

ويقول: "عندما أقرأ تاريخنا الإسلامي منذ عهد بني أمية إلى اليوم أصل إلى نتيجة هي: أن المؤسسة السياسية منذ ذلك التاريخ إلى اليوم فشلت فشلاً ذريعاً في إدارة أمور المسلمين، والمستقبل أمامنا مرهون بأمرين: أن يتحرَّر العلم، وأن يتحرَّر الدّين، وعندما يتحرَّر هذان الأمران يتحرَّر الإنسان الذي لا يكون حبيس فكرة أو عصبية؛ حيث يولد إنسان الفكرة وإنسان القضية وإنسان المشروع".

مبادرة وطنية:

في شهر أيار (مايو) من عام 2013م، أطلق الشيخ شرفي مبادرة وطنية شاملة للخروج من الأزمات المتعدَّدة على الرَّغم من المرض الذي ألمَّ به فأتعبه وأقعده،يعرض فيها للمشكلات المستعصية وحالة الانقسام والتخبّط والتنافر بين مكونات المجتمع، ويستشرف مستقبلاً صعباً في ظل الفوضى والصراع والانقسامات، وتداخل الوطني مع الإقليمي والدولي.

وممّا جاء فيها: "إنَّ إهدار حق المجتمع في مراقبة السلطة ومحاسبتها، ومعاقبتها إن أخلت بواجباتها الاجتماعية الوطنية لهو مساس كبير بالثورة ذاتها وبمصداقيتها، وبدماء الشهداء وتضحيات المواطنين؛ ذلك أنَّ الثورة نفسها إنجاز اجتماعي وطني، حيث لم يكن للجزائر سنة1954م جيش ولا سلطة. ونجاحها إنجاز اجتماعي إضافي تحقق بفضل التضحيات الجسيمة للمجتمع، لذلك كان ينبغي أن يكون حق المجتمع في المراقبة والمحاسبة خطا أحمر لا يسمح بتجاوزه مهما كانت المبرّرات".

ويصف مبادرته بالقول: "إنَّ هذه المبادرة تنتظر من الجميع أن يتذكروا آلام ومآسي الحقبة الاستعمارية، وآمال وطموحات الشهداء الأبرار، وفي المقابل عليهم أن يتناسوا ذواتهم ويتجاوزا عوارض الأحداث وتقلباتها، ويمعنوا بثقة في الله وأمل النظر إلى المستقبل المشرق في ظل الوحدة والتعاون بين أبناء الوطن الواحد. فذلكم هو الحل الحقيقي والدائم، وهو المخرج من كل المشكلات والأخطار التي تلوح من بعيد".

من مؤلفاته:

ترك العديد من المؤلفات تقارب 22 مؤلفاً من أشهرها التعريف بالقرآن الكريم، وجراح التاريخ وعاهاته، والسيرة النبوية الشريفة دلالات وعبر، ومفهوم جماعة المسلمين عند الإمام أبي يعلى ومقتضياته.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

من عوامل ثبات أهل غزة

قال تعالى: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم …